الانحياز الكامل للوطن، والإصرار على تأمين حاضره ومستقبله، فلسفة رئاسية لا تخطئها عين على مدى أكثر من 11 عامًا منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية البلاد، فهو يتحرك فى مسار التنمية فى كل اتجاه لتحقيق نقلة نوعية فى جميع المجالات، ولم يغفل قطاعًا على حساب آخر، ولم ينشغل بملف دون غيره، بل مسيرة البناء فى الجمهورية الجديدة تتواصل على الجبهات كافة، وتستمر على الاتجاهات جمعاء، رغم زيادة الأحمال على الدولة التى تنوء من حملها الجبال، لكن إرادة التطوير حاضرة، وعزيمة التعمير متواصلة، وفى الوقت نفسه دائمًا الرئيس عينه على المواطن من أجل التخفيف من همومه، والتقليل من أعبائه، وتوفير الحياة الكريمة له من المسكن إلى فرصة العمل، وبالطبع الفئات الأولى بالرعاية على رأس الأولويات الرئاسية من خلال تعدد المبادرات والبرامج لتحسين معيشتهم، ورفع كفاءة الخدمات لهم.
لا يُنكر إلا جاحد أو صاحب غرض ـ والغرض مرض ـ أن هذا النهج الرئاسى فى الانحياز للوطن والمواطن معًاأصبح واقعًا ملموسًا يُرى بالعين فى كل المناطق وجميع المحافظات، وتترجمه الأرقام والإحصائيات التى لا تتجمل، ناهيك عن شهادات المنظمات الدولية سواء كانت رسمية أو غير رسمية، وهى بالطبع لا تجامل ولا تتملق، لأن هذا المسلك الحميد معالمه مرفوعة القواعد، عالية البنيان، ظاهرة التأثير فى الجمهورية الجديدة التى أيقظت الطاقات، وشحذت الهمم، وفتحت الأبواب إلى المستقبل الزاهر بعد عقود طويلة من الحنين للماضى وأمجاده، وعدم القدرة على مسايرة الحاضر بخطواته السريعة، وفقدان الثقة فى ملاحقة المستقبل بتطوراته الجامحة، فها هى منظومة المشروعات والمبادرات القومية فى كل مكان تفتح ملايين البيوت بفرص عمل لائقة، وتطور المرافق والخدمات، وتوفر الرعاية الصحية والعلاجية بلا حساب، وتقيم قلاعًا صناعية تنتج ليل نهار، وتستصلح أراضى فى عمق الصحراء لتضاعف الرقعة الزراعية وتؤمِّن الغذاء لكل المصريين، مع شبكة طرق تصل إلى عموم البلاد كشرايين تنمية تربط مناطق الإنتاج بالأسواق داخليًا وخارجيًا، إلى جانب جهود جبارة فى التعليم والاستثمار وبقية الملفات، وفى القلب منها الأمن القومى بكافة محدداته، وهذا وغيره يصب فى مصلحة الوطن والمواطن.
صحيح، لا نقول إن الدولة حققت العلامة الكاملة فى كل الملفات، أو أنجزت جميع المهام، ولا ندعى أن أغلب مشكلات المواطن تم حلها، وأنه يعيش فى رغد من العيش، ويأكل المن والسلوى، وكل الخدمات «عال العال»، لكن أيضًا من الإنصاف أن نُقر بما حدث من نقلة نوعية فى المرافق عامة، وما حصل من تحسن فى معيشة غالبية المواطنين نتيجة لانحيار الرئيس إلى المواطنين، من الريف بعد إطلاق المبادرة الرئاسية حياة كريمة لتغيير شكلالحياة فى كل القرى وتوابعها بميزانية تتعدى التريليون جنيه، وهؤلاء من أهلنا فوق الـ50 بالمائة من السكان، وقبلها إنفاق أكثر من 10 تريليونات جنيه على مشروعات البنية التحتية فقط، ثم الدعم الضخم لأهالى العشوائيات على مستوى الجمهورية وليس فى القاهرة الكبرى فقط بتطوير المناطق كافة، وقد وصلت فاتورتها إلى عدة مليارات من الجنيهات، مرورًا بالانحياز الرئاسى للشباب عبر عدة قرارات ومبادرات لا تسمح المساحة بسرد تفاصيلها أو نتائجها المعروفة للجميع، وصولاً إلى برامج الحماية الاجتماعية لفئات عريضة من المصريين، تأكيدًا على أن الدولة تستهدف دائمًا المواطن من وراء كل تلك الجهود، فهو الأولوية تنفيذًا للتوجيهات الرئاسيةعلى الدوام.
