منتدى الأبطال الجدد.. ريادة الأعمال والتكنولوجيا تقودان تحولات الاقتصاد العالمي
ناقش المشاركون في الاجتماع السنوي السادس عشر لـ "الأبطال الجدد"، الذي ينظمه المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة (تيانجين) الصينية، والذي بدأ أعماله أمس الأول، الدور المحوري لريادة الأعمال والتكنولوجيا في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي، حيث أجمع الحاضرون على أن ريادة الأعمال والابتكار يدفعان عجلة الإنتاجية خاصة أن المنصات الرقمية، والذكاء الاصطناعي، وحلول الأتمتة توفر مسارات جديدة نحو تحقيق المرونة الاقتصادية وخلق فرص عمل مستدامة.
ويأتي هذا التركيز في ظل التحديات العالمية المتسارعة، بما في ذلك تباطؤ النمو، وتغير المناخ، والتحولات التكنولوجية، ما يجعل الاستثمار في الاقتصاد الرقمي والابتكار عنصرا حاسما في بناء مستقبل أكثر شمولا واستدامة.
وأوضح المنتدى - في بيان - أنه في ظل منعطف حرج يمر به الاقتصاد العالمي، اجتمع أكثر من 1700 من قادة العالم من الحكومات وقطاع الأعمال بمن فيهم كبار المبتكرين والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الاقتصادي العالمي "الأبطال الجدد 2025" في (تيانجين) الصينية.
ومن خلال حوارات رفيعة المستوى ومناقشاتٍ عملية، ساعد الاجتماع القادة على التكيف مع السياق الجغرافي الاقتصادي الجديد، وصياغة نماذج أعمال جديدة، وبناء شراكات جديدة لتحقيق كامل إمكانات التقنيات الناشئة وفتح آفاق جديدة للنمو.
وتحت شعار "ريادة الأعمال لعصرٍ جديد"، استكشف قادة ورواد أعمال من الجيل القادم، بمن فيهم رواد الابتكار، والشركات الناشئة، ورواد التكنولوجيا، والأبطال الجدد، كيفية تسخير قوة التقنيات الناشئة وريادة الأعمال في تعزيز المرونة الاقتصادية، وتحول الصناعة، والاستدامة كما ركزت الجلسات بشكل خاص على الأسواق الناشئة، بالإضافة إلى الاتجاهات التي تشكل الاقتصادات الآسيوية، والتوقعات الاقتصادية للصين.
وقال بيتر برابيك-ليتماثي، الرئيس المؤقت لمجلس أمناء المنتدى الاقتصادي العالمي: "في ظل مشهد عالمي متحول، تُعد التكنولوجيا مفتاح دفع عجلة التقدم المشترك".
وذكر بورج بريندي، الرئيس والمدير التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي: "في عالمٍ يتسم بتزايد التشرذم، لا يُمكننا بناء حلول مرنة تفيد الجميع إلا من خلال الإبداع المشترك والتعاون الوثيق بين القطاعات والمناطق".
وتابع لي تشيانج، رئيس وزراء جمهورية الصين الشعبية: "غالبا ما تصاحب التغييرات والتحولات إعادة هيكلة وإعادة تشكيل، خاصة أن اقتصاد العالم غدا لن يكون مجرد تكرار لقصص الماضي".
وقال لورانس وونج، رئيس الوزراء ووزير المالية في سنغافورة: "أعتقد أننا جميعا قادرون على إحداث فرق. يمكننا تمهيد الطريق لنظام عالمي جديد وأكثر استقرارا".
وقال عثمان سونكو، رئيس وزراء السنغال: "يتطور العالم اليوم بسرعة كبيرة، لا سيما مع التقنيات الجديدة، وعلينا التركيز على العدالة الاجتماعية، وتعزيز رأس مالنا البشري".
وقالت أنيت موسمان، الرئيسة التنفيذية لمجموعة APG: "إذا أردنا نمو إجمالي الناتج المحلي، فلا بد من زيادة الإنتاجية". وأضافت: "أعتقد أن الذكاء الاصطناعي هو السبيل لتحقيق ذلك".
وركز الاجتماع على خمسة محاور رئيسية: فهم الاقتصاد العالمي، وتوقعات الصين، والقطاعات المتعثرة، والاستثمار في الإنسان والكوكب، والطاقة والمواد الجديدة.
