ضمن مقتنيات معرض "فصول من الفن الإسلامي: أدب الرحلات" المقام في بيت الحكمة بالشارقة حتى 5 يوليو المقبل، تحتل سيرة الملاح والجغرافي الشهير أحمد بن ماجد النجدي موقعا محوريا من المعروضات، ويسلط المعرض الضوء على إسهاماته في علوم الملاحة البحرية والفلك، من خلال وثيقتين تعيدان قراءة تاريخ الملاحة العالمية من منظور عربي.
وتتضمن الوثيقتان المعروضتان كتابا بعنوان "بيان للمؤرخين الأماجد في براءة ابن ماجد"، من تأليف صاحب الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهو توثيق تاريخي ساق فيه سموه العديد من الإثباتات العلمية التي تبرئ ساحة ابن ماجد من الادعاء القائل بأنه ساعد البرتغاليين في الوصول إلى الهند واحتلالها في وقت لاحق. يعتمد الكتاب على مخطوطة أصلية نادرة ليوميات الرحلة الأولى للبرتغالي فاسكو دا غاما عام 1497، عثر عليها في المكتبة العامة بمدينة أوبورتو البرتغالية، حيث يقدم المؤلف النص البرتغالي مترجما، مشفوعا بتحليل دقيق للخلافات التاريخية حول الملاحة البرتغالية في المحيط الهندي. وتعد هذه المخطوطة، المؤلفة من 87 صفحة مرقمة بطرق متباينة، وثيقة محورية تسهم في إعادة قراءة وقائع التاريخ البحري وتأكيد لبراءة ابن ماجد من المزاعم التي نسبت إليه.
أما الوثيقة الثانية فهي مخطوطة بعنوان "رسائل في علوم البحار" ألفها ابن ماجد نفسه، وهي من مقتنيات من مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالمملكة العربية السعودية. تضم هذه المخطوطة مجموعة من رسائل ابن ماجد العلمية التي توثق معرفته المتقدمة بالملاحة وحركة السفن ورسم الخرائط، وتظهر تطور أدواته في استخدام البوصلة والإسطرلاب.
ولد ابن ماجد في منطقة جلفار (رأس الخيمة حاليا) في أسرة امتهنت فنون البحر، إذ كان والده وجده من خبراء الملاحة، وأمضى أكثر من 40 عاما في الأسفار بين المحيط الهندي وبحر العرب والبحر الأحمر، أودع خلالها خلاصة معارفه في عدد من الرسائل والأرجوزات والأعمال النثرية، كما ساهم في تطوير أدوات الملاحة مثل البوصلة والإسطرلاب، مما جعله أحد أبرز أعلام هذا المجال في التاريخ العربي والإسلامي.
وشكلت مخطوطات ابن ماجد وأراجيزه مرجعا مهما في الملاحة العالمية واختيار المسارات البحرية الآمنة، كما كانت مؤلفاته سجلا هاما للتراث الملاحي في المحيط الهندي وتراثا اقتبسته أوروبا من العرب في عصر النهضة على يد البرتغاليين.