ورغم أن قناعتى راسخة بالتزام الرئيس السيسى الاتجاه الإجبارى فى الانحياز للمواطن مع ضمان الصالح العام مهما كانت القرارات شاقة، والمواقف صعبة، فلا مهادنة فى الحق، ولا تردد فى مسار الإصلاح على المستويات كافة، واتباع سياسة الحلول الجذرية بعيدًا عن المسكنات فى عموم الملفات، لكن طالما لكل قول حقيقة، سأضرب بعض الأمثلة القريبة خصوصًا أن أهل الشر يواصلون صناعة الشائعات المغرضة ليل نهار، ويتربصون بنجاحات المصريين من كل الاتجاهات بهدف تكدير الناس، وإفساد الفرحة بكل قرار أو إنجاز، فى بداية هذا الأسبوع خلال احتفالية عيد العمال، وهم جيش مصر من الأيدى العاملة، أنصف الرئيس صنايعية مصر بعدانتظار على أحر من الجمر لسنوات طويلة، عندما أعلن فى كلمته التوقيع على إصدار «قانون العمل الجديد»، الذى يُعتبر نقلةً نوعيةً فى مسيرة الحقوق العمالية، لأنه يتضمن مكتسبات واضحة للعمال، ويرسّخ مفاهيم حماية العمال وإنصافهم، ويؤكد على الحقوق المستحقة للمرأة العاملة، ويعزز ضمانات الأمن الوظيفى للعاملين، ويتوافق مع مواثيق واتفاقيات العمل الدولية، ويرسخ بيئة عمل مستقرة ومتوازنة، تواكب تطلعات الجمهورية الجديدة، مع توجيهات رئاسية للحكومة بالعمل على الانتهاء من مشروع قانون العمالة المنزلية، وإجراء حوار مجتمعى حوله، والتوسع فى مد الحماية الاجتماعية إلى فئات العمالة غير المنتظمة، وصرف إعانات عند الوفاة، وتنفيذ مبادرة لتنمية مهارات الشباب، من خلال منح مجانية، لتأهيلهم على الاحتياجات الفعلية لسوق العمل، والعمل على سرعة الفصل فى القضايا العمالية، للحصول على المستحقات دون تأخير، وتشكيل لجنة دائمة، لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، فور إطلاقها.
وطالما الشيء بالشيء يُذكر، انحياز الرئيس لعمال مصر متواصل وليس جديدًا، ففى الاحتفال بعيد العمال العام الماضى، كلَّف الحكومة بزيادة قيمة الحد الأدنى للإعانات التى يصرفها صندوق إعانات الطوارئ للعمال، 1500جنيه كحد أدنى للعامل، وإنشاء مركز تدريب متكامل لتدريب الشباب على المهارات اللازمة لسوق العمل، مع استمرار العمل على استشراف وظائف المستقبل، وقيام وزارة العمل بإعداد استراتيجية وطنية متكاملة للعمل على نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية وضمان تحقيق اشتراطها، وزيادة معدلات ذوى الهمم ودمجهم فى سوق العمل، ورفع نسب تشغيل النساء وتمكينهن اقتصاديًا، بالإضافة إلى تحقيق الحماية القانونية الواجبة للعمال، وأيضًا فى احتفالية 2023 أصدر الرئيس قائمة من القرارات لصالح العمال منها إنشاء صندوق إعانة الطوارئ، للعمالة غير المنتظمة، والبدء بتفعيل عمله فور انتهاء الإجراءات القانونية، بصرف قيمة إعانة عاجلة، للعمالة غير المنتظمة وغير المستفيدة من برامج الحماية الاجتماعيـة، قدرهـا «1000» جنيـه، وإصدار وثيقة جديدة من شهادة «أمان»، السابق إصدارها عام 2017 لتغطية التأمين على الحياة، وإصابات العمل للعمالة غير المنتظمة، والتأكيد على كافة منشآت القطاع الخاص، والقطاع العام وقطاع الأعمال العام، بالالتزام بالنسبة المقررة قانونًا «5فىالمائة»، لتشغيل الأشخاص ذوى الإعاقة، وقيام الوزارات والجهات المعنية، بالتنسيق مع القطاع الخاص، بسرعة الانتهاء من الإجراءات الرامية، للعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين فى مجال العمل، وتحقيق بيئة عمل آمنة.
