رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


د.فتحى خضير .. أستاذ جراحة التجميل بطب «القاهرة»: 70٪ من حقن «الفيلر والبوتكس» تتم بشكل تجارى عشوائى

9-5-2025 | 21:06


دكتور فتحي خضير استاذ جراحة التجميل بكلية الطب جامعة القاهرة

إيمان النجار

«ضوابط حقن الفيلر والبوتكس».. «أسباب تكرار الشكوى من المضاعفات».. «حالات الوفاة».. هذه الملفات وغيرها الكثير وضعناها على طاولة الحوار مع الدكتور فتحى خضير، أستاذ جراحة التجميل، كلية الطب، جامعة القاهرة، بحثًا عن «رأى علمى» «قوى ومهنى» يزيح الستار عن واحدة من المشكلات التى باتت حاضرةً فى المجتمع المصرى، عنوانها «الفيلر والبوتكس».

 

«د. فتحى»، فى بداية حديثه، تطرق إلى بداية استخدام حقن الفيلر والبوتكس فى مصر فى نهاية التسعينيات وأهميتها، ولكن سرعان ما سيطر الحزن والانفعال عليه لما أصبح عليه الوضع حاليًا من دخول غير متخصصين واستخدام أدوية مجهولة المصدر وما نتج عن ذلك من عشوائية.

 

أستاذ جراحة التجميل، انتقل بعد ذلك للحديث عن الضوابط والشروط العلمية والمهنية الواجب توافرها لحقن البوتكس والـ «البادى فيلر»، مطالبًا الجهات المسئولة بتشديد الرقابة على أماكن تقديم الخدمة، كما طالب بإعادة تنظيم للتخصص من قبل لجنة متخصصة، وذلك قبل أن ينهى حديثه محذرًا من الانسياق وراء إعلانات الـ«سوشيال ميديا».

«د.فتحى»، بدأ حديثه قائلاً: هوس الحقن بالفيلر والبوتكس موجود فى العالم كله وفى بعض الدول موجود بنسب أعلى وفقًا للحالة الاقتصادية لديهم، وتاريخيًا بدأت أحقن فيلر وبوتكس فى مصر عام 1997، أى منذ نحو ثلاثين عامًا، وظل الوضع تقريبًا سبع أو ثمانى سنوات حتى 2005 نحو أربعة أطباء هم من يُجرون الحقن فى مصر ودول الخليج كانوا يأتون لمصر، و«البوتكس» فى الأساس دواء يعالج مشكلات وأمراض بالمخ والأعصاب، وكان أشهر مرض يعالجه هو الصداع النصفى، واكتشف الأطباء أثناء استخدامه لعلاج الصداع النصفى والشلل الرعاش وغيرهما من الأمراض أنه يؤدى إلى بسط العضلات فيزيل التجاعيد، فبدأ جراحو التجميل فى العالم فى استعماله، ولأنه دواء ولأنه يحقن، فلا بد لمَن يحقنه أن يكون أخصائيًا فى التخصص وليس فى تخصص آخر، وفى مصر متخصص تعنى إنهاء فترة التدريب المعتمدة فيما بعد التخرج، فلكى يحقن الطبيب «بوتكس» كدواء يتبع التجميل لا بد أن يكون أمضى فترة التدريب كأخصائى تجميل سواء «ماجستير أو زمالة أو بورد مصرى»، وفى كلا الحالتين التدريب مدته 4 سنوات بعد إنهاء فترة الامتياز، أى شخص آخر يحقن دواء يخص التجميل فهذا غير صحيح، فنحاول وضع هذه الضوابط حتى لا يحدث تخبط.

