رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ذكاء اليوم.. مستقبل الغد

18-5-2025 | 14:39


عمرو سهل,

وسط التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات التكنولوجيا والرقمنة بات من الضروري أن تواكب المنظومات التعليمية هذه التحولات لا فقط عبر التحديث الشكلي بل من خلال إعادة بناء الفكر التعليمي ذاته وفي هذا الإطار جاء توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بدراسة إمكانية إدراج الذكاء الاصطناعي كمادة إلزامية في المناهج الدراسية ليعكس وعيا استراتيجيا بضرورة تمكين الأجيال القادمة من أدوات المستقبل وتحويل التعليم إلى قاطرة حقيقية للتنمية المستدامة.

ويمثل الذكاء الاصطناعي اليوم أحد أبرز مجالات الحياة حيث أصبح يؤثر في مختلف جوانبها من الاقتصاد والصحة إلى التعليم والزراعة والصناعة ومصر التي تخوض معركة التنمية والحداثة في آن واحد أدركت مبكراً أهمية الانخراط في هذا المجال وهو ما سيعكسه الإصدار الثاني من استراتيجية مصر للذكاء الاصطناعي 2025 – 2030 والتي أكد الرئيس السيسي أهميتها في أكثر من مناسبة خاصة في ما يتعلق بتأهيل الكوادر البشرية وزيادة الاعتماد على الحلول الذكية في إدارة الموارد والخدمات وفي هذا السياق فإن إدراج الذكاء الاصطناعي كمادة إلزامية في المراحل الدراسية لا يعد مجرد قرار إداري بل هو تحول مفاهيمي يعكس نضجا في التفكير التربوي ويضع التعليم في قلب عملية بناء الدولة الحديثة فإدخال مفاهيم مثل تعلم الآلة وتحليل البيانات وأخلاقيات التكنولوجيا في المناهج سيسهم في تشكيل جيل واع وقادر على فهم واستخدام وتطوير هذه التقنيات بشكل فعال وأخلاقي.

ولكن تنفيذ هذا التوجه يتطلب رؤية شاملة تشمل تطوير المناهج وتدريب المعلمين وتوفير البنية التحتية التكنولوجية وخلق محتوى تعليمي يتناسب مع المراحل العمرية المختلفة ففي المرحلة الابتدائية يمكن تبسيط مفاهيم الذكاء الاصطناعي من خلال أنشطة تفاعلية وقصص تعليمية بينما يمكن في المرحلتين الإعدادية والثانوية التعمق في المفاهيم التقنية والتطبيقات العملية وربطها بالواقع المصري واحتياجات السوق كما أن إدراج الذكاء الاصطناعي في التعليم يفتح الباب أمام تحديث شامل للمنظومة التعليمية بحيث تصبح أكثر مرونة وابتكارا وتشجع على البحث والتفكير النقدي بدلا من الحفظ والتلقين وهذا يتطلب تحولا في فلسفة التعليم ذاتها بحيث يتحول المعلم من ناقل للمعرفة إلى ميسر للتعلم ويصبح الطالب محوراً للعملية التعليمية لا مجرد متلق سلبي.

ولا يمكن إغفال أن هذه الخطوة تعد استثمارا طويل الأجل في بناء رأس المال البشري وهو ما يتوافق مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة والتي تضع الإنسان في صلب أولوياتها وتعتبر التعليم إحدى الركائز الأساسية للنهوض الوطني كما أن وجود جيل متمكن من أدوات الذكاء الاصطناعي سيمنح مصر ميزة تنافسية في سوق العمل العالمي ويسهم في جذب الاستثمارات في مجالات التكنولوجيا ويعزز من موقع مصر كمركز إقليمي للابتكار الرقمي.

إن توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بدراسة إدراج الذكاء الاصطناعي كمادة إلزامية في المناهج الدراسية ليس مجرد خطوة تعليمية بل هو قرار استراتيجي يحمل أبعاداً تنموية واقتصادية وثقافية ويعكس إدراك الدولة العميق بأن بناء الإنسان يبدأ من التعليم وأن المستقبل لا ينتظر بل يصنع ولعل هذا التوجه إذا ما نفذ بخطة مدروسة وشاملة سيكون بمثابة نقطة تحول في تاريخ التعليم المصري ولبنة حقيقية في بناء جمهورية جديدة تحاكي العصر وتستشرف الغد.