حسن حسني.. "الأب الروحي" لكوميديانات الشباب في التسعينيات وأوائل الألفية
في ذاكرة الفن المصري والعربي، يظل اسم حسن حسني علامة فارقة لا يمكن تغافلها، فنانٌ تجاوز حدود التصنيف، واختزل في ملامحه وخطاه خبرات أجيال كاملة من الممثلين الذين مرّوا من مسرح الدولة إلى السينما التجارية، ومن التراجيديا القاتمة إلى الكوميديا الشعبية الخفيفة، هو ابن مدرسة "الفنان الشامل"، الذي لا يهمه اسمه على التتر بقدر ما يعنيه أن يترك أثرًا صادقًا في قلوب الجمهور.
تجاوزت مشاركاته الفنية 500 عمل، ما بين مسرح وسينما وتلفزيون، وصار بحق "الأب الروحي" لجيل كامل من الكوميديانات الشباب في التسعينيات وأوائل الألفية، حيث اعتُبر وجوده في أي عمل بمثابة شهادة ضمان لنجاحه. لذلك، لم يكن غريبًا أن يُطلق عليه لقب "الجوكر"، ليس فقط لتعدد أدواره، بل لأنه كان دائمًا الورقة الرابحة التي تُحرك المشهد في الاتجاه الأصدق والأعمق.
النشأة
وُلد حسن حسني في 19 يونيو 1936 بحي القلعة، لأب مقاول فقده وهو في السادسة، لكن حسني عشق التمثيل في الإبتدائية، وقدم دور "أنطونيو" في إحدى الحفلات المدرسية، فحصل من خلالهِ على كأس التفوق بالمدرسة الخديوية، كما حصل على العديد من ميداليات التقدير من وزارة التربية والتعليم، فيما حصل على شهادة التوجيهية عام 1956، وفي تلك الأثناء شارك الفنان حسين رياض، في إحدى لجان التقييم الخاصة بمسابقات التمثيل في المدارس، بعد أن لفت الأنظار إلى مستوى أدائه، وقتها تأكد حسن أنه لن يعمل في شيء آخر غير التمثيل.
مسيرته الفنية
بدأ حسن حسني في المسرح، في بداية الستينات، حيث كان حسن عضواً في فرقة المسرح العسكري التابعة للجيش، حتى صدر قرار بحل المسرح العسكري عقب هزيمة يونيو 1967 بعدها تنقل بين مسرح الحكيم والمسرح القومي، ثم انضم لفرقة جلال الشرقاوي، وعمل فيها ما يقرب من 10 سنوات.
وحقق حسني انتشارًا واسعًا لدى الجمهور من خلال التلفزيون عبر مسلسل "أبنائي الأعزاء.. شكرًا"، بطولة عبد المنعم مدبولي، وإنتاج عام 1979 ومع مطلع الثمانينيات شارك في العديد من الأعمال الدرامية في استوديوهات دبي وعجمان التي عُرضت في دول الخليج العربي.
أما بداية حسن حسني السينمائية فكانت من خلال دور صغير في فيلم الكرنك، الذي قدمه نور الشريف، وسعاد حسني، وإخرجه على بدرخان في 1975.
ولفت حسني الأنظار كممثل قادر على أداء أدوار الشر في فيلم سواق الأتوبيس الذي أخرجه عاطف الطيب في 1982، ليستعين به الطيب في عدد من أفلامه بعد ذلك.
وعاد حسني للمسرح في منتصف الثمانينيات بعد غياب طال سنوات، فقدم في 1985 المسرحية الفكاهية "اعقل يا مجنون" مع الفنان الكوميدي محمد نجم، وبعدها في 1987 قدم مسرحية "ع الرصيف"، مع سهير الببلي.
وقدم حسني في التسعينيات "اللمبي" مع محمد سعد، وعبلة كامل، وحلا شيحة، وتعد "التسعينيات" نقطة انطلاق حسني إلى النجومية في عالم السينما والانتشار المكثف ليتحول إلى عامل مشترك بين العديد من الأفلام، فعمل مجددًا مع المخرج عاطف الطيب في فيلم "دماء على الأسفلـ، ولعب شخصية سكرتير بمحكمة، شريف السمعة يُتهم زورًا بتقاضي رشوة، حاز عدة جوائز على دوره لهذا لفيلم، منها جائزة أحسن ممثل من المهرجان القومي للسينما المصرية، ونال أيضًا جائزة أحسن ممثل من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي عن دوره في فيلم فارس المدينة للمخرج محمد خان، ثم قدم شخصية "ركبة القرداتي" في فيلم سارق الفرح، من إنتاج 1994، ونال عن هذا الدور 5 جوائز منها جائزة من إيطاليا، وقدّم مع فيفي عبده في 1994 مسرحية "حزمني يا"، وفيها ابتكر حسن حسني دور "القرين" مع محمد هنيدي، وفي 1999 قدم مسرحية "عفرتو" مع هنيدي.
واتجه حسني في الألفية الجديدة لأدوار الكوميديا، خاصة مع الوجوه الشابة حتى أنه بات تميمة الحظ للنجوم الشباب، ففي 2002 حقق مع محمد سعد في فيلمه "اللمبي" أعلى إيرادات حينذاك في تاريخ السينما المصرية، ويُعد محمد سعد أكثر ممثلي الشباب مشاركة لحسن حسني فنيًا بـ12 عملًا، يليه هاني رمزي برصيد 9 أعمال، ثم يأتي أحمد حلمي في المرتبة الثالثة من حيث عدد الأعمال مع حسني بـ7 أعمال فنية، واشترك حسني مع كريم عبد العزيز في 4 أفلام، وكان علاء ولي الدين أوائل الوجوه الشابة التي ساعد حسني في تقديمها.
وفاته
تُوفي الفنان حسن حُسني في 30 مايو 2020 إثر أزمة قلبية مفاجئة داخل مستشفى دار الفؤاد بالقاهرة.