وفي ظل التوترات التجارية، وحالة عدم اليقين السياسي المرتفعة، وتباطؤ الإنتاجية والنمو، اتفق المشاركون على أن ريادة الأعمال والابتكار يدفعان عجلة الإنتاجية، حيث توفر المنصات الرقمية والذكاء الاصطناعي والأتمتة مسارات جديدة للمرونة الاقتصادية وخلق فرص العمل. وقد توافق هذا الرأي مع أحدث إصدار من تقرير "توقعات كبار الاقتصاديين" للمنتدى. وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي محرك للنمو الاقتصادي، فقد أشار التقرير أيضا إلى أنه يُدخل مخاطر جسيمة من خلال التضليل الإعلامي وزعزعة الاستقرار المجتمعي.
وبما أن تزايد التشرذم الجغرافي الاقتصادي قد يغلق مسارات التنمية الاقتصادية التقليدية التي يقودها التصدير، فإن كلا من الدول المتقدمة والناشئة بحاجة إلى نماذج جديدة للتحول الاقتصادي.
وكان دور الاقتصادات الآسيوية، مثل الصين وفيتنام وسنغافورة، في الاقتصاد الأوسع موضوعا محوريا طوال الجلسة، حيث أعرب المشاركون عن تفاؤلهم بشأن تنامي التعاون الإقليمي وباعتبار آسيا مصدرا للنمو الذي تشتد الحاجة إليه.
وناقش أكثر من 70 قائدا من رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والصين مجالات جديدة للنمو الإقليمي النوعي، بينما ناقش قادة من أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط والصين كيفية التعامل مع تقلبات التجارة الحالية والسعي إلى تعاون اقتصادي عالمي عملي.
وقدّم تقرير المنتدى "مستقبل التكنولوجيا المالية العالمية" بيانات ورؤى جديدة مستمدة من مسح عالمي شمل 240 شركة تكنولوجيا مالية. وسلط تقرير آخر الضوء على المفهوم العام للعملة المؤثرة وتبادل التأثير، ودرس الاعتبارات الاقتصادية الكلية، إلى جانب أطر قياس التأثير، والعوامل السياسية والحوكمة.
وقال ميريك دوسيك، المدير الإداري ورئيس الأعمال ورئيس البرمجة العالمية في المنتدى الاقتصادي العالمي: "تعتمد مرونة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) على الاستثمار في الابتكار والتحول الرقمي والتصنيع المتقدم، بالإضافة إلى تعميق التعاون الإقليمي".
وقال بو لي، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي: "نشهد عصرا جديدا للتكنولوجيا الحديثة". وأضاف أن هذا "سيحدث تغييرات وفرصا للنظام النقدي الدولي".
وفي معرض حديثه عن النظام العالمي المستقبلي، صرح توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق والرئيس التنفيذي لمعهد توني بلير، بأنه بحلول منتصف القرن، ستكون هناك "ثلاث قوى عظمى: أمريكا والصين، وربما الهند". وأضاف: "وإذا أراد الجميع الجلوس على طاولة واحدة مع العمالقة الثلاثة، فسيتعين عليهم التكاتف".
ومن المتوقع أن تُسهم الصين بنحو 30% من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2025، مما يجعل مسارها الاقتصادي عاملا حاسما في تشكيل الأسواق العالمية وسلاسل التوريد حيث ناقش المشاركون استراتيجية الصين الاقتصادية المتمثلة في التحول نحو النمو القائم على التكنولوجيا، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي والتصنيع المتقدم والتكنولوجيا النظيفة، من بين أمور أخرى، في صميم سياستها الصناعية.
وكان دور الصين الحاسم كمحرك للنمو العالمي موضوعا محوريا خلال الاجتماع، لا سيما كيف يعيد تحولها نحو الاستهلاك المحلي تشكيل أنماط التجارة، مع ما يترتب على ذلك من آثار على المصدرين والشركات متعددة الجنسيات العاملة في البلاد.
وفيما يتعلق بالتوترات التجارية، سلطت جين كيو، الأستاذة في كلية إدارة الأعمال بجامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا، الضوء على مفهوم "الابتكار في أوقات الأزمات". وقالت: "يحدث الكثير من الإنجازات التكنولوجية في أوقات الأزمات".
وأكد تشانج جونج، عمدة تيانجين، على "التنمية الاقتصادية الصينية عالية الجودة والمبتكرة"، والتي "أصبحت بالفعل نافذة للعالم ليرى ويستشعر حاضر ومستقبل الاقتصاد الصيني".
كما هو الحال مع الثورات الصناعية السابقة، ستحتاج التحولات السريعة اليوم إلى مهارات جديدة وتقنيات ثورية لإعادة تشكيل الصناعات حيث تناول الاجتماع كيفية مرونة الصناعات في التكيف مع عالم متغير وبناء مرونتها مع تطورها.
