أسخف نكتة إسرائيلية هى التى أطلقها نتنياهو والتى يبرر فيها السماح بدخول قليل من المساعدات الغذائية لأهالى غزة بأنه سوف يساعد قوات الاحتلال على توسيع الحرب، أو كما يقول الإسرائيليون توسيع العملية العسكرية البرية فى قطاع غزة.
وهذه النكتةَ سخيفة لأكثر من سبب. أولها أن ما سمحت بدخوله إسرائيل من شاحنات المساعدات الغذائية محدود وقليل جدًا ولا يكفى الحد الأدنى الذى يحتاجه أهل غزة من الطعام.. وثانيًا لأن توسيع الحرب يُسفر عن سقوط شهداء ومصابين وبأعداد كبيرة، وهو ما تستهدفه الحكومة الإسرائيلية بالسماح بمساعدات شحيحة
فإن افتقاد أهل غزة الغذاء هو بمثابة تجويع وقتل مزيد منهم، خاصة الأطفال الذين يتضورون الآن جوعًا بعد أن أحكمت حكومة نتنياهو حصار أهل غزة ورفضت إدخال المساعدات للقطاع فى يناير الماضى حينما خرقت اتفاق الهدنة وتوسعت فى احتلال مساحات من أراضى القطاع شمالاً وجنوبًا.. وثالثًا لأن ما سمحت بإدخاله حكومة نتنياهو من مساعدات غذائية سوف تتحكم فى توزيعه قوات الاحتلال وليس المنظمات الدولية وعلى رأسها الأنروا، وهو ما يُتيح لحكومة نتنياهو فى تنفيذ مخططها الذى يستهدف إحكام السيطرة على القطاع وأهله، فهى ستقدم المساعدات لمن ترضى عنهم وتحجبها عمن تريد!
وهذا ينقلنا إلى السبب الحقيقى الذى دفع حكومة نتنياهو للإعلان عن السماح ببعض المساعدات لا يسد رمق كل أهلها، وهو يتمثل فيما تعرضت له من ضغوط مؤخرًا.. فهذه الضغوط تزايدت مؤخرًا واتسعت لتشمل العديد من الدول والمنظمات الدولية، حتى أن أمريكا اضطرت إلى أن تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال المساعدات لأهالى غزة ووقف عملية تجويعهم.. وكانت حكومة نتنياهو أرادت بذلك أن تخفف هذه الضغوط الدولية عليها ولا تُحرج إدارة ترامب مع حلفائها العرب الذين قدموا لها الهدايا الفاخرة والضخمة خلال الجولة الخليجية للرئيس الأمريكى.
لذلك يتعين أن يتم التشهير بحكومة الاختلال وكشف خدعتها في موضوع المساعدات لأهل غزة، والدعوة لفتح كل المعابر وإدخال ما يكفى لاحتياج أهالى غزة من المساعدات الغذائية، وأن تتولى المنظمات الدولية وعلى رأسها الأنروا توزيع هذه المساعدات.. ويتعين أن تتوجه الضغوط العربية إلى أمريكا ذاتها لأنها هى التى تملك ممارسة ضغوط حقيقية على نتنياهو وحكومته لإنهاء حصار التجويع الذى يتعرض له أهل غزة منذ أكثر من عام ونصف العام باستثناء أسابيع قليلة كانت تتدفق فيها تلك المساعدات على القطاع خلال أيام الهدنة التى تمت مرتين.
المطلوب هو وقف الحرب ووقف إطلاق النار ومعه عودة المساعدات للتدفق على القطاع مجددًا.. أما ما فعلته حكومة نتنياهو فهو مجرد خدعة مكشوفة للتخلص من الضغوط التى تتعرض لها هى وإدارة ترامب.. وقف الحرب يجب أن يكون الهدف مجرد وليس السماح بقليل من المساعدات لا نعرف لمن ستذهب فى ظل تواجد قوات الاحتلال.
إن نتنياهو يستغل السماح ببعض المساعدات الغذائية لأهالى غزة فى توسيع العملية العسكرية البرية داخل القطاع، وزيادة المساحة التى تتواجد فيها قواته داخل القطاع.. هو لم يخف ذلك بل جاهر به وأعلنه واعترف به علنًا.. وهذا أمر يتعين به العرب وأن يكشفوا للعالم زيف ما فعله نتنياهو والخدعة السخيفة التى قام بها ليخفف من الضغوط العالمية عليه وعلى حكومته بسبب انتهاجه إبادة الفلسطينيين بتجويعهم.
لقد أعلنت حكومة الاحتلال حتى كتابة هذه السطور أنه سيتم دخول تسع شاحنات من المساعدات يوم الإثنين، وثلاثين شاحنة خلال أسبوع كامل، بينما كان يدخل القطاع 600 شاحنة يوميًا، وليس معروفًا كيف سيتم توزيعها ورفح وخان يونس أعلنتها قوات الاحتلال مناطق عمليات عسكرية وطالبت المتواجدين فيها بإخلائها.
والأخطر أن نتنياهو مع اتخاذ هذه الخطوة أعلن أن قوات الاحتلال سوف تسيطر على كل مساحة القطاع.. ولذلك يجب أن تركز الجهود العربية لوقف الخرب وكشف الخدعة الإسرائيلية.

