رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«الحقن الآمن» يبدأ من الطبيب

9-5-2025 | 21:49


الدكتور احمد صادق استشاري الامراض الجلديه و التناسليه مدير مستشفى الحوض المرصود

بقلم : د.أحمد صادق

جلد الإنسان هو أكبر عضو موجود فى الجسم منذ الولادة وحتى الشيخوخة، وهو خط الحماية الأول للجسم، وكذلك هو مرآة الجسم الخارجية وانعكاس لحالة الأعضاء الأخرى، ولذلك فإن الجلد الصحى انعكاس لصحة بقية أعضاء وأجهزة الجسم كله، فشكل جلد الإنسان هو أول واجهة لنا عندما نقابل الآخرين، وهو ما يترك الانطباع الأول عند أى مقابلة، ولذلك فإن الحفاظ على شكل الجلد هو حفاظ على صحته، وهو انعكاس للصحة العامة والحفاظ عليها.

تطور الاهتمام بشكل الجلد وصحته على مدار العصور والأجيال، فكما يقول علماء علم الاجتماع: «إن الأجيال الأقدم ازداد اهتمامها بشكل الجلد تدريجيا، ولكن الأجيال الأحدث تهتم بكل ما يفيد الجسم ومن ضمنها صحة الجلد وشكله، وهم أكثر انفتاحا على مفاهيم صحة وجمال الجلد واهتماما بها وممارستها بانتظام ومتابعة كل ما هو جديد وحديث خاص بها، ولذلك تعد الإجراءات الجلدية التجميلية غير الجراحية من أكثر الإجراءات الطبية المطلوبة على مستوى العالم حاليا، وبالأخص من الأجيال الأحدث».

 

‏ويجب علينا عند الحديث عن الإجراءات الجلدية التجميلية الاهتمام بمعرفة مدى فائدتها وانعكاسها المباشر على صحة الجلد لنتمكن من تقييمها وبناءً عليه اختيار الأنسب لنا، حيث تهتم الإجراءات الجلدية التجميلية غير الجراحية بطبقات البشرة المختلفة وبالأخص فى الوجه، حيث تتعدد تلك الطبقات التشريحية وتتناغم لتتمكن من إبراز تعبيرات الوجه المختلفة عند كل فرد بشكل يجعله لا يشبه الآخر، وهذه نقطة هامة جدا لا يجب إغفالها عند القيام بأى إجراء تجميلى، ويدركها جيدا كل طبيب متخصص فى علم تجميل الجلد غير الجراحى.

 

‏تتعدد أنواع الإجراءات التجميلية غير الجراحية للجلد، من مواد مختلفة تستخدم لتقشير الجلد ومواد أخرى تستخدم من خلال الحقن داخل الجلد أو فى العضلات المتناغمة مع جلد الوجه أو فى طبقة الدهون السطحية أو العميقة للوجه وكذلك فى طبقات الجلد المختلفة فى أماكن الجسم المختلفة، ولكل إجراء منها مزايا مختلفة عن الآخر، حيث لا بد من تقييم احتياجات الجلد المحددة لتحديد الإجراء الأمثل الذى يجب تطبيقه للوصول للنتيجة المثلى المرغوبة من المريض والتى يستطيع الطبيب المتخصص تقديمها من خلال هذه الإجراءات الاحترافية، وهنا يجب ألا نغفل الدور الكبير الذى تقوم به أجهزة الليزر والأجهزة المبنية على الطاقة وأجهزة العلاج الضوئى فى قيامها بتجديد خلايا البشرة والتعامل مع بعض المشكلات السطحية للجلد مثل الندبات والتصبغات والتجاعيد السطحية والعميقة.

 

من أشهر تلك الإجراءات والتى ذاع صيتها فى السنوات الأخيرة وكثر الحديث عنها وزاد الطلب لتنفيذها هى حقن مادة البوتكس داخل الجلد، وقبل أن نبدأ فى الحديث عن التفاصيل الهامة لحقن تلك المادة، يجب التنويه بأنها من أكثر المواد الآمنة التى يمكن استخدامها فى الإجراءات الجلدية التجميلية غير الجراحية، التى حصلت على أعلى موافقات الأمان وإمكانية الاستخدام فى الإجراءات الطبية والتجميلية من أعلى الهيئات الدولية منذ ما يزيد على الخمسة وثلاثين عاما.

 

يعد استخدام «البوتكس» حتى الآن هو الحل السحرى الوحيد لتقليل تجاعيد البشرة التعبيرية، فإن حقن البوتكس بتركيزات بسيطة فى نقاط معينة فى عضلات وجه الإنسان؛ والتى قطعًا تختلف من إنسان لآخر طبقا لقوة عضلات وشدة تعبيرات وجهه؛ مما يؤدى إلى تخفيف حدة تعبيرات الوجه وكذلك تقليل شكل وعمق التجاعيد التعبيرية. هذا ويعد الأفضل من العلاج هو الوقاية من خلال البداية فى سن مبكرة لحقن جرعات قليلة من عقار البوتكس داخل عضلات الوجه والاستمرار على الحقن بانتظام إلى الحفاظ على نضارة البشرة وتقليل من سرعة تأثير عوامل السن عليها، وهو المفهوم الذى بدأ يطلق عليه فى الآونة الأخيرة «Prejuvenation» وهو المفهوم الذى يتبعه كثير من الأجيال الأحدث سنًا «Millennials & Gen Z»، وغالبا من بعدهم أجيال «ألفا» و«بيتا»، وقطعًا تختلف طريقة الحقن بين الرجل والمرأة نظرا لاختلاف إطار الوجه وتعبيراته والنسبة بين مختلف أجزائه، وكذلك تختلف الجرعات طبقا للعمر وطبقا لعدة عوامل أخرى، ولا أنسى أن أؤكد أن حقن البوتكس الهدف منها تقليل ظهور التجاعيد والتعبيرات السلبية على الوجه وليس الحد من تعبيرات الوجه على الإطلاق مما يقلل من التواصل بين البشر.

