ميسى .. فوائد كثيرة وسقطة كبيرة
بقلم : أشرف غريب
الذين انتقدوا الزيارة السريعة التى قام بها إلى مصر ليونيل ميسى أعظم لاعبى العالم لا يطيقون أن يحيا هذا البلد حياة طبيعية اعتيادية ، لا يحبون لنا - كما استخدمت هذا التعبير قبل سنوات - التطبيع مع الحياة ، ما المشكلة فى أن يأتى واحد من أشهر نجوم العالم إن لم يكن أشهرهم لزيارة مصر لهدف إنسانى نبيل هو الترويج لحملة العلاج من فيروس سى الذى ينهش فى أكباد المصريين أكثر من أى شعب آخر ؟! وما الضرر فى أن تستفيد مصر من هذه الزيارة المهمة والتاريخية فى الدعاية السياحية والسياسية لبلد أنهكتها الاضطرابات طوال السنوات الست الماضية حتى بدت صورتنا مهتزة فى أعين العالم ؟! وما العيب فى أن تنجح مصر فى ترتيب تلك الزيارة أمنيا بصورة عكست واقع الحال الذى تعيشه البلاد حاليا رغم أنف الكارهين لهذه الحقيقة سواء داخل مصر أو خارجها ؟! وما الغريب فى أن تحظى زيارة كهذه بذلك الاهتمام الرسمى والإعلامى الضخم من جانب مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام المصرية فى الوقت الذى تحظى فيه باهتمام عالمى ملموس وواضح يصاحب عادة كل تحركات النجم الأرجنتينى الأعظم فى حله وترحاله حول العالم ؟! ثم لماذا هذه الانتقادات ونبرة السخرية التى ملأت مواقع التواصل الاجتماعى دون فهم ووعى بأهمية ما حدث ؟!
فالهدف من الزيارة إنسانى فى المقام الأول ، والمردود منها سياحى ترويجى سياسى على المدى الأبعد ، والأهم - لمن لا يعلم - أن الدولة لم تتحمل تكلفة هذه الزيارة ، وإنما تحملتها الشركة الراعية والمنظمة دون أية أعباء على الميزانية العامة اللهم إلا بعض التعزيزات الأمنية التى تتم أحيانا فى ظروف أقل فائدة بكثير مما يمكن أن تجنيه مصر من وراء نجاح زيارة ميسى لمصر ، فما الذى يضير كل هؤلاء المنتقدين والمتربصين والراغبين فى إطفاء شمعة أنارت واقعا كئيبا نعيش فيه منذ مدة ، وكرست لإرادة المصريين فى ممارسة مزيد من التطبيع مع الحياة ؟
وحتى التغطية الإعلامية التى قامت بها قنوات " أون " حصريا كانت جديدة ومبهرة وتنبئ عن قدرة حقيقية لدى المصريين إذا أرادوا أن يبهروا العالم بكفاءتهم واستطاعتهم تغطية حدث مهم يتابعه الملايين فى كافة أرجاء الكرة الأرضية سواء من حيث تجهيز المكان ديكورا وإضاءة ، أو أسلوب التصوير والكاميرات المستخدمة فى ذلك ، أما أسوأ ما فى زيارة ميسى فكان حفل الاستقبال الذى بدا ككل حفلات الاستقبال التى اعتدنا عليها دون أى جديد أو تميز لا سيما اختيار فرقة البنات اللبنانية التى قدمت الفقرة الرئيسية فى الحفل والتى تغنت بطبيعة الحال بمجموعة من الأغنيات اللبنانية لم تكن مناسبة لمصرية الحدث وخصوصيته حتى لو كانت أغنيات السيدة فيروز حاضرة وبقوة فى تلك الليلة ، وكان من الأفضل تقديم فقرة مصرية بفنانين مصريين تعكس حضارتنا وموروثنا الشعبى وجذورنا التاريخية كى تكتمل الصورة التى بدأت بزيارة ميسى للأهرامات والانطباع الرائع الذى خرج به من هذه الزيارة .
على أية حال ومهما كانت السلبيات القليلة فلا بد من الإكثار من مثل تلك الزيارات الترويجية لنجوم العالم ، والاستفادة منها فى إنعاش المنتج السياحى المصرى الذى تلقى - بلا شك - أكثر من ضربة مؤثرة فى الآونة الأخيرة ما زلنا نتحمل آثارها السلبية حتى اليوم ، ولا بد أيضا أن تتنوع أسماء وتخصصات النجوم الذين يتم دعوتهم إلى مصر كى تحظى باهتمام أكبر عدد من المتابعين حول العالم ، ومن ثم ضمان وصول كل الرسائل المراد توصيلها من وراء هذه الأحداث المهمة .
وأعتقد أننا قادرون على ذلك وتكرار النجاح الذى تحقق فى زيارة الحريف الأعظم إلى مصر.