بعد تصديق إسبانيا على نظر حظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل.. خبير: تحول تاريخي في الموقف الأوروبي
في خطوة تزامنت مع ضغوط أوروبية على إسرائيل جراء حربها على قطاع غزة المستمرة منذ أكثر من عام ونصف بدوافع سياسية، صوّت البرلمان الإسباني، أمس الثلاثاء، على مقترح قدمته أحزاب يسارية وقومية يدعو إلى حظر بيع الأسلحة إلى الدول المتورطة في ارتكاب إبادة جماعية، بما في ذلك إسرائيل، حيث صدّق البرلمان على النظر في مقترح حظر تجارة الأسلحة معها.
وصعدت عدة دول أوروبية في الفترة الأخيرة من انتقاداتها لإسرائيل على خلفية الأوضاع في غزة، خصوصًا فيما يتعلق بالأزمة الإنسانية التي يشهدها القطاع، حيث تقطع إسرائيل دخول المساعدات عنه منذ نحو 80 يومًا، مهددين باتخاذ إجراءات عقابية ضد "تل أبيب" حال عدم تحسن الوضع، إلا أن إسبانيا، التي اعترفت مؤخرًا بالدولة الفلسطينية، فضلت أن تتقدم عليهم بخطوة.
ومن جانبه، اعتبر الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، أن تصوّيت البرلمان الإسباني على مقترح يدعو إلى حظر بيع الأسلحة إلى إسرائيل، خطوة غير مسبوقة ذات تداعيات قانونية، سياسية، ودبلوماسية عميقة، تعكس تحولًا تاريخيًا في موقف الدول الأوروبية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأوضح الدكتور أيمن سلامة، في حديث لـ"دار الهلال"، أن هذا القرار ليس مجرد مبادرة إسبانية فردية، بل هو بمثابة إشارة قوية يمكن أن تدفع دولًا أخرى في الاتحاد الأوروبي، الذي يشهد بالفعل تصاعدًا في المشاعر المناهضة لإسرائيل، إلى اتخاذ خطوات مماثلة.
وعلى الصعيد القانوني، يضع هذا القرار إسبانيا في موقف أخلاقي وقانوني متقدم، متماشيًا مع القانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان، خاصة في ظل الاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب انتهاكات في غزة، وفقًا له.
أما سياسيًا، فيعزز هذا الموقف من مكانة إسبانيا كلاعب مستقل في الساحة الدولية، حيث إنه قد يشجع دولًا أخرى على مراجعة سياساتها تجاه إسرائيل، مما قد يؤدي إلى مزيد من العزلة الدبلوماسية للدولة العبرية، بحسب أستاذ القانون الدولي.
ومن الجانب الدبلوماسي، يشكل هذا القرار ضغطًا إضافيًا على إسرائيل، ويدفع باتجاه البحث عن حل سياسي للصراع، كما أنه يضع الاتحاد الأوروبي أمام تحدٍ لتوحيد مواقفه تجاه الأزمة، وذلك في رأي الدكتور أيمن سلامة.
وعلى الصعيد الأوروبي، يؤكد أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي، المتأثرة بالرأي العام المتزايد ضد الحرب في غزة، باتت مهيأة ومحفزة لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل.
مشيرًا إلى أن القرار الإسباني قد يكون الشرارة التي تدفع دولًا مثل أيرلندا وبلجيكا، التي أظهرت بالفعل تعاطفًا مع القضية الفلسطينية، إلى اتخاذ خطوات مماثلة، مما قد يغير خريطة العلاقات الأوروبية الإسرائيلية بشكل جذري.
لماذا سبقت إسبانيا الدول الأوروبية؟
وفي إجابة على ذلك، يوضح سلامة، أنه تاريخيًا كانت إسبانيا تتمتع بعلاقات قوية مع العالم العربي، ولديها إرث من الدعم للقضية الفلسطينية، كما أن حكومتها اليسارية الحالية تتبنى مواقف أكثر تقدمية فيما يتعلق بحقوق الإنسان والعدالة الدولية، مما يجعلها مرشحًا طبيعيًا لقيادة هذا التحول في الموقف الأوروبي.
"بالإضافة إلى ذلك، الضغط الشعبي المتزايد داخل إسبانيا لعب دورًا هامًا في دفع الحكومة لاتخاذ هذا القرار".
ويتوقع أن تتجاوز تداعيات هذا القرار مجرد حظر تصدير الأسلحة، حيث إن من المرجح أن يؤدي إلى تعزيز موقف إسبانيا لدعم الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية، حيث تدخلت إسبانيا رسميًا كطرف في هذه الدعوى، وفقًا لقوله.
وشدد على أن من شأن ذلك أن يزيد من زخم الاعتراف بدولة فلسطين، وهو ما كانت إسبانيا من أبرز الداعمين له مؤخرًا، موضحًا أن "هذا التحول الإسباني يشير إلى مرحلة جديدة في التعامل الأوروبي مع الصراع، قد تحمل معها متغيرات جيوسياسية هامة في المنطقة".