وركزت الجلسات على تحديد العوائق المشتركة أمام تبني الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات والمناطق - مثل ندرة المواهب وعدم اليقين في الحوكمة - والتي تؤثر على جاهزية الذكاء الاصطناعي وقدرته التنافسية.
وأطلق المنتدى تقريره السنوي "أفضل 10 تقنيات ناشئة"، الذي سلط الضوء على 10 تقنيات ثورية في منعطفها الحاسم، حيث يلتقي التقدم العلمي بإمكانيات التأثير في العالم الحقيقي. وقد مثّلت المجموعة الجديدة من رواد التكنولوجيا طفرة عالمية في التقنيات الناشئة، من الروبوتات الذكية والذكاء الاصطناعي المكاني إلى سيارات الأجرة الطائرة والحلول الكمومية القابلة للتطوير.
وقالت بولا إنجابير، وزيرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والابتكار في رواندا: "ما سيتغير في السنوات الخمس المقبلة هو كيفية تعليم موظفينا وتأهيلهم وتدريبهم".
وفيما يتعلق بالاستثمار في الموارد البشرية، تتوقع التوقعات حدوث اضطرابات في مستقبل الوظائف بسبب العوامل الجيواقتصادية، والتحول الأخضر، والتطورات التكنولوجية.
وبالاستناد إلى بيانات من تقارير المنتدى العالمي للفجوة بين الجنسين والتكافؤ بين الجنسين في العصر الذكي، استكشف القادة كيفية تسريع قيادة المرأة في مجال التكنولوجيا، والتخفيف من اضطرابات الوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، والاستفادة من الأعمال الشاملة كمحرك للنمو في شرق آسيا.
وفي الوقت نفسه، ثمة حاجة ملحة إلى نماذج تعاون وتمويل أكثر فعالية لمواجهة مخاطر المناخ. وقد شدّد الاجتماع على أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص وأهميتها في مواجهة التحديات النظامية وتمكين التعاون بين القطاعات لدفع عجلة البنية التحتية المُستدامة. وتبادلت الجهات المعنية مجموعات الأدوات والنماذج لدعم مرونة الغذاء والمياه، والتكيف مع المناخ، والتمويل البديل.
وللتكيف الفعال مع تغير المناخ والمرونة، قال دليانج تشين، الأستاذ بقسم علوم الأرض بجامعة تسينغهوا: "علينا أن نبدأ في بناء شراكات فعالة بين جميع أصحاب المصلحة، وأن نستخدم المرونة حقا كمفهوم أساسي في التخطيط الاستراتيجي على جميع المستويات".
وقال ليو تشن مين، المبعوث الخاص لجمهورية الصين الشعبية لتغير المناخ: "إن التحول في مجال الطاقة يعني تحولًا وتغييرًا في نظام الإمداد بأكمله". وذكر أن هذا يعني أيضًا "تغييرًا في عقلية المستهلكين".
استكشف المشاركون التحديات المتعلقة بالتحول في مجال الطاقة، واستراتيجيات مختلفة لضمان إمدادات أكثر أمانًا واستقرارًا واستدامة لموارد الطاقة والمواد الأساسية اللازمة لدعم النمو الجديد والقدرة التنافسية.
شددت الجلسات على ضرورة توسيع نطاق الوصول إلى ابتكارات الطاقة النظيفة عبر المناطق الجغرافية والصناعات. واتفق أصحاب المصلحة على مسار الصين الواعد في مجال الطاقة النظيفة، واستكشفوا إمكانات تقنيات الكم والتمويل المختلط لخفض تكاليف رأس المال في الأسواق الناشئة.
وأظهرت أحدث نسخة من مؤشر التحول في مجال الطاقة، الذي أطلقه المنتدى خلال الاجتماع، والذي يقيس أداء أنظمة الطاقة في 118 دولة، أن التحول العالمي في مجال الطاقة يتسارع، لكن تحديات أمن الطاقة والتمويل لا تزال قائمة.
وقالت إليزابيث ثوربون، أستاذة الاقتصاد السياسي الدولي ومديرة مشروع "حوكمة الطاقة الخضراء" بجامعة نيو ساوث ويلز: "تتعامل الصين مع التحول في مجال الطاقة بطريقة مختلفة تمامًا عن العديد من الدول الأخرى، وخاصة الغرب". قالت: "إنها تُدرك أن التحول في مجال الطاقة يُمثل مُضاعفًا هائلاً للأمن القومي".