رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الاعتداءات على الفنون في أوروبا.. تهديد متصاعد للإبداع

25-6-2025 | 11:26


تشويه لوحة الموناليزا مؤخرًا

دعاء برعي

تتعرض المتاحف الأوروبية لهجمات على لوحات فنية شهيرة عمدًا من محتجين سياسيين، باستخدام الطلاء أو المواد الغذائية، للفت الأنظار نحو قضايا المناخ أو العدالة الاجتماعية، أو دون عمد من خلال الزوار الطامحين لالتقاط الصور إلى جانب اللوحات، وقد لوحظ ذلك مؤخرًا بشكل فج، الأمر الذي أحدث جدلًا واسعًا حول حماية التراث، وأمن المؤسسات الثقافية في أوروبا.

واتخذت إدارات المتاحف إجراءت أمنية مشددة ضد المحاولات الاعتدائية على الفن الكلاسيكي في باريس ولندن وبرلين.

وفي ضوء التخريب غير المتعمد طالب متحف "بالازو مافي" في مدينة فيرونا الإيطالية، مؤخرًا زواره باحترام الأعمال الفنية بعد أن حطم زوجان أحد المعروضات النادرة خلال محاولة لالتقاط صور تذكارية، في واقعة وُصفت بأنها "كابوس لكل متحف"، حيث نشر المتحف في أبريل الماضي مقطع فيديو، يشير إلى اقترب رجل وامرأة من عمل فني عنوانه "كرسي فان غوخ"، لمنحوتة هشة أبدعها الفنان الإيطالي نيكولا بولا، مغطاة بمئات من بلورات سواروفسكي اللامعة، تعرض على قاعدة خاصة داخل قاعة المتحف.

فيما وقعت مؤخرا حادثة أخرى، ارتكبها سائح في قصر "مافي" في "فيرونا"، كان قد ألحق ضررًا بعمل فني مرصع بالكريستال عنونه "كرسي فان جوخ" للفنان نيكولا بولا، ويبدو أنه ارتكب ذلك دون قصد، من خلال بحثه عن صورة مثالية إلى جانب العمل الفني.

وعلى غرار إلحاق الضرر غير المتعمد من خلال بعض زوار المعارض، فقد تعرضت في شهر أبريل الماضي، لوحة لـ"مارك روثكو" للتخريب على يد طفل في متحف "بويمانز فان بونينجن" الهولندي في غفلة من الزمن، وكانت اللوحة التجريدية "رمادي، برتقالي على أحمر غامق، رقم 8" المرسومة عام 1960، قد خدشها الطفل الذي كان يزور معرض "روتردام، حيث كانت معروضة، وقدرت قيمة اللوحة بما يصل إلى 50 مليون يورو.

أما في إطار التخريب المتعمد فألقى نشطاء من حركة "Just Stop Oil" البريطانية حساء الطماطم على لوحة "عباد الشمس" الشهيرة لفينسنت فان جوخ داخل المتحف الوطني في لندن، للفت النظر حول التغير المناخي، وعلى الرغم من أن اللوحة كانت محمية بزجاج، لكن الحادث أحدث ضجة في الأوساط الفنية، وتسبب في إغلاق مؤقت للقاعة وفتح تحقيق موسع من قبل الشرطة البريطانية.

وصرحت إدارة المتحف أنها "لن تتسامح مع أي شكل من أشكال التخريب"، وشددت على أن "الفن ليس وسيلة ضغط، بل لغة حضارية"، وحُكم على أحد المتهمين مؤخرًا بالسجن لمدة عامين، والآخر بالسجن لمدة 20 شهرًا.

فيما استهدف مجموعة من النشطاء لوحة "الفتاة ذات القرط اللؤلؤي" الشهيرة لـ فيرمير داخل متحف ماورتشهاوس في لاهاي، بهولوندا حيث تم لصق أحد المحتجين رأسه بزجاج اللوحة بينما سكب الآخر سائلاً أحمر اللون على الحائط المحيط بها، وعلى الرغم من نجاة اللوحة من التلف، اضطر المتحف إلى تغيير سياسة الدخول وفرض إجراءات تفتيش أكثر صرامة للزوار.

وفي باريس، ألقت ناشطة بيئية كعكة على لوحة "الموناليزا" في متحف اللوفر في واقعة أثارت اهتماماً عالمياً واسعاً، حيث ادعت الناشطة أن "الفن لا يساوي شيئًا على كوكب يحتضر". لم تتضرر اللوحة بفضل طبقة الحماية الزجاجية، لكن السلطات الفرنسية شددت الحراسة حول الأعمال الشهيرة، وأعادت تقييم بروتوكولات السلامة.

وحيال هذه الاعتداءات والهجمات الشرسة ضد الأعمال الفنية في أوروبا أعلنت عدة متاحف كبرى – من بينها متحف برادو في مدريد وأوفيسي في فلورنسا – عن خطة أوروبية موحدة لتعزيز أمن الأعمال الفنية، تشمل: زيادة عدد كاميرات المراقبة داخل القاعات، وتشديد التفتيش الأمني على الحقائب والملابس، وتقليص المسافة بين الزوار واللوحات الشهيرة، واستخدام زجاج مضاد للتخريب في بعض القاعات الحساسة.

ودعت جمعيات حماية التراث الثقافي الأوروبية إلى سن تشريعات تجرم استهداف الممتلكات الثقافية حتى في سياقات الاحتجاج السلمي، حفاظًا على الإرث الإنساني المشترك

وذكرت شبكة "يورونيوز" الإخبارية أمس الثلاثاء، أن سائحًا تعثر عندما كان يحاول التقاط صورة سيلفي فوق المنصة المصممة لإبعاد الزوار عن لوحة فرديناندو دي ميديشي (دوق توسكانا الأكبر - 1695-1700) للفنان الإيطالي الباروكي أنطون دومينيكو غابياني، وهي لوحة من القرن الـ18 في معرض "أوفيزي" بفلورنسا، مخلفا ثقبا في العمل الفني.

وأضافت الشبكة أن صور الحادثة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وجميع القنوات التلفزيونية الإيطالية، مشيرة إلى أنه تم إزالة اللوحة، التي تعد جزءا من معرض "فلورنسا وأوروبا: فنون القرن الثامن عشر" في "أوفيزي"، منذ ذلك الحين للإصلاح.

وقالت إدارة المتحف "إن الضرر كان طفيفا نسبيا.. ومع ذلك، أغلق المعرض الآن حتى 2 يوليو المقبل عقب هذه الحادثة، وسيتم إصلاح اللوحة في هذه الأثناء لتكون جاهزة للعرض مجددا".. وأكد مدير المتحف أنه تم تحديد هوية السائح المتسبب في الواقعة وسيلاحق.