رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


خبراء الاقتصاد الأمريكي: الحرب التجارية ضد الصين تهدد الاقتصاد مع تصاعد المخاوف من نقص المعروض

29-4-2025 | 15:03


الحرب التجارية تهدد الاقتصاد الأمريكي

حذر خبراء الاقتصاد الأمريكي من أن الحرب التجارية التي شنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الصين متمثلة في الرسوم الجمركية الهائلة، والتي أثارت بالفعل اضطرابات كبيرة في واشنطن وبورصة "وول ستريت" لأكثر من شهر، قد يتفاقم أثرها حال استمرت لتؤثر في المرحلة التالية على ركائز الاقتصاد الأمريكي.

ونوهت وكالة "بلومبرج" الأمريكية أنه منذ أن رفعت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على الصين إلى 145% في أوائل أبريل، انخفضت شحنات البضائع إلى الولايات المتحدة بشكل حاد، ربما بنسبة تصل إلى 60%، وفقًا لتقديرات إحدى المصادر، ولم يشعر العديد من الأمريكيين بعد بتلك الانخفاضات، لكن التأثير سيصل قريبا إلى المستهلكين.

وبحلول منتصف مايو، ستحتاج آلاف الشركات - كبيرة كانت أم صغيرة - إلى تجديد مخزوناتها، وهو ما حذر بشأنه كبار تجار التجزئة في الولايات المتحدة مثل "وولمارت" و"تارجت" ترامب في اجتماع الأسبوع الماضي، مشيرين إلى أن المتسوقين من المحتمل أن يواجهوا رفوفا فارغة وأسعارا أعلى.

وحذر تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في شركة "أبولو مانجمنت"، من نقص محتمل في السلع يشبه تأثيرات جائحة كورونا، ومن تسريح كبير في العمالة في قطاعات مثل النقل واللوجستيات والتجزئة.

وأظهر ترامب في الأيام الأخيرة بعض الاستعداد للتراجع عن الرسوم الجمركية المفروضة على الصين ودول أخرى، لكن قد يكون الوقت قد ولى على تدارك الموقف وتأثيره السلبي على الاقتصاد الأمريكي، والذي من المتوقع أن يمتد حتى عطلات عيد الكريسماس في ديسمبر القادم.

وقال جيم جيرسون، رئيس شركة "جيرسون كومبانيز" المتخصصة في توريد زينة العطلات بالولايات المتحدة، من أن "الوقت يمر بسرعة"، مضيفا أن الشركة تستورد أكثر من نصف منتجاتها من الصين، ولديها حاليًا حوالي 250 حاوية تنتظر الشحن، مؤكدا: "يجب علينا إيجاد حل لهذه المشكلة، وأملنا أن يكون قريبا جدا".

ولفتت "بلومبرج" إلى أنه حتى إذا هدأت الحرب التجارية، فإن استئناف التجارة بشكل مفاجئ عبر المحيط الهادئ سيحمل مزيدا من المخاطر، حيث قامت صناعة الشحن البحري بتقليص قدرتها لتتناسب مع الطلب الأضعف خلال الفترة الحالية، ما يعني أن ارتفاع الطلب على السلع نتيجة تخفيف الحرب التجارية من المحتمل أن يسبب ازدحاما في الشبكة اللوجستية، ما قد يتسبب في تأخيرات وزيادة التكاليف، وهو ما حدث خلال جائحة كورونا عندما ارتفعت أسعار الحاويات إلى 4 أضعاف وزادت حركة السفن التجارية التي انسدت موانئها.

وقال لارس جنسن، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات البحرية "فيسبوتشي مارين"، إن هناك "زيادة في الازدحام في الموانئ وبالتالي على الشاحنات والقطارات مما يسبب تأخيرات واختناقات"، مضيفا أن "الموانئ مصممة لاستيعاب تدفقات مستقرة، وليست للتغيرات المستمرة في حجم البضائع".

وجاءت الرسوم الجمركية الأمريكية على الصين في وقت حرج لقطاع التجزئة، حيث يبدأ الموردون في مارس وأبريل بتكثيف المخزون استعدادا للمرحلة الثانية من العام لتلبية الطلب على سلع العودة إلى المدارس وعيد الميلاد، ومن المفترض أن تصل السلع المخصصة لأول العطلات إلى الولايات المتحدة في غضون أسبوعين تقريبا.

