رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


غزة بين ضغوط ترامب ومناورات نتنياهو.. مستقبل ضبابي ورؤى متابينة

29-6-2025 | 14:29


قطاع غزة

محمود غانم

يدفع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى إنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، فيما يبدو أنه يأتي ضمن صفقة بينهما تكشّفت بعض من بنودها، بينما يبقى البعض الآخر تحت الستار.

ولأكثر من مرة، في الأيام الماضية التي أعقبت توقف الحرب الإسرائيلية الإيرانية، طالب الرئيس الأمريكي