«نوادي المسرح» مختبر حرّ للإبداع والمهرجان ثورة لا تتوقف!
في زمنٍ تتزاحم فيه العروض وتتفاوت فيها الإمكانيات، يبقى المسرح الحقيقي هو ذاك الذي ينبض من قلب الشغف ويولد من رحم التحدي! ومن بين كواليس نوادي المسرح»، تخرج تجارب تُشبه الحلم، لكنها تسكن الواقع بكل وجعه وجماله... هناك حيث لا تحكم الفكرة إلا موهبة صادقة، ولا يقود المخرج إلا خيالٌ جريء!
وفي الدورة الـ32 من المهرجان الختامي لـ «نوادي المسرح»، والذي يقام في الفترة من 24 إبريل إلى 10 مايو الجاري، يطل علينا المخرج محمود ياسين بتجربة جديدة تحمل اسم «الوهم»، تجربة لا تهرب من الواقع، بل تغوص فيه، تُحلّله وتُعيد تشكيله على الخشبة، حيث يلتقي الجمهور بالفن في صورته الأصدق، وقدم العرض على مسرح قصر ثقافة القناطر الخيرية، والتقينا بالمخرج و لنتعرف على تجربته ورحلته مع «نوادي المسرح» وأحلامه معه.
حدثنا عن العرض المشارك به في المهرجان الختامي للدورة الـ 32.
أشارك بالمهرجان من خلال مسرحية «الوهم»، والتي تمثل لي فرصة لاختبار أفكار إخراجية جديدة، والتعامل مع فريق عمل يمتلك شغفًا حقيقيًا بالمسرح، والمسرحية ليست تجربتي الإخراجية الأولى؛ لكنها مثل أي تجربة إخراجية أخرى، أعتبرها بمثابة بداية جديدة، فكل عرض مسرحي يحمل تحدياته الخاصة، ويفتح لي أفقًا جديدًا للتعلم والتطوير على المستوى الفني».
ومسرحية «الوهم» تمثل تجربة مهمة لي كمخرج، فهي أتاحت لي فرصة العمل على رؤية فنية خاصة وتقديمها للجمهور بأسلوب احترافي، ورغم التحديات الإنتاجية التي تواجهنا في «نوادي المسرح»، فإن هذه التحديات نفسها تصبح دافعًا للإبداع والابتكار في أساليب التنفيذ».
ولماذا اخترت نص الوهم وهل هو مناسب لفلسفة نوادي المسرح؟
«اخترت مسرحية «الوهم» للكاتب مصطفى سعد، لما تحمله من أبعاد نفسية وفلسفية عميقة، لأنها تمنح مساحة كبيرة للتجريب على مستوى الإخراج، وتدور المسرحية حول الإنسان وصراعه مع أفكاره، التي تسجنه وحيدًا، وكيف يمكن أن يكون الوهم أكثر راحة من مواجهة الحقيقة، وكان هذا تحديًا بالنسبة لي كمخرج، لأن العرض ليس مجرد حبكة درامية تقليدية، بل هو حالة نفسية تحتاج إلى ترجمة بصرية على الخشبة.
وعملت على تقديم رؤية تعتمد على خلق عالم بصري يعكس التشوش والصراع الداخلي الذي تمر به الشخصيات، واستخدمت الإضاءة بأسلوب غير تقليدي، بحيث تعكس الحالة النفسية لكل مشهد، كما صممت السينوغرافيا بطريقة تجعل المكان ذاته جزءًا من الإحساس بالوهم، وكأنه فضاء يتأرجح بين الحقيقة والخيال».
واعتمدت أيضًا على الأداء الحركي والتعبير الجسدي للممثلين، بحيث ينقلون المشاعر والأفكار دون الحاجة إلى حوار مباشر في بعض اللحظات، مما يمنح الجمهور فرصة للغوص في أعماق التوتر النفسي الذي يعيشه أبطال المسرحي، وكان هدفي تقديم تجربة بصرية ودرامية تدفع الجمهور للتساؤل: هل ما نراه هو الحقيقة، أم أنه مجرد وهم صنعناه لنحتمي به؟»
وماذا يمثل لك مشروع نوادي المسرح؟
المشاركة في مهرجان «نوادي المسرح».. خطوة محورية لأي مخرج أو فنان مسرحي، إذ تمنح مساحة حقيقية للتجريب والتعبير عن رؤى إبداعية غير تقليدية، أما التصعيد إلى المهرجان الختامي، فهو تأكيد على أن العرض المسرحي الذي قدمناه، وصل إلى الجمهور وترك أثرًا ملموسًا، وهو أمر يزيدني حماسًا ومسؤولية في تقديم العرض بأفضل صورة ممكنة».