 

استمر «د. فتحى»، فى حديثه عن «البوتكس»، موضحًا أنه «يعالج التجاعيد، يعالج تشنجات العضلات، يعالج الصداع النصفى، يعالج التعرق الزائد فى بعض الحالات، وكل ما سبق تدخلات طبية لا بد أن مَن يقوم بها على الأقل أخصائى، لكن للأسف خلال الـ30 سنة الماضية، منذ بدأنا استخدامه فى التسعينيات، وصل بنا الحال أنه أصبح يحقنه أشخاص حتى ليسوا خريجى كلية الطب، أو طبيب امتياز، وهذه أمور غير صحيحة، المشكلة أنه حدث فى الفترة الأخيرة خلال الـ15 سنة الأخيرة أن دخل مستثمرون فى افتتاح مراكز طبية للتجميل، إذن أصحاب رأس المال ليسوا أطباء، اشتروا عيادات كثيرة، يتم تعيين أطباء بها، ويحصلون على الترخيص على أساس هؤلاء الأطباء، فنجد شركة خدمات تجميل فى مصر على سبيل المثال تمتلك نحو 20 عيادة منتشرة فى أماكن مختلفة وتُعين 3 أطباء مثلاً بكل عيادة، وبدأوا يتنازلون عن فكرة كونهم «أخصائي»، على اعتبار أنها مجرد حقنة، وفى المقابل للأسف السوشيال ميديا والدعاية جعلت المواطن نفسه غير فاهم أو واعٍ، فقط تذهب الحالة ويتم الحقن وهى غير مدركة إذا كان دكتورًا أم لا، فللأسف وصلت لدرجة وجود أشخاص خريجى تجارة وعلاج طبيعى وتخصصات أخرى ليس لها علاقة بأن يكون متوفرًا لديه رخصة أن يحقن دواء مؤثرًا على الجهاز العصبى والعضلى للجسم».

أستاذ جراحة التجميل، تابع: الواقع يقول إنه توجد مشكلة، ويبدو أن هذه الشركات التى تمتلك سلاسل المراكز الطبية لها تأثير قوى، وهدفهم أولاً وأخيرًا تحقيق الأرباح للأسف، ويعتمدون فى ذلك على إنفاق أموال كثيرة على الدعاية فى السوشيال ميديا لإقناع المواطنين وجذبهم، وللأسف نجحوا فى ذلك مما جعل الوضع الكارثي، لدرجة أن فئات كثيرة ممن يتعدى دخلهم رقمًا معينًا فى الشهر أصبحوا يتجهون لهذه الحقن، ولم يعد الأمر يقتصر على شريحة معينة أو سن معينة، فأصبحت الفتيات فى سن صغيرة يردن عمل «كات لوك وفوكس لوك».

 

«د.فتحى»، انتقل بعد ذلك للحديث عن الـ«فيلر»، مشيرًا إلى أنه «مادة لزجة مصنعة من بروتين (هيالورنيك أسيد)، وهذا البروتين يخلق فى المعامل فى الخارج كان فى البداية تنتجه أوروبا فقط ثم أصبح يُنتج فى كوريا والصين وتايلاند، وتم ترخيصه وتوفيره فى مصر، لكن للأسف ليست كل الحقن الموجودة بالسوق مرخصة، واستخدام الـ(فيلر) يتمثل فى أنه يملأ مكانًا ناقصًا أو يملأ خطًا، والمفترض أن الأخصائى المدرب يبحث عن الجزء الناقص الذى يتطلب التدخل ولا يتبع الموضات أو الترندات التى تنتهى بشكل غير مقبول وتصرف غير صحيح، فالمفترض أن هناك أفرادًا يعانون من ضمور بسبب مشكلة صحية أو بسبب نقصان وزن نتج عنه أن أجزاء فى الوجه أو الجسم أصبحت ناقصة، وهنا يتم التدخل بالـ(فيلر) للإبقاء على شكلها الطبيعي، والـ(فيلر) فى البداية كان عبارة عن حقن تُحقن بالوجه، فمع تقدم العمر يحدث ضمور بالخدود، ضمور فى الشفاه وفى الأجزاء حول الفك، وعندما استخدم حول العالم تم اكتشاف بعض السلبيات، ومن ثم التحرك لتجنب حدوث هذه السلبيات، ومنذ نحو خمس سنوات تكنولوجيا الأشعة بالموجات الصوتية قدمت لنا جهازًا مهمًا يمسك باليد أثناء الحقن يوضح مكان الأوردة والشرايين حتى لا يتم الحقن بها، ويعرضها حتى على التليفون باليد، وفور ظهوره حرصت على توفيره لأنه سيخدم المترددين وقدمت محاضرات كثيرة عنه، لكن عدد الأطباء الذين يستخدمونه حتى الآن قليل».

 

وتابع: حاليًا فى أوروبا ممنوع حقن الـ«فيلر» فى الجسم بدون استخدام جهاز الموجات الصوتية أثناء الحقن ليرى الطبيب المكان الذى يحقن فيه ويتم الحقن بشكل صحيح، وفى مصر يجب تطبيق ذلك بحيث إن العلاج الحر أو الجهات المسئولة تصدر قرارًا بألا يتم حقن الفيلر فى منطقة «المؤخرة» بالأخص بدون أن يكون الطبيب مدربًا على استخدام جهاز الموجات الصوتية ويستخدمه أثناء الحقن هذا ما يتم فى أوروبا وأمريكا، فهل الجهات لدينا تطبق ذلك؟.. الإجابة «للأسف لا يطبق لدينا».

 

«د. خضير»، لفت إلى أهمية «إعادة تنظيم لهذا التخصص من قبل الجهات الرقابية، لابد أن تشكل وزارة الصحة لجاناً قوية ذات مستوى علمى عال فى هذا التخصص، لأنه للأسف يوجد استخفاف بالوضع رغم أنه قد ينتهى بالوفاة كما حدث فى بعض الحالات بجانب التعرض للمضاعفات، كما يجب على وزير الصحة أن يعطى هذه اللجان تفويضًا لوضع نظم مثلما يحدث فى العالم، وكيفية استخدام هذه الأدوية»، على حد قوله.

كما تساءل أستاذ جراحة التجميل: هل حقن الـ«فيلر» والـ«بوتكس» كإجراء طبى أمر سيئ؟، وذلك قبل أن يجيب: لا ليست سيئة، فالبوتكس أنقذ حياة أفراد كثيرين، فيوجد أطفال حديثو الولادة يعانون من توقف عمل المثانة وعلاجها الوحيد حقن البوتكس، أيضًا طفل مولود بشلل نصفى وعلاجه حقن البوتكس، فالبوتكس دواء مهم لا يختصر فقط فى إجراءات التجميل، فحقن الفيلر والبوتكس يحقق نتائج ناجحة جدًا، لكن بشروط، «الطبيب مرخص، المكان مرخص، الحقن مرخصة»، فهى أدوية ناجحة والبوتكس هو رابع دواء مبيعًا فى العالم، بعد الأسبرين والفياجرا ودواء المعدة، لكن ما حدث هو الدعاية والإعلان حول الاستخدام فى التجميل فقط، فهو دواء مرخص ومسعر، وبالتالى استخدامه يجب أن يكون له شروط.

 

وأكمل: بالنسبة لحقن الـ«بادى فيلر» والمقصود بها الحقن للتكبير منها لـ«المؤخرة»، والقول إنه يجرى فى المراكز ولا يحتاج غرفة عمليات، هذا أمر خاطئ جدًا ويعكس ما وصل إليه الحال فى التخصص، الـ«بادى فيلر» يجب أن يحقن فى غرف عمليات معقمة، فالبيئة المعقمة بغرفة العمليات خطوة مهمة جدًا، مثلاً فيلر الوجه ممكن يحقن بالعيادة أو المركز أمر عادي، لكن حقن الفيلر فى الجسم الـ«بادى فيلر »، سواء فى المؤخرة أو فى الثدى لا بد أن يحقن فى غرف العمليات، الطبيب معقم والحالة التى يتم لها الحقن معقمة، فلا بد أن يكون التعقيم على مستوى عملية جراحية حتى لو يستخدم إبرة فقط، فللأسف لدينا مشكلة فى مصر أنه لا يزال المعتقد السائد أن الجراحة تعنى مشرط، فى حين أن الجراحات تطورت وقل الاعتماد على المشارط، وبالتالى لا بد لمن يحقن الفيلر بالجسم أن يكون جراحًا ويتم الحقن فى غرفة عمليات وبتعقيم كامل وباستخدام جهاز موجات صوتية تشخيصية يوضح الأوردة والشرايين للطبيب أثناء الحقن، لأن بدونه تحدث أخطاء كأن يتم الحقن داخل وريد بالمؤخرة، وهذه الأوردة منها ما هو متصل مباشرة بأوردة الرئة فيحدث انسداد وهذا شيء معروف بالعالم كله، وفى فترة من الفترات فى أوروبا وأمريكا تم منع حقن «المؤخرة» حتى ظهر جهاز الموجات الصوتية فتم السماح بإجرائها فى وجود هذا الجهاز يستخدمه طبيب مدرب على استخدامه بشهادة معتمدة وفى مصر تكون الجهة المجلس الصحى المصرى.

 

الغضب والانفعال بل والحزن كان واضحًا خلال حديث «د.فتحي»، فهو رائد جراحات التجميل، وهو من بدأ هذا التخصص وهو من طالب وأقنع وزارة الصحة ووجه الشركات للحصول على توكيل حقن «الفيلر والبوتكس»، وقال: أقنعت وزارة الصحة فى عام 1998 أن هذا الدواء جيد ويجب دخوله مصر، فأن تحدث هذه المهازل فى خلال الـ30 سنة أمر يحزننى جدا، فأصبح سوقًا عشوائيًا، فعلى سبيل المثال أولاً عند طلب ترخيصًا لمركز تجميل لا بد من معرفة مصدر رأس المال، فمن يفتتح 20 مركزًا والهدف الأساسى هو تحقيق الأرباح ويتم تعيين أشخاص غير أخصائيين، فيعانى سوق التجميل فى استخدام حقن الفيلر والبوتكس من العشوائية، فللأسف 70 فى المائة يتم بشكل تجارى عشوائي، ونحو 30 فى المائة فقط ما يتم بشكل طبى وعلمى، وهنا لا بد من التوعية ومواجهة فكرة العشوائية لدى المواطن نفسه لأن العشوائية تمنح أموالاً لغير الكفء، فتخصص التجميل فى مصر بدأ كإجراء جيد وجميل ورائع وعلى يد أساتذة كبار ومحترمين، ولكن بعد ثلاثين سنة الموضوع أصبح عشوائياً، ورغم وجود نماذج كثيرة لشباب أطباء رائع فى هذا التخصص وعلى درجة عالية من التدريب والكفاءة إلا أنهم ليسوا من نراهم على السوشيال ميديا .

 

«سوق الفيلر والبوتكس» تحدث عنه «د. فتحي» قائلاً: بالنسبة للأسعار فالبوتكس دواء مسعر ومعروف سعره، أما الفيلر ويحكمه السوق، ولكن بصفة عامة أسعار الحقن لدينا أرخص وتعادل ثلث سعرها فى دول الخليج، لكن للأسف السوق يعانى من وجود حقن غير مرخصة ومهربة وتباع فى العيادات، لذا يجب تشديد الرقابة على هذه الأماكن.

 

وشدد «د. فتحى»، على أنه «لا بد من تشكيل لجنة مسئولة عن تنظيم هذا التخصص، وهذا ممكن يحدث بالتعاون بين إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة والمجلس الصحى المصري، ولدينا القوانين التى تسمح بذلك، خاصة أن الوضع خرج عن المسار الطبيعى ويحتاج تنظيم ووضع معايير صحيحة»، ناصحًا المواطنين بحسن اختيار من يقوم بالحقن، فأولاً يجب أن يكون طبيبًا حاصلاً على ترخيص، يكون متخصصاً وعلى الأقل أخصائى، استشارى، ولا مانع أن يطلع على الرخصة، ثانيًا الدواء المستخدم لا بد من التأكد من كونه مرخصًا ومختومًا من قبل وزارة الصحة، ثالثًا أن يكون الإجراء المطلوب فى المعقول، فمثلاً الشفاه رفيعة نسبيًا ونريد ضبطها أمر مقبول، لكن أن نرى شفاهاً بهذه الأحجام أمر غير مقبول وله أضرار لأنه تم النفخ بشكل مبالغ فيه، وهذه المشاهد نتيجة لدخول غير المتخصصين للمجال، على حد قوله.

 

كذلك، حذر أستاذ جراحة التجميل، من الانسياق وراء إعلانات السوشيال ميديا بشكل عشوائى، مجددًا الطلب بأن يكون هناك قانون ينظم هذه المسألة وهذا موجود فى العالم كله، أنه عند تقديم إعلان أو المادة الدعائية يكتب أن هذا إعلان مدفوع.