كما أننى توقفت هذا الأسبوع مع مناقشات مجلس النواب لقانون الإيجار القديم، والذى تحدث عنه الرئيس السيسى بصراحة تامة فى مؤتمر «حكاية وطن» 2023 انحيازًا للحق، ومراعاة لمصلحة الدولة والمواطن على السواء، لأن بقاء الوضع على ما هو عليه، يعنى فقدان 2 مليون وحدة سكنية تُقدر قيمتها بتريليون جنيه، مما يستوجب إصدار قانون ينظم العلاقة بين الملاك والمستأجرين، كما أن حكم المحكمة الدستورية العليا فى 2024 بعدم دستورية بعض مواد القانون الحالى ألزام الحكومة والبرلمان باقتراح بدائل، وكعادة الرئيس السيسى يفتح كل القضايا الشائكة بلا حسابات طالما الغاية صالح البلاد والعباد، والمؤكد أن القانون الجديد سيراعى حقوق كل الأطراف، ويضمن الحفاظ على تلك الثروة العقارية فى ظل إهمال ملاكها لصيانة المبانى نتيجة لتدنى حصيلة الإيجار القديم، ويمنع تكدس المحاكم بملايين القضايا من الملاك فى حالة تباطؤ إصدار هذا القانون، فضلاً عن تحريك سوق العقارات وضخ مئات الملايين فى شرايين الاقتصاد الوطنى، وبالتالى الحس الرئاسى بشأن هذه الأزمة نابع من الانحياز للوطن والمواطن فى المقام الأول.
ويتجلى انحياز الرئيس السيسى للوطن فى الموازنة الجديدة التى تدور حولها المناقشات داخل البرلمان وخارجه مؤخرا، فشعارها «موازنة النمو والاستقرار والشراكة مع مجتمع الأعمال»، وتسعى للوصول إلى فائض أولى فى حدود 795 مليار جنيه، أى نحو 4 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى، مع خفض العجز الكلى لنحو 6.9 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى، وتراجع الدين العام لمعدل 82.9 بالمائة من الناتج المحلى لأجهزة الموازنة، بالإضافة إلى تحقيق معدل نمو بنسبة 4.5 بالمائة، وخفض نسبة التضخم من 19.5 بالمائة إلى 13 بالمائة.
أما فيما يؤكد الانحياز الرئاسى للمواطن فى هذه الموازنة، فهو بالأرقام الكاشفة لا يحتاج حتى التفسير أو التحليل، ومنها على سبيل المثال تخصيص 742,5 مليار جنيه للحماية الاجتماعية بنمو سنوى 16,8 بالمائة، فقد تضمنت 160 مليار جنيه لدعم السلع التموينية لتخفيف الأعباء عن المواطنين، 150 مليار جنيه لدعم المواد البترولية والكهرباء لتأمين قطاع الطاقة وضمان توفر احتياجات المواطنين والتنمية، و54 مليار جنيه للإنفاق على الضمان الاجتماعى «تكافل وكرامة»، 45 مليار جنيه للإنفاق على الأدوية والمستلزمات الطبية،15,1 مليار جنيه لعلاج المواطنين على نفقة الدولة لضمان توفر خدمة صحية متميزة للمصريين، ولم تتوقف بنود مشروع الموازنة الجديدة عند هذا الحد، بل هناك 27 مليار جنيه نفقات خدمية أخرى تشمل الصرف الصحى والنظافة، 227 مليار جنيه كمساهمات فى صناديق المعاشات، 13,6 مليار جنيه لدعم إسكان محدودى الدخل، 3,5 مليار جنيه لدعم توصيل الغاز الطبيعى للمنازل لزيادة المستفيدين بالمدن والقرى، 5,2 مليار جنيه للسكة الحديد، 1,8 مليار لاشتراكات الطلبة والمترو، 2,5 مليار للركاب بالقاهرة والإسكندرية.
الخلاصة، إن الانحياز الرئاسى للوطن والمواطن تؤكده الأرقام الدالة، وتجسده الوقائع الواضحة، وفى أحيان كثيرة تكون التوجيهات الرئاسية للحكومة فى إطار التخفيف عن كاهل المواطنين أكبر من قدرتها، وأعلى من استطاعتها، لأن الرئيس السيسى لا يشغله إلا توفير الحياة الكريمة لأهله وناسه، ويراهن دائمًا على وعيهم فى استمرار معركة التنمية، وهزيمة كل المؤامرات ضد الأمن القومى المصرى.
حمى الله مصر وشعبها وقيادتها
ومؤسساتها الوطنية من كل سوء.