أما بالنسبة للإجراء الآخر والذى ذاع صيته فى السنوات الأخيرة أيضا هو حقن الفيلر، و«الفيلر» عبارة عن مادة تحقن لملء الطبقات الدهنية أسفل الجلد، وقد تستخدم داخل الجلد لرفع الندبات أو ملء التجاعيد، ولكن فى السنوات الأخيرة أصبحت تستخدم أكثر فى طبقات الدهون السطحية والعميقة أسفل جلد الوجه لإبراز الوجه وتحديده، بالأخص فى منطقة الوجنة والفك، وكذلك لإظهار الوجه فى أوج نضارته وشبابه من خلال الحقن حول العين وفى الشفاه لتصبح ذات مظهر أكثر امتلاء وشبابا وحيوية، وهنا يجب أن أوضح أن مواد الفيلر مختلفة أكثرها شيوعا واستخداما هى مادة حمض الهياليورونيك وهى مادة طبيعية موجودة فى جلد الإنسان وهى المسؤولة عن نضارة البشرة، حيث تمتاز بالقدرة على جذب الماء للجلد وكذلك تساعد فى تكوين الكولاجين وإعادة بنائه مما يعطى الجلد الحيوية والنضارة التى ينبغى لأى جلد صحى أن يتمتع بهما.

 

‏وكذلك انتشر فى السنوات الخمس الأخيرة بعض مواد الفيلر الأخرى التى تكون مهمتها الأساسية تنشيط وتحفيز الكولاجين أشهرها Calcium Hydroxyapatite & PLLA وكذلك بعض المواد التى تحتوى على عوامل النمو التى تساعد على إعادة تكوين خلايا البشرة لإعادة بنائها وتعويض التأثير السلبى الذى يحدث مع تقدم العمر حيث يبدأ جسم الإنسان منذ عمر العشرين سنة بفقد 1 فى المائة من الكولاجين الموجود فى البشرة سنويا مما يؤثر سلبا على حيوية ونضارة البشرة.

 

‏وبناء عليه فإنه حقن الفيلر يتطلب مهارات خاصة من الطبيب التجميلى المختص وذلك لتقييم الوجه بشكل سليم، ولا يخفى عليكم الاختلافات التشريحية الموجودة بين مختلف الأعمار والأجناس والذكور والإناث والتى تجعل من عملية التقييم أمرا أساسيا لتنفيذ عملية حقن فيلر ناجحة حيث يكون الحقن بكميات مختلفة وطرق مختلفة طبقا لكل حالة وقد تختلف كل مرة عن الأخرى.

 

ومن المهم بعد هذه الاستفاضة فى الحديث عن هذه الإجراءات وفوائدها وكيفية تنفيذها أن أنوه عن مشكلة كبيرة تحدث هذه الأيام، وهى الانقياد خلف الإعلانات غير الطبية التى تعرض حولنا فى كل وسائل التواصل الاجتماعى، والتى قد تكون مضللة وقد تؤدى إلى أضرار، حيث قد أوضحت بشدة أهمية التقييم عن طريق الطبيب المختص والذى يؤدى إلى القيام بعملية طبية تجميلية ناجحة، قد تكون مصحوبة ببعض الأعراض الجانبية البسيطة بالرغم من كل الاهتمام الطبى، فما بالنا عندما يقوم بهذا الإجراء من هو غير متخصص، وهنا أتحدث عن إجراء قد يؤدى إلى عواقب وخيمة، وكذلك أوضح أن ما يناسب شخصا ما قد لا يتناسب مع الشخص الآخر، وكذلك أوضح أن الإفراط فى استخدام هذه الإجراءات بدون إشراف طبى متخصص قد يؤدى إلى مظهر غير طبيعى لا يتناسب مع بديع خلق الله سبحانه وتعالى فى أفضل خلقه.

 

ولا أنسى ختاما أن أنوه أن الإجراءات التجميلية لا تغنى عن العناية والاهتمام بالبشرة فى المنزل، وأهمية استخدام واقى الشمس والمرطبات وكريمات المساء والغسول الملائم لكل بشرة على حدة، طبقا لتقييم الطبيب المختص وأنصح أخيرا بتكرار الإجراءات التجميلية الجلدية غير الجراحية باستمرار فى المواعيد التى ينصح بها الطبيب المختص، وذلك لضمان استمرار النتائج التجميلية المرجوة.