وقال جاي فورمان، الرئيس التنفيذي لشركة "باسيك فن" لصناعة الألعاب - والتي توفر منتجات لشركات مثل "أمازون" و"وولمارت" - "نحن في حالة شلل"، مشيرا إلى أن الرسوم الجمركية على الصين هي بمثابة "حظر فعلي"، لافتا إلى أن العملاء قد أوقفوا طلباتهم حتى الآن، لكنه يتوقع أن يبدأوا في إلغائها إذا استمرت الرسوم على هذا المستوى لفترة أطول.

وأضاف فورمان - الذي تحقق شركته مبيعات تقدر بنحو 200 مليون دولار سنويًا وتستورد حوالي 90% من منتجاتها من الصين - "أمامنا بضعة أسابيع، ثم سيبدأ الضرر الكبير"، مؤكدا: "نحن في فترة يمكن إدارة الضرر خلالها، لكن مع كل أسبوع يمر، سيزداد مستوى الضرر".

وتظهر بداية صدمة المعروض في آسيا، حيث ترسو حاليًا حوالي 40 سفينة شحن قادمة من موانئ الصين، وهي الآن في طريقها إلى الولايات المتحدة، ما يمثل انخفاضًا بنسبة 40% مقارنة بأوائل أبريل، وفقًا لبيانات تتبع السفن التي جمعتها وكالة "بلومبرج"، لافتة إلى أن هذه السفن تحمل حوالي 320 ألف حاوية، أي أقل بمقدار الثلث من العدد الذي كان موجودا بعد إعلان ترامب عن رفع الرسوم الجمركية على معظم السلع الصينية إلى 145%.

ومع أن السلع الصينية أصبحت أغلى، بدأ بعض مالكي الشحنات في الولايات المتحدة بالتحول إلى الموردين في جنوب شرق آسيا، حيث أعلنت شركة "هاباج لويد" الألمانية - وهي خامس أكبر ناقل للحاويات في العالم - أنها تشهد إلغاء حوالي 30% من الحجوزات من الصين إلى الولايات المتحدة، وفي المقابل شهدت الشركة زيادة حادة في الأعمال من المصدّرين في كمبوديا وتايلاند وفيتنام.

ومع تراجع الطلب على السلع من الصين إلى الولايات المتحدة بشكل سريع، خفضت شركات الشحن قدرتها لتجنب انهيار أسعار الشحن البحري، حيث شهد شهر أبريل إلغاء حوالي 80 رحلة شحن من الصين إلى الولايات المتحدة، وهو ما يزيد بنسبة 60% عن أي شهر خلال جائحة كوفيد، وفقًا للأرقام التي ذكرها جون مكوان، أحد كبار التنفيذيين في صناعة الشحن.

وحذرت منظمة التجارة العالمية من أن حجم السلع المتداولة بين الولايات المتحدة والصين قد ينخفض بنسبة تصل إلى 80%، ما يدعم وصف وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت للوضع الحالي بأنه بمثابة حظر تجاري فعلي.

وتعد حالة عدم اليقين هذه جزئيا السبب في قول الاقتصاديين إن الركود في الولايات المتحدة أصبح احتمالا واقعيا، حيث يتوقع الخبراء الذين استطلعتهم "بلومبرج" أن تنخفض الواردات بمعدل سنوي قدره 7% في الربع الثاني من العام الجاري، وهو أكبر انخفاض تشهده البلاد منذ جائحة كورونا.

ودفع ذلك بعض الاقتصاديين إلى تعديل توقعاتهم الخاصة بالتضخم، حيث من المتوقع أن تدفع هذه الصدمة الأسعار للارتفاع، وقال بعض التنفيذيين إن أسعار السلع القادمة من الصين قد تتضاعف لبعض المنتجات، وهو ما سيحدث في وقت تتدهور فيه مشاعر المستهلكين بشكل حاد.

وإذا استمرت حرب التجارة مع الصين لبضع أسابيع أخرى، سيضطر الموردون وتجار التجزئة إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن النصف الثاني من العام، بما في ذلك السلع التي يجب شحنها وكم يجب رفع الأسعار، كما أنه من المتوقع أن تستجيب العديد من الشركات لهذه الأزمة بتقليص التكاليف، بما في ذلك تسريح العمال، أو اللجوء إلى الديون باهظة الثمن.