كيف ترى التصعيد للمهرجان الختامي والمنافسة على مستوى الجمهورية؟
المهرجان الختامي يُمثل فرصة استثنائية لمشاهدة تجارب متنوعة، والتفاعل مع جمهور ونقاد مهتمين بالمسرح، وهو ما يجعله تجربة تعليمية لا تقدر بثمن، سواء على مستوى تطوير رؤيتي الإخراجية، أو فهم تأثير العرض المسرحي على الجمهور».
إن «نوادي المسرح» والمهرجان لهما دور جوهري في إثراء المشهد المسرحي المصري، إذ يقدمان منصة حقيقية للتجريب والإبداع، بعيدًا عن قيود الإنتاج التجاري، إنها المساحة التي انطلق منها العديد من المخرجين والممثلين والمؤلفين، حيث يمكننا تقديم رؤيتنا المسرحية بجرأة واختبار أفكار جديدة أمام جمهور حي.
و لا أرى «نوادي المسرح» مجرد محطة عابرة، بل هي مختبر فني يساعدني على تطوير أدواتي كمخرج، والتفاعل مع فنانين شباب يشاركونني الشغف بالمسرح؛ أما المهرجان، فهو ليس مجرد فرصة للعرض، بل تجربة تعليمية حقيقية، يتم من خلالها تبادل الأفكار مع الجمهور والنقاد، مما يسهم في إثراء التجربة المسرحية لكل من يشارك فيها».
وهل قيدتك الميزانية القليلة الخاصة بنوادي المسرح أم حررتك من القيود نحو الابتكار؟
«مهرجان «نوادي المسرح» ليس مجرد فعالية لتقديم العروض؛ بل هو تجربة إبداعية خالصة تعكس جوهر المسرح كفعل فني قائم على التجريب والتفاعل المباشر مع الجمهور، فلسفته تقوم على تحرير العملية المسرحية من قيود الإنتاج الضخم، ليعود المسرح إلى جوهره الأصيل: الإنسان، الفكرة، والتجربة الحية.
والمهرجان بمثابة مختبر مسرحي، حيث يلتقي الفنانون في فضاء مفتوح على التجريب والبحث، ويختبرون حدود اللغة المسرحية بأبسط الأدوات وأكثرها صدقًا. هنا، لا يكون السؤال عن مدى ضخامة الإنتاج أو بريق الديكور، بل عن جوهر الفكرة، وقوة الأداء، وتأثير اللحظة المسرحية على المتلقي».
المهرجان.. ثورة إبداعية مستمرة
وما يميز «نوادي المسرح» أنها تجربة فنية لا تقدم إجابات جاهزة، بل تطرح أسئلة جديدة حول طبيعة المسرح، دور الفنان، وعلاقته بالمجتمع، إنه مسرح الضرورة، حيث يُعاد تشكيل العلاقة بين الخشبة والجمهور، وحيث يصبح الأداء طقسًا فنيًا يعيد تعريف الواقع من خلال الوهم المسرحي، ومن هنا، أرى أن المهرجان يمثل ثورة إبداعية مستمرة، حيث يكتشف المسرحيون إمكانياتهم الحقيقية، بعيدًا عن أي سلطة أخرى سوى سلطة الإبداع ذاته».
عرفنا بفريق العرض المسرحي الوهم
عرض«الوهم» إنتاج قصر ثقافة الفيوم.. تأليف مصطفى سعد، إضاءة وإخراج محمود ياسين
تمثيل.. أحمد حليم في دور «الرجل»، مارينا نبيل «الفتاة»، مروان إيهاب «الفتي»، ضياء يحيى «الصاحب 1»، عمرو محمد «الصاحب 2»، محمد أحمد «الشاب 1»، محمد أيمن «الشاب 2»، جنة اسامة «الأم».
تصميم ديكور وملابس مروان إيهاب، تنفيذ ديكور حازم عادل، إعداد موسيقى أحمد عبد الحليم، مكياج يسرا محمود، تصميم دعاية فرحة أحمد، مساعد مخرج محمود عبد الحليم و عبد الرحمن حسين، مخرج منفذ خالد محمد.








