آمال فريد.. سيدة الرقة التي رحلت في صمت وبقيت في الذاكرة
في مثل هذا اليوم، 19 يونيو، تطل علينا ذكرى رحيل الفنانة الهادئة آمال فريد، إحدى أبرز نجمات العصر الذهبي للسينما المصرية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. امتلكت حضورًا ناعمًا وموهبة شفافة، جعلتها محبوبة من الجمهور والنقاد على حد سواء. ورغم ما حققته من نجومية، اختارت الابتعاد مبكرًا عن الأضواء، لتغيب عن الساحة كما عاشت فيها: بهدوء وكرامة.
بدايات نشأتها ودخولها عالم الفن
وُلدت آمال فريد في 12 فبراير 1938 بحي العباسية في القاهرة، وتميزت منذ طفولتها بالجدية والتفوق الدراسي، حيث حصلت لاحقًا على ليسانس في الآداب قسم الاجتماع. بدأت خطواتها الأولى من خلال برامج الأطفال، وكان برنامج "بابا شارو" بوابتها الأولى إلى عالم الإعلام.
انطلقت مسيرتها الفنية بعد أن لفتت الأنظار بفوزها في مسابقة نظمتها مجلة "الجيل"، الأمر الذي شجع كتابًا كبارًا مثل مصطفى أمين وأنيس منصور على ترشيحها للسينما، فبدأت رحلتها أمام الكاميرا، وشقت طريقها إلى النجومية سريعًا.
محطات بارزة في السينما
قدّمت آمال فريد مجموعة من الأعمال التي لا تزال تُعرض حتى اليوم، منها:
موعد مع السعادة (1954) مع فاتن حمامة
ليالي الحب (1955) أمام عبد الحليم حافظ، والذي مثّل نقطة تحول في مسيرتها
بنات اليوم، صراع مع الحياة، الشيطانة الصغيرة، امرأة في الطريق
وظهرت أيضًا ببراعة في إحنا التلامذة، حماتي ملاك، وإسماعيل ياسين في الطيران
تميزت أدوارها بالبراءة والعذوبة، وغالبًا ما جسدت شخصية الفتاة الحالمة الطيبة، ما جعلها رمزًا للجمال البسيط والروح النقية على الشاشة.
حياتها الشخصية واعتزالها المفاجئ
تزوجت آمال فريد مرتين، وكانت زيجتها الأولى من مهندس مصري يعمل في موسكو، حيث انتقلت للعيش معه هناك، وقررت بعد ذلك الانسحاب من الفن بهدوء في أواخر الستينيات. لم تُنجب، وعاشت حياة بعيدة عن الإعلام، اختارت فيها العزلة والخصوصية.
وفيما أثيرت شائعات كثيرة حول علاقة عاطفية بينها وبين عبد الحليم حافظ، نفت آمال ذلك مرارًا، وأكدت أن ما كان بينهما لا يتعدى الاحترام المتبادل والزمالة الفنية.
سنواتها الأخيرة ورحيلها الصامت
عادت آمال إلى مصر في سنواتها الأخيرة، واختارت الإقامة في دار للمسنين بحي مصر الجديدة. تعرضت لمشاكل صحية متكررة، خضعت خلالها لعملية جراحية لتركيب مفصل، قبل أن تتدهور حالتها تدريجيًا.
نُقلت إلى مستشفى شبرا العام، وهناك عبّرت عن رغبتها الأخيرة: ألا يُقام لها عزاء أو جنازة رسمية، وأن تُخصص نفقات العزاء للفقراء والمحتاجين – وصية جسّدت نقاء قلبها ورقي أخلاقها.
وفي 19 يونيو 2018، أُعلن عن وفاتها عن عمر ناهز الثمانين، وجرى تنفيذ وصيتها بالكامل، وسط وداع هادئ خالٍ من الأضواء، واكتفت نقابة المهن التمثيلية بنعي بسيط لها.
إرث فني خالد رغم الغياب
رغم أن رحلتها الفنية لم تطل، فإن آمال فريد نجحت في ترك بصمة ناعمة لا تُنسى. شكلت جزءًا من ذاكرة السينما المصرية في زمنها الأجمل، وتظل أعمالها شاهدة على موهبة نقية اختارت أن تحيا وتُغادر ببساطة نادرة.