رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


د. فخرى الفقى رئيس «الخطة والموازنة» بمجلس النواب: الدولة لن تتخلى عن محدودى الدخل فى العام المالى الجديد

19-5-2025 | 17:03


.

حوار: بسمة أبو العزم

تستمر اللجان النوعية فى البرلمان فى مناقشة بنود مشروع موازنة «2025-2026»، ومن المتوقع أن تستمر المناقشات حتى نهاية مايو مع إصدار تقرير نهائى يوضح مدى نجاح هذه الموازنة فى أهدافها من «نمو واستقرار وشراكة مع قطاع الأعمال» مع وضع توصيات يتم طرحها فى الجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشتها خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو لاعتمادها، هذا ما كشفه الدكتور فخرى الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، الذى أبدى اقتناعه المبدئى بقدرة مشروع الموازنة القادمة على تحقيق أهدافها من «نمو واستقرار وشراكة مع مجتمع الأعمال والقطاع الخاص»، بما يعزز دفع عجلة الاقتصاد الوطنى رغم حالة عدم اليقين العالمية.

«د. فخرى»، أكد أن مشروع الموازنة رغم اعتماد بعض أبوابها على التقشف لتقليل العجز، وخاصة ترشيد الإنفاق على الاستثمار ودولاب العمل الحكومى وتحديد أسقف للديون، فإنه راعى البعد الاجتماعى بزيادة بنود الرواتب والدعم والمنح والمزايا الاجتماعية لامتصاص أكبر معدلات للتضخم لتصبح الموازنة القادمة راعى الاستثمار الاقتصادى والبشري.. وحول هذه الملفات وأمور أخرى كان الحوار التالي:

 

فى البداية.. ما أبرز مميزات الموازنة الجديدة «2025 - 2026»؟

اهتمامها بترتيب الأولويات، وأولها اهتمامها بالشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص رغم أننا نعيش فى حالة عدم يقين حقيقية عالمية، أيضا التركيز على زيادة إيرادات الدولة، وأهم بند لذلك أن الحصيلة الضريبية سترتفع ولن يتحقق ذلك من دون شراكة حقيقية بين مصلحة الضرائب والقطاع الخاص ومجتمع الأعمال، فكلما تم تحفيزهم ومساندتهم زادت الحصيلة الضريبية مع افتراض عدم فرض ضرائب جديدة، إضافة إلى الاهتمام بالضريبة العقارية والتسهيلات الجمركية.

أيضا الأولوية الثانية للموازنة القادمة تكمن فى تحقيق الانضباط المالى والنمو، خاصة فى ظل حزمة التيسيرات الضريبية التى أعلنت عنها وزارة المالية، وبالتالى زيادة الإيرادات يتم توجيهها لزيادة النمو، فحينما ننظر إلى الباب السادس بالموازنة الخاص بالاستثمارات الحكومية، نجد هناك تحسناً فى الاستثمارات الحقيقية فى الأصول غير المالية، ويرجع ذلك إلى الانضباط المالى بما يحفز معدل النمو لقطاعات هامة، وعلى رأسها الخاصة بالصناعات التحويلية والاستراتيجية والزراعية، فهناك مبادرات هامة مرصود لها حزم تمويلية بأسعار فائدة أقل من سعر السوق فيصل إلى 15 فى المائة متناقصة، حيث تتحمل وزارة المالية بقية معدل الفائدة لدعم المبادرة وغيرها.

كذلك هناك مبادرة لتحفيز معدل النمو، وهى خاصة بالقطاع السياحى فهناك نقص فى عدد الغرف الفندقية؛ لذا رصدت الحكومة فى الموازنة الجديدة بقية قيمة الـ50 مليار جنيه لزيادة عدد الغرف الفندقية من ربع مليون إلى نصف مليون غرفة للوصول بالمستهدف إلى 30 مليون سائح سنويا خلال 2030 لزيادة الإيرادات السياحية، بما يعد قيمة مضافة للموازنة وعائدا مستمرا بالعملة الصعبة، هذا فضلا عن اهتمام الموازنة القادمة بقطاع تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمى بما يقلل الوقت ويخفف من حدة البيروقراطية فى الجهاز الإدارى.

وتتمثل الأولوية الثالثة فى وضع استراتيجية لتخفيض الدين حتى لا يكون عبئا على الدولة فى السنوات القادمة، كما تتمثل الأولوية الرابعة فى توفير حيز مالى لعمل برامج حماية اجتماعية لتخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين.

هل الزيادة المتوقعة فى الإيرادات الضريبية «مُرضية»؟

الحصيلة المنتظرة «ممتازة» ولم تتحقق من قبل، فنسبتها فى موازنة السنة المالية الجارية من الناتج المحلى الإجمالى فى حدود 12 فى المائة، وتصل قيمتها المقدرة بنحو 2,1 تريليون جنيه، ولكنها ستزيد لتسجل 13 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى بالموازنة القادمة بما يعادل 2,65 تريليون، وترجع الزيادة المقدرة بنحو نصف تريليون جنيه إلى الرقمنة والتسهيلات الضريبية وخلق الثقة مع مجتمع الأعمال.

إلى أى مدى ترى أن الموازنة المنتظرة قادرة على خلق التوازن بين عدم زيادة الأعباء على المواطن وخفض الدين؟

الزيادة المتوقعة فى حصيلة الضرائب لن يتحملها المواطن، فلن تفرض الحكومة أى أعباء ضريبية إضافية على المواطنين أو مجتمع الأعمال، بل ستكون هناك تيسيرات وميكنة وبالتالى لن تتزايد الأعباء على المواطنين، وفى نفس الوقت تسعى الحكومة لعدم تحميل الأجيال القادمة مزيدًا من أعباء الديون؛ لذا هناك استراتيجية تستهدف اتخاذ الدين العام مسارا نزوليا والوصول إلى 82 فى المائة فى نهاية عام 2026، حيث تم وضع ثلاثة أسقف؛ أولها: سقف على الضمانات التى تعطيها الحكومة لشركاتها، فهناك سقف على الاستثمارات الحكومية لإعطاء الفرصة للقطاع الخاص للمزيد من المشاركة، فالحكومة تسعى لتقليل مشاركتها خاصة أن حجم الاستثمارات الحكومية خلال السنوات العشر الماضية فى البنية التحتية ما يعادل 20 تريليون جنيه، فمشاركة القطاع الخاص فى الاستثمار كانت بنحو 25 فى المائة، أما الحكومة فكانت 75 فى المائة، وكان الهدف وقتها توفير فرص عمل للشباب إضافة إلى إقامة بنية تحتية التى سيحتاج إليها القطاع الخاص حاليا لإنشاء مشروعات البنية الفوقية، وبالتالى الموازنة القادمة لن تقوم بعمل مشروعات جديدة، لكنها ستستكمل كافة المشروعات التى يزيد معدل التنفيذ فيها نحو 70 فى المائة، وذلك بهدف فتح المجال للقطاع الخاص فى الاستثمار فى كافة المجالات، خاصة أن جهود الحكومة نجحت فى زيادة مشاركة القطاع الخاص إلى 35 فى المائة خلال العامين الماضيين، ومن المنتظر أن تزيد نسبة مشاركة القطاع الخاص فى الاستثمار فى الموازنة الجديدة إلى 65 فى المائة والعام التالى يزيد إلى 75 فى المائة، حيث من المتوقع أن يتوسع القطاع الخاص فى مشروعات البنية الفوقية، خاصة أن الحكومة تتوسع فى خلق تيسيرات لمجتمع الأعمال، فالقطاع الخاص له دور هام فى أوقات الأزمات فلديه قدرة كبيرة على المناورة وسرعة الحركة بعكس الجهاز الحكومى الذى يعانى من البيروقراطية.

ويأتى السقف الثانى الذى تضعه الموازنة الخاص بدين الموازنة العامة للدولة «الحكومة المركزية» بمصالحها الحكومية المختلفة ووحداتها المحلية والهيئات الحكومية العامة غير الهادفة للربح، والذى يصل بالموازنة الجارية إلى 15 تريليونا.

ثالثًا وأخيرًا: السقف الأخير على ديون الحكومة العامة بمفهومها الأكبر الذى يضيف الشركات والهيئات الاقتصادية الخاصة فيما يُعرف بموازنة «الحكومة العامة» فيزيد الدين إلى 16 تريليون جنيه، وهذه الأسقف يمكن التجاوز عنها قليلا فى حالة الظروف الاستثنائية القهرية، لكن لا بد من الحصول على موافقة ثلاث جهات رئيسية وهى (رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، ومجلس النواب) والجهة الأخيرة هى الأصعب، فالديون فى الموازنة المنتظرة لا يجب أن تتجاوز 17 تريليونا لديون الحكومة المركزية و19 تريليونا للحكومة العامة، خاصة مع زيادة عدد الهيئات الاقتصادية فى الموازنة القادمة إلى 63 هيئة بدلا من 59، حيث من المنتظر ضمّ هيئة الثروة المعدنية وثلاث هيئات أخرى، وعلى الرغم من زيادة القيمة الرقمية للدين فإن نسبته من الناتج المحلى الإجمالى ستنخفض نظرا لزيادة موارد الموازنة، فديون الحكومة العامة ستنخفض إلى 90 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى بدلا من 94,3 فى المائة للسنة المالية الجارية، وبالتالى هناك مسار نزولى للدين فى السنوات القادمة.

فى ظل جهود الإصلاح.. هل تتناسب الزيادات المقررة فى الدخول وبرامج الحماية الاجتماعية المنتظرة مع حالة الغلاء والتضخم؟

مواجهة التضخم ليست مسئولية الموازنة فقط، بل البنك المركزى يجب أن يستخدم سياسته النقدية فى تحفيز النمو من خلال التمويلات التى يقدمها للقطاع الخاص، بما يساعد فى زيادة التشغيل وتوفير المزيد من فرص العمل، كما أن له دورا كبيرا فى سحب السيولة الزائدة من جسم الاقتصاد لتقليل معدلات التضخم، وبالفعل نجح البنك المركزى خلال الفترة الماضية فى تخفيض التضخم لما يقرب من 13 فى المائة وبالتالى السياسة النقدية يجب أن تكون متشددة لتهدأ الأسعار، كما أن تقليل سعر الفائدة سيخفّض تكلفة الاقتراض للقطاع الخاص وتشجيع حركة وتقليل فوائد الديون على الحكومة بنحو 80 مليار جنيه لكل تخفيض للفائدة بمعدل واحد فى المائة لمدة عام، حيث من المتوقع تخفيض 4 فى المائة أخرى من معدلات الفائدة حتى نهاية 2025، بما يخفّض المزيد من فوائد الديون على الحكومة.

أيضا سياسة وزارة المالية والتى ركزت فى مشروع الموازنة القادمة على ترشيد الإنفاق فى الباب الثانى للموازنة الخاص بشراء السلع والخدمات لتسيير دولاب العمل الحكومى وخاصة السيارات الحكومية وترشيد الإنفاق على فواتير الكهرباء والمياه والمرافق، وكذلك الباب السادس الخاص باستثمارات الحكومة، فالموازنة المقترحة تعتمد على سياسات تقشفية لتقليل العجز فى الموازنة، وبالتالى هذه السياسة المالية من شأنها تقليل المزيد من السيولة فى جسم الاقتصاد ويقل التضخم، ومن المنتظر أن يكسر حاجز الـ10 فى المائة ويصبح عددا أحاديا بموازنة «2025 - 2026».

هناك جهود منتظرة لتقليل حدة التضخم، وهذا لا يعنى عدم وجود زيادات فى الأسعار العام القادم، لكنها ستكون زيادات معقولة، وهنا يأتى دور حزمة الحماية الاجتماعية المنتظرة والمتمثلة فى الباب الأول للمرتبات، فمن المقرر زيادتها بنحو 20 فى المائة وهذه النسبة أعلى من معدل التضخم المنتظر، وبالتالى سيكون هناك فائض من زيادة الرواتب بعد زيادات الأسعار بنحو 7 فى المائة، إضافة إلى ذلك ستكون هناك زيادة فى الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه، كذلك زيادة المعاشات 15 فى المائة وهو الحد الأقصى طبقا للقانون لنحو 13 مليون فرد، فالباب الرابع الخاص بالدعم والمنح والمزايا الاجتماعية فى الموازنة الحالية والتى ستنتهى بعد شهرين قيمتها 636 مليار جنيه، ومن المقرر زيادتها إلى 743 مليار جنيه بموازنة «2025 – 2026»، فسيتم رفع قيمة دعم التموين والخبز إلى 160 مليار جنيه بدلا من 134 مليارا، أيضا العلاج على نفقة الدولة سيرتفع إلى 15 مليارا بدلا من 10,5 مليار، ودعم الإسكان الاجتماعى سيزيد إلى 16 مليارا، كذلك رفع معاش تكافل وكرامة إلى 54 مليارا بدلا من 40 مليارا، وبالتالى هناك اهتمام بمحدودى الدخل ومساندتهم بمعدلات أكبر، كذلك هناك دعم تنموى وخاصة دعم الصادرات.

ماذا عن نصيب بنود الاستحقاق الدستورى الخاصة بالصحة والتعليم ما قبل الجامعى والجامعى والبحث العلمى؟

للبنود السابقة بُعد اجتماعى وهو بناء الإنسان المصري، لذا ينص الدستور على ألا يقل إجمالى إنفاقهم عن 10 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى، وبالفعل وفقا للموازنة المعروضة علينا فنصيب بند التعليم ما قبل الجامعى 685 مليارا بما يعادل 4 فى المائة، التعليم الجامعى 358 مليارا بقيمة 2,1 فى المائة، أما الصحة فهى 618 مليارا 3,6 فى المائة وأخيرا البحث العلمى 174 مليارا بنحو 1 فى المائة، ليصل الإجمالى لنحو 10,7 فى المائة من الناتج المحلى، وهو تحسن جيد.

هل لديك تحفظات محددة على أى بند فى مشروع الموازنة المنتظرة؟

 أرى بعض التحديات وليست تحفظات، أهمها عدم تكرار أزمات عالمية اقتصادية مثلما حدث مع ترامب فى حرب التعريفات الجمركية، أيضا تبعات رفع أسعار المواد البترولية فالدعم على البترول بدلًا من 155 مليارا بالموازنة الحالية سينخفض إلى 75 ملياراً بالموازنة القادمة، وبالتالى سترتفع أسعار المحروقات بما يؤثر سلبا على هبوط معدل التضخم فيصبح لزجًا، أيضا هناك تضخم مستورد منتظر بسبب قرارات ترامب الجمركية، ومصر دولة مستوردة وهو ما يعنى أنه ستكون هناك صعوبة فى الوصول إلى أرقام التضخم المستهدفة بالموازنة، كذلك أزمة صعوبة سداد مديونيات الشركات الأجنبية فى قطاع التنقيب عن البترول.

ختامًا.. بمَ تصف مشروع موازنة «2025-2026»؟

أتفق مع مسمى الحكومة بأنها «موازنة النمو والاستقرار والشراكة مع مجتمع الأعمال».