أفرجت «حماس» عن عيدان ألكسندر المحتجز الأمريكى فى غزة الذى ما زال على قيد الحياة قبل وصول الرئيس الأمريكى ترامب إلى السعودية فى بداية جولته الخليجية.. جاء ذلك بعد مفاوضات مباشرة أجراها أحد مساعدى ويتكوف مبعوث ترامب للمنطقة مع عدد من قادة حماس.. وقد أزعج ذلك نتنياهو وحكومته لأن الاتفاق على الإفراج عن الجندى الإسرائيلى المحتجز تم بعيدًا عنه وبدون مشاركة إسرائيلية، وفى ذات الوقت ألزم إسرائيل بأن توفر ممرًا آمنًا له فى غزة وأن تُوقف طائراتها فى سماء عزة حتى يتم بسلام الإفراج عنه، والأهم من ذلك كله فإن ذلك يعد بمثابة ضغوط مركزة على الحكومة الإسرائيلية لتسرع بالتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى وإقرار هدنة فى غزة تقود إلى وقف للحرب البشعة ضد أهالى القطاع.
ولهذا يُعد الإفراج عن ألكسندر بمثابة عربون للتوصل إلى الهدنة فى غزة تقدمت بها «حماس» تجامل به ترامب قبيل زيارته إلى الخليج، والتى كان يأمل كثيرون أن يسبقها التوصل إلى هدنة فى القطاع أو على الأقل يتزامن معها.. بل إن هناك مَن رأى أن ترامب شخصيًا كان ينتظر ذلك، حتى تتوفر كل شروط النجاح لزيارته الخليجية التى تشمل ثلاث دول خليجية هى السعودية والإمارات وقطر، ويحضر فيها قمة خليجية دعت إليها السعودية فى الرياض.
وهذا العربون الذى قدمته حماس لترامب هو فى وجهه الآخر يمثل ضغطًا كبيرًا على نتنياهو وحكومته للتوصل إلى هدنة جديدة فى غزة قبل أن يشرع فى توسيع العمليات العسكرية لجيش الاحتلال فى القطاع كما توعد أهله منذ أيام، خاصة أن هذا العربون لم يقتصر على الإفراج عن الجندى مزدوج الجنسية ألكسندر فقط وإنما تضمن أمورًا أخرى أهمها موافقة حماس على عدم مشاركتها فى حكم غزة مستقبلاً والقبول بلجنة فنية تدبر شئونها ، والقبول بضمانات أمريكية لأن تفضى أية صفقة لتبادل الأسرى إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل لقوات الاحتلال من أراضى القطاع.
لكن واشنطن تريد من حماس ما هو أكبر من العربون.. تريد الإفراج عن كل المحتجزين الإسرائيليين فى غزة ، الأحياء منهم والأموات، وتريد أن تسلم حماس كل أسلحتها.. أما إسرائيل فإنها تريد فوق ذلك أيضًا بقاء قواتها فى أراضى القطاع لنحو عامين على الأقل، مع إبعاد قيادات حماس العسكرية والإدارية خارج القطاع.. ولذلك ما برحت متمسكة بتوسيع العملية العسكرية فى القطاع. للاستيلاء على مزيد من ترضيه وتقطيع أوصاله والنيل من أهاليه لدفعهم إلى الهجرة خارجه، بينما تعتبر حماس تسليم أسلحتها خطًا أحمر وترفض المناقشة أو الحديث فيه وحوله، وتتمسك بالانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من أراضى القطاع، وترفض دفع أهل غزة للهجرة التى تسميها إسرائيل طوعية، وفى ذلت الوقت لا تقبل بتوزيع المعونات لأهالى غزة بعيدًا عن المنظمات الدولية وفى مقدمتها «الأنروا».. وهو ما تتمسك به أيضًا مصر وقطر خلال وساطتهما للتوصل إلى اتفاق جديد للهدنة.
ورغم كل ما يقال ويتردد إسرائيليًا وأمريكيًا حول خصام ترامب لنتنياهو ومقاطعة التواصل معه، فإن الأيام المقبلة تعد اختبارًا لنوايا ترامب وإدارته بخصوص مستقبل غزة ، بل مستقبل القضية الفلسطينية برمتها.. فإذا كان ترامب لم يتمكن من إلزام نتنياهو وحكومته بالتوصل إلى صفقة هدنة جديدة فى غزة تسبق زياراته الخليجية أو تتزامن معها فإنه سوف يكون مطالبًا بعد القيام بها وجنى ثمارها بالتوصل فى أقرب وقت لوقف للحرب البشعة ضد أهالى غزة.. ولا يكفى هنا مجرد السماح لإدخال بعض المساعدات الإغاثية لهم عبر شركات أمريكية وتحت حمايتها ورقابة قوات الاحتلال.. ما ينتظره العرب من ترامب إلزام حكومة نتنياهو بإبرام صفقة توقف إطلاق النار، يتم خلالها تبادل للأسرى، وتفضى إلى إنهاء دائم للحرب البشعة ضد أهل غزة، وتسمح بتدفق المساعدات الإغاثية لأهالى القطاع. تحت إشراف المنظمات الدولية المختصة ، وتنهى احتلال أراضى القطاع، وتمهد للبدء فى إعادة إعماره مجددًا لتوفير مقومات الحياة لأكثر من. مليونى فلسطينى من أهله.

