رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


في ذكرى ميلادها.. زينات صدقي سيدة الكوميديا التي رسمت البهجة على وجوه المصريين

4-5-2025 | 08:30


زينات صدقي

لؤلؤة النجمي

في مثل هذا اليوم، الرابع من مايو، من عام 1912، وُلدت واحدة من ألمع نجمات الكوميديا في تاريخ السينما المصرية، الفنانة زينات صدقي، التي جاء ميلادها في حي الجمرك العريق بمدينة الإسكندرية، لتمضي بعدها في رحلة استثنائية حافلة بالعطاء الفني، خطّت خلالها اسمها بحروف من نور في سجل الخالدين من فناني الوطن العربي.

 

بدأت زينات حياتها وسط بيئة شعبية بسيطة، حيث نشأت بين أزقة الإسكندرية القديمة. ورغم حبها المبكر للفن، وتحديدًا للتمثيل، واجهت معارضة أسرية شديدة؛ إذ لم تكن الأسرة تتقبل بسهولة انخراط فتاة في ذلك الزمن بالفن التحقت زينات في البداية بـمعهد أنصار التمثيل والخيالة الذي أسسه رائد المسرح العربي زكي طليمات، ولكن مسيرتها التعليمية قُطعت حين قرر والدها تزويجها عنوة، مما أدى إلى انقطاعها عن الدراسة الفنية لكن زواجها لم يستمر سوى عام واحد، سرعان ما عادت بعده إلى الساحة الفنية بإصرار أشدّ وطموح أكبر.

 

بدأت زينات صدقي أولى خطواتها في عالم الفن كمطربة ضمن بعض الفرق الموسيقية، قبل أن تكتشفها الصدفة الذهبية حين التقاها نجيب الريحاني، الذي آمن بموهبتها وقدّمها على خشبة المسرح في أحد عروضه، ومنحها اسم "زينات"، الذي اقترن لاحقًا بلقب "صدقي"، ليصبح هذا الاسم علامة فنية مميزة في كل بيت عربي.

 

خلال مسيرتها، شاركت زينات في ما يزيد عن 400 عمل سينمائي ومسرحي، وهو رقم ضخم يُظهر مدى غزارة عطائها وتنوع أدوارها، وإن كانت قد اشتهرت بشكل خاص بالأدوار الكوميدية التي أدّتها بخفة دم طبيعية، جعلت الجمهور يتعلق بها من النظرة الأولى. أدّت دور الخادمة، والعانس، والجارة الثرثارة، لكنها لم تكن تكرّر نفسها، بل كانت تضفي على كل شخصية روحًا مميزة. ومن أشهر عبارات زينات التي خلدتها الذاكرة الشعبية

"عوّض عليا عوض الصابرين يا رب"و"يا سارق قلوب العذارى"،وهي عبارات لا تزال حاضرة في الوجدان، يتداولها محبو الفن القديم حتى يومنا هذا.

 

عملت زينات مع كبار نجوم السينما والمسرح، من أمثال يوسف وهبي، إسماعيل ياسين، أنور وجدي، شادية، وعبد الحليم حافظ وقد شكّلت ثنائيًا لافتًا مع إسماعيل ياسين في عدد من الأفلام، لعل أبرزها "إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين"، و"ابن حميدو"، و"الآنسة حنفي"، حيث جسّدت ببراعة نموذج المرأة المصرية البسيطة، بحركاتها وكلماتها وتعابير وجهها القادرة على إضحاك الناس دون افتعال.

 

رغم مسيرتها الطويلة والمبهجة، لم تكن حياة زينات صدقي خالية من الألم فقد واجهت في سنواتها الأخيرة تجاهلًا فنيًا وإهمالًا من بعض الأوساط، إلى أن جاء الرئيس الراحل محمد أنور السادات ليكرّمها في عيد الفن عام 1976، ويعيد لها بعضًا من الاعتراف الذي تستحقه، في لحظة اعتبرها الكثيرون لفتة إنسانية وتاريخية في آنٍ واحد.

 

وبعد هذا التكريم بعامين، وتحديدًا في 2 مارس 1978، أسلمت زينات صدقي الروح بعد معاناة مع مرض مياه الرئة، لتغيب عن عالمنا جسدًا، وتبقى في الذاكرة إرثًا فنيًا خالداً لا يُنسى.