بعد الضربة الصباحية ونفى إيران وتهديد إسرائيل.. هل تندلع المواجهات من جديد بين طهران وتل أبيب؟
رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، زعم الاحتلال أنه تصدى لقصفة صاروخية إيرانية، حيث أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، أن إسرائيل "سترد بقوة" بعد "الانتهاك الصارخ" على حد وصفه.
وقال: "لقد أصدرتُ تعليماتي للجيش الإسرائيلي، بالتنسيق مع رئيس الوزراء، بمواصلة العملية المكثفة لضرب طهران وإحباط أهداف النظام والبنية التحتية للإرهاب في طهران"، وذلك بعد اعتراض صاروخين أُطلقا من إيران على إسرائيل.
وفي المقابل نفت وسائل الإعلام الإيرانية إطلاق إيران صواريخ على إسرائيل، حيث نفت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية ما تردد عن إطلاق أي صواريخ من إيران باتجاه الأراضي المحتلة خلال الساعات الأخيرة، حسبما أفادت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء.
وأكد سياسيون أنه رغم غموض الاتفاق لوقف إطلاق النار بين الجانبين، إلا أن الأمور في اتجاهها للتهدئة، بعد ما حققته الضربات العسكرية المتبادلة خلال الـ12 يومًا الماضية من نجاحات لكل طرف، موضحين أن هذا الاتفاق ربما يكون استراحة للهدنة بين الجانبين في حلقة ممتدة للصراع بينهما.
غموض بشأن الاتفاق
وقال الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية، إن الحديث عن وقف دائم للعمليات العسكرية بين إيران وإسرائيل غير مؤكد، وذلك لعدة أسباب رئيسية، أولها غموض اتفاق وقف إطلاق النار، حيث لا تزال تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي ترامب، غامضة، موضحا أنه لا توجد معلومات واضحة حول بنوده، ولا نعرف من هي الأطراف التي وافقت عليه، مما يجعل مصداقيته محل شك كبير.
وأكد في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أنه من غير المؤكد ما إذا كانت إيران ستلتزم بوقف إطلاق النار وتعود إلى المفاوضات النووية، بالإضافة إلى ذلك، مصير المواد النووية التي تم نقلها من المنشآت النووية إلى أماكن آمنة لا يزال مجهولًا، مضيفا أن هناك تصريحات متضاربة من المسؤولين الإسرائيليين؛ فبينما يعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الالتزام بوقف إطلاق النار، يصرح وزير الدفاع باستهداف مواقع داخل طهران.
ولفت إلى أن هذا التضارب قد يشير إلى توزيع أدوار أو محاولة لكسب الوقت لإعادة ترتيب الأوراق، خاصة وأن كلا الطرفين، إيران وإسرائيل، تكبّدا خسائر كبيرة، وكانت الضربة الإيرانية الأخيرة على أنحاء الأراضي المحتلة قاسية، حيث قتل نحو 5 في بئر سبع وأصيب آخرون.
وأضاف سلامة أنه من الواضح أن كلا الطرفين يحتاجان إلى فترة لإعادة ترتيب الأوراق، ولا يمكن تحديد مدة هذه الفترة، فقد تكون قصيرة أو طويلة، مؤكدا أنه لا يمكن لأحد أن يجزم بانتهاء الصراع بشكل دائم، فلكل طرف أجندته الخاصة، حيث أن نتنياهو يسعى للاستمرار في المشهد السياسي، وتبييض صورته بعد الانتقادات التي واجهها بشأن غزة، محاولًا فتح جبهة جديدة تحت ذريعة تهديد الأمن الإسرائيلي.
وأشار إلى أن إيران تسعى لإظهار أنها تمكنت من الرد والحفاظ على ماء الوجه، وتؤكد عدم تأثر مواقعها النووية، بل وتدعي استهداف قواعد أمريكية كدليل على انتصارها، مؤكدا أنه على الرغم من ادعاءات النصر من كلا الجانبين، إلا أن الطرفين تكبّدا خسائر فادحة، إلا أن خسارة إسرائيل أكبر، فقد تحطمت نظرية الردع لديها بوصول الصواريخ الإيرانية إلى عمق تل أبيب، كما تعطلت الحياة في إسرائيل لمدة 11 يومًا، وتوقفت الخدمات والتعليم، مما يشكل إهانة كبيرة لها.
وشدد على أنه من الممكن أن تكون هذه الفترة لوقف إطلاق النار مجرد استراحة مؤقتة قبل جولات صراع أخرى، غير معلومة الموعد لكنها محتملة في أي وقت.
الأمور تتجه للتهدئة
ويقول الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه ودخل حيز التنفيذ في السابعة صباحًا اليوم، كان يهدف إلى تحقيق نوع من التوازن بين الأطراف، بحيث يشعر كل من الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران أنه قد حقق مكسبًا، موضحا أنه كان من المتوقع أن يستمر هذا الاتفاق لمدة 12 ساعة لتعلن نهاية الحرب رسميًا بعد 24 ساعة، ولكن يبدو أنه قد تم انتهاكه.
وأضاف في تصريحات لبوابة "دار الهلال"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرح بأن إيران وإسرائيل انتهكوا الاتفاق، ورغم أهمية وقف إطلاق النار، إلا أن تحديد المسؤول عن هذه الانتهاكات لا يزال غير واضح تمامًا، مضيفًا أن القصف الإيراني الموجه إلى إسرائيل استمر حتى بعد هذا الموعد، رغم أن الصواريخ ربما تكون قد أُطلقت قبل السابعة صباحًا -حيث موعد بدء سريان الاتفاق- لكنها ربما تصل بعد بدء سريانه، وقد يكون هذا السبب الذي دفع الاحتلال للقول إن إيران انتهكت الاتفاق.
وأوضح بدر الدين، أنه عندما رأت إسرائيل الوضع على هذا النحو، بدأت في الرد، وهذا أيضًا يمثل انتهاكًا طالما أنه حدث بعد الموعد المتفق عليه، مضيفا أن هناك عدة أسئلة مطروحة الآن هل ستستمر الأمور على هذا النحو، أم سنعود مرة أخرى إلى وقف إطلاق النار؟ هل يقتصر الأمر على انتهاك متبادل بين الطرفين وينتهي عند هذا الحد، أم سنعود إلى القصف المتبادل والمواجهة بين إيران وإسرائيل؟.
وأشار إلى أنه من المرجح أن يكون هذا الانتهاك مؤقتًا أو عارضًا، لأنه ليس هناك مصلحة للطرفين في العودة مرة أخرى إلى المواجهة الشاملة، لو كان الأمر كذلك، لما وافق الجانبان على وقف إطلاق النار من الأساس، مشددًا على أن استمرار المواجهة يهدد مصالح إسرائيل وإيران على حد سواء، ويتسبب في خسائر للطرفين، لذلك، فهذا الانتهاك قد يكون مؤقتًا، وربما تعود الأمور مرة أخرى إلى الموافق على وقف إطلاق النار.
وأكد أنه بالنظر إلى الخسائر في الجانبين، فلا يمكن القول إن كل طرف حقق أهدافه، فالأطراف الثلاثة المعنية – أمريكا، إسرائيل، وإيران – تشعر كل منها أنها حققت مكسبًا إذا استمر وقف إطلاق النار، وكل منها تشعر أنها لم تخسر خسارة ساحقة، بمعنى آخر، هذه ليست "مباراة ذات حصيلة صفرية" حيث ينتصر طرف انتصارًا حاسمًا ويهزم الآخر هزيمة ساحقة.
ولفت إلى أنه بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة: كلاهما يشعر أنه حقق مكسبًا بالضربات التي وجهت للمنشآت النووية الإيرانية، وكلاهما يشعر أنه تم تأخير البرنامج النووي الإيراني لعدة سنوات، مما يحقق هدف إسرائيل في احتكار السلاح النووي، وهدف الولايات المتحدة فيما يخص الملف النووي الإيراني.
وأوضح أنه بالنسبة لإيران تشعر أيضًا أنها حققت مكسبًا، حيث ألحقت خسائر غير مسبوقة بإسرائيل، حيث لم يحدث منذ حرب 1973 منذ أكثر من 50 عامًا أن واجهت إسرائيل دولة بشكل مباشر بهذا الشكل، في السابق، كانت تواجه ميليشيات أو منظمات مسلحة، لكن هذه المرة، تواجه إسرائيل دولة وتتعرض لقصف بهذه الحدة يصل إلى العاصمة تل أبيب ومدن مهمة مثل حيفا وبئر السبع، ويسبب خسائر في الأرواح والممتلكات ربما تكون غير مسبوقة، وهذا يجعل إيران تشعر أنها حققت مكسبًا.
وشدد على أن كل طرف يشعر أنه حقق مكسبًا، وفي نفس الوقت يشعر كل طرف أنه لم يخسر خسارة ساحقة، إسرائيل تكبدت خسائر، لكنها ليست ساحقة، وكذلك إيران، لذلك من المتوقع أن تعود الأمور مرة أخرى إلى الالتزام بالاتفاق.