قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، والمستشار القانوني السابق لقوات حلف الناتو في البلقان، إن الصراع بين إسرائيل وإيران دخل منذ المواجهات المباشرة التي اندلعت يوم الجمعة الماضي، مرحلة جديدة وخطيرة، ترفض كل محاولات التهدئة.
وأوضح "سلامة" في حديث لـ"دار الهلال"، أن هذا التصعيد المستمر يعود إلى عدة أسباب متشابكة حوّلت ما كان يُعرف بـ"حرب الظل" إلى مواجهة مفتوحة يصعب احتواؤها.
وأشار إلى أن أولى هذه الأسباب هي انهيار قواعد الردع المتبادل، حيث كسر الهجوم الأخير، بغض النظر عن مصدره، التفاهمات الضمنية السابقة، مما دفع كل طرف إلى محاولة فرض "قواعد اشتباك" جديدة.
وأضاف سلامة، أن إسرائيل ترى أن أي تهاون في الرد سيُفسَّر على أنه ضعف يُقوِّض أمنها، بينما تشعر إيران بأنها مضطرة للرد بشكل مباشر وقوي حفاظًا على ماء وجهها ومصداقيتها لدى حلفائها في المنطقة، وهو ما أدى إلى تسارع حلقة "الفعل ورد الفعل" بشكل غير مسبوق.
وأردف أن الضغوط السياسية الداخلية تلعب أيضًا دورًا حاسمًا، حيث يواجه القادة في كلا البلدين ضغوطًا من التيارات المتشددة التي ترفض أي تهدئة وتطالب بردود فعل قاسية، في وقت يُستخدم فيه التصعيد الخارجي كوسيلة لتوحيد الجبهة الداخلية وتشتيت الانتباه عن الأزمات الاقتصادية أو السياسية.
وأكد الدكتور أيمن سلامة أن غياب الطرف الدولي القادر على فرض التهدئة بشكل فعال يفاقم الأزمة، موضحًا أن الولايات المتحدة تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، في حين تقف روسيا والصين في موقف أكثر دعمًا لإيران، وهو ما يُعطّل أي جهد دولي موحد.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن هذا الفراغ الدولي يجعل الطرفين يعتبران الساحة مفتوحة أمامهما لتسجيل النقاط، مما يجعل الخروج من دوامة العنف الحالية أمرًا بالغ الصعوبة والخطورة.
الحرب الإسرائيلية الإيرانية
ومنذ فجر الجمعة الماضية، تشنّ إسرائيل عدوانًا على إيران بهدف تدمير المنشآت النووية الإيرانية كهدف معلن، وإسقاط النظام الإيراني كهدف ألمحت إليه، في عملية حملت اسم "الأسد الصاعد"، اغتالت ضمنها علماء نوويين وقادة عسكريين كبارًا.
كان الهجوم الإسرائيلي على إيران متوقعًا منذ بداية العام الحالي، غير أن واشنطن حالت دون تنفيذه، في مسعى لإعطاء المسار الدبلوماسي فرصة قد تفضي إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وردًا على العدوان الذي طال أراضيها، أطلقت طهران، مساء اليوم ذاته، عملية "الوعد الصادق 3"، التي تهاجم فيها أهدافًا استراتيجية في إسرائيل بعشرات الصواريخ والطائرات المسيّرة، مُلحقة بها خسائر فادحة، يكتنفها تعتيم من قبل السلطات الإسرائيلية.
وأكدت طهران أن توقف هجماتها مرهون بوقف إسرائيل عدوانها على الأراضي الإيرانية، مشددة على أن ردها مشروع وفقًا للقانون الدولي.
ويمثل الصراع الحالي أكبر تصعيد بين إسرائيل وإيران، اللتين يجمعهما عداء طويل منذ عقود، حيث يُعدّ انتقالًا من حرب الظل التي استمرت بينهما سنوات إلى صراع عسكري مفتوح.