رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الكاتبة سماح أبو بكر عزت: عملى مع الأطفال رسالة وليس مجرد وظيفة

14-6-2025 | 15:32


سماح أبو بكر عزت

شيماء محمود
تجسد الكاتبة والإعلامية المتألقة سماح أبوبكر عزت صوتاً صادقاً ينبض بحب الطفولة، وحرصاً عميقاً على مخاطبة قلوب الأطفال بعقلٍ واعٍ وفن راقٍ. فى هذا الحوار الصريح والممتع، تقييم سماح الأعمال الفنية الموجهة للأطفال حالياً، مؤكدة أن الطفل المصرى أكثر وعياً، ومن خلال حديثها عن تجاربها الرائدة فى أعمال الأطفال ونجاح سلسلة «حكايات ماما سماح»، إلى جانب مشاركاتها فى مبادرات وطنية، نلمس كيف اختارت أن تكون صوتاً مدافعاً عن براءة الطفولة، وزارعةً فى وجدانها بذور المعرفة والانتماء. كما تؤكد سماح أبوبكر عزت أن الفن الحقيقى لا يموت، بل يتجدد بصدق الكلمة ونبض الطفل فى كل قرية ومدينة. فى البداية حديثنا عن تجربتك كمشرف على المحتوى الدرامى لمسلسل الكارتون «نورة»؟ العمل بالنسبة لى تجربة مختلفة حيث إننى أعمل مع المجلس القومى للمرأة وهو من إنتاج المجلس بالتعاون مع الشركة المتحدة وعدة جهات أخرى كرعاة للبرنامج، فالعمل هو مشروع منفذ بالفعل يحمل نفس الاسم وهو موجه خصيصا لتوعية الفتيات فى كافة محافظات مصر. ويعتبر أهم ما فى هذا المشروع أنه يعالج مشكلات الفتيات ويناقش طريقة تفكيرهن.. ويعتبر هذا أول عمل مقدم لهذه السن خاصة مرحلة المراهقة والبحث عن الذات.. ويؤكد على دور كل فرد فى الأسرة فى هذا، لذلك هو مسلسل موجه للأسرة المصرية بشكل عام، وقد تعرض المسلسل للعديد من القضايا من بينها المشكلات التى قد تنتج عن السوشيال ميديا وكذلك تصحيح المفاهيم حول بعض الأمراض مثل مرض البهاق واللوكيميا وأزمات التنمر فى هذه السن ، ومشكلات عدم التواصل بين الأهل، والمشكلات التى قد تنتج من الاستخدام السيئ للسوشيال ميديا. المتابع لأعمالك يجد أنها كلها ترتكز على هذه القضايا كونك حريصة على أن تكون أعمالك معايشة ومعاصرة للأحداث الجارية ، مثل قصة «قنال لا تعرف المحال» أو قصة «حياة وكريمة»؟ بالفعل كثيرا ما أشعر أنه لابد أن يكون هناك دور توثيقى للمنجزات التى يقوم بها المصريون، فعلى سبيل المثال قصة «قنال لا تعرف المحال» تناولت حادثة جنوح سفينة الحاويات «إيفرجيفن» وهى حادثة لابد من تسليط الضوء عليها وتوثيق دور المصريين فى حل هذه الأزمة ولذلك أردت توصيلها بشكل مبسط للأطفال عن طريق قصة معتمدة على معلومات موثقة ولكن ببعد إنسانى. كيف تقيمين الأعمال المقدمة للأطفال فى الوقت الراهن؟ خلال الموسم الرمضانى الأخير كان هناك غياب لأعمال الأطفال على العكس من الموسم السابق الذى شهد إشرافى على المسلسل الكرتونى «نورة»، كما شهدت ايضا الأعوام السابقة مسلسل «يحيى وكنوز» الذى حقق نجاحاً كبيراً. برأيكِ.. هل يمكن اعتبار المشاركة الواسعة للأطفال فى بعض الأعمال الدرامية بمثابة تعويض عن هذا؟ فى الحقيقة، الأعمال الدرامية ليست موجهة للطفل أساساً، بل كانت تناقش قضايا تخص الطفل ولكنها فى الأصل موجهة للكبار، وفى رأيى من الضرورى أن يقدم الطفل بشكل طبيعى لا مثالياً بشكل مبالغ فيه يجعله يشعر بالإحباط. كيف ترين الأعمال الدرامية التى تتضمن رسائل توعوية؟ لا شك أن هناك بعض النماذج الناجحة التى تناولت قضايا مجتمعية مهمة، وقدمت رسائل توعوية ذات قيمة. هل خضتِ تجربة شخصية ناجحة فى مجال توعية الطفل من خلال الفن؟ نعم، لدى تجربة أعتز بها كثيراً بعنوان «كلام سليم»، وهى سلسلة توعوية مكونة من ثلاثة أجزاء، كانت تهدف إلى توعية الطفل بأسلوب يحترم براءته، دون أن يثير الخوف أو الصدمة، بل يعلمه كيف يحمى نفسه، ويميز بين الخطأ والصواب. تطرقت السلسلة إلى قضايا هامة لكنها قدمتها بلغة بسيطة تراعى وعى الطفل ومستوى إدراكه، وتخاطبه بأسلوب مباشر وسلس، والحمد لله، لاقت السلسلة صدى طيباً وتفاعلاً إيجابياً لدى الأطفال، وكانت خطوة مؤثرة نحو تقديم محتوى آمن وهادف للأطفال فى بيئتنا العربية. حدثينا عن «حكايات ماما سماح»؟ من خلال برنامج «رحلة سعيدة» الذى أنتج من قبل الشركة المتحدة للأطفال؛ كنت أقدم فيه فقرة بعنوان «حكايات ماما سماح» داخل الاستوديو برفقة مجموعة من الأطفال، حيث أسرد لهم القصص فتتفاعل قلوبهم وعقولهم بشكل ملحوظ، وعندما زرت القرى والمحافظات، فوجئت بمدى تذكر الأطفال لهذه الحكايات وتأثيرها العميق عليهم. فالمضمون هو جوهر العمل وأساسه، والطفل المعاصر ذكى وقادر على التمييز بوضوح، لذلك، أحرص فى كتاباتى الحالية للأطفال على تناول موضوعات واقعية تلامس حياتهم اليومية، مثل تقبل الآخر، والابتزاز الإلكترونى، وقضايا حقيقية تواجههم بالفعل. هناك من يرى أن تركيزك الأكبر ينصب على النصوص الكرتونية.. فما تعليقكِ على ذلك؟ فى الحقيقة، اهتمامى لا يقتصر على النصوص الكرتونية فحسب، بل أؤمن بأن كل وسائل الفن والإعلام هى أدوات قيمة يمكن استخدامها لتوصيل الرسائل المهمة للأطفال، أعتبر أن البرامج التليفزيونية، والكرتون، وحتى المسرح، لها دورها الحيوى فى تشكيل وعى الطفل. لقد قدمت سابقاً مسلسلات مثل «علاء الدين» و«جدو أمين»، وعملت فى مجال مسرح العرائس برفقة الأستاذ حسن عبد الغنى، بالإضافة إلى مشاركتى فى مسلسل «الريشة المسحورة» مع الفنان أحمد بدير، كما قدمت مسلسل «الرحلة» باستخدام الصلصال بالتعاون مع الدكتورة زينب زمزم. فى كل هذه الأعمال، كان الأبطال الذين شاركوا معى يؤمنون بشدة بأهمية ما يقدم للطفل من محتوى هادف وراقٍ، وهذا ما أحرص عليه دوماً فى مسيرتى المهنية. لو عدتِ بالذاكرة إلى الوراء.. كيف تقارنين الأعمال المقدمة فى ذلك الوقت بالمقدمة فى الوقت الراهنً؟ فى الواقع، لا أستطيع المقارنة؛ فهناك أعمال جيدة حالياً مثل «يحيى وكنوز» الذى ناقش تاريخ مصر بطريقة ممتعة للأطفال، و«نورة» الذى تناول لأول مرة قضايا الفتيات فى سن المراهقة وتأثير السوشيال ميديا عليهن، وكان عملاً محترماً جداً، حتى مسلسل «سر المسجد»، الذى قدم قبل عامين، كان يعلم الأطفال قواعد وأسس الدين بأسلوب جديد وسلس إذن كان هناك تنوع بالفعل. هل تعملين حالياً على مشاريع جديدة؟ بالتأكيد.. أعمل حالياً على مشاريعى الخاصة، مثل كتبى وإصداراتى، ومؤخراً، تم اختيار قصتى «أم منصور وبستان النور» كواحدة من أفضل خمس قصص لهذا العام، وهى موجهة للأطفال اللاجئين والأطفال المتأثرين بالحروب، خصوصاً فى غزة. إلى جانب ذلك، أفتخر أيضاً بعملى الميدانى، خاصة مع مؤسسة «حياة كريمة» والمجلس القومى للمرأة، حيث أشارك فى مبادرات توعوية للأطفال. كيف ترين مستقبل أدب الطفل فى مصر؟ أنا متفائلة جداً، فهناك كتاب موهوبون، وهناك إصدارات رائعة تتنافس على الجوائز، والدولة مهتمة جداً بالأطفال، والدليل مبادرة «حياة كريمة» التى اهتمت بالبنية التحتية والبيئة المحيطة بالأسرة والطفل، وخصصت فعاليات للأطفال وقد نقلت فرحة الأطفال بهذا للرئيس عبدالفتاح السيسي شخصياً فى لقائى معه فى يوم المرأة فى شهر مارس الماضى، حيث عبرت عن فرحة الأطفال بالمشاركة فى ورش عمل وأنشطة ضمت أكثر من 150 طفلاً من قرى مختلفة. وماذا عن طفولتك كونك بنت أسرة تضم مبدعين لاشك أن كان هناك تأثير على طفولتك؟ النشأة الأولى مهمة جدا ، ولها تأثير كبير فى بناء الشخصية ، ولعل معيشتى أول 5 سنوات فى بيت جدتى كان لها بليغ الأثر لأنها كانت حكاءة من الدرجة الأولى وتأثرت بها كثيرا وتأثرى بوالدى الفنان أبوبكر عزت من حيث حب القراءة كضلع أساسى من أضلاع البيت ، ومع ذلك كنت أريد دائما إثبات ذاتى بعيدا عن نجاحات والدى، واعتمدت على نفسى، ومجال الكتابة لا وساطة فيه لأن الجمهور هو المحكم ، وقد تطرقت لزاوية تختلف عنهما فلم أفكر أبدًا أن أحيد عن مجالى وأن أكتب مثلا دراما تليفزيونية بل بالعكس، أنا أعتبر نفسى أمارس هوايتى المفضلة التى أستمتع بممارستها . حصلتِ على جوائز رفيعة تقديراً لجهودك.. ما تعليقك على ذلك؟ الحقيقة أننى أعتبر عملى مع الأطفال رسالة، وليس مجرد وظيفة إنه مسئولية كبيرة، لأن الحديث مع الأطفال يعنى تشكيل وعيهم وصياغة شخصيتهم، وهذا يتطلب تبسيط الأفكار دون تسطيحها، فالطفل اليوم أكثر وعياً بفضل الانفتاح على العالم، لذلك علينا دائماً تطوير أساليبنا فى تقديم المعلومة، لأن الأطفال ليسوا كما كانوا قبل عشر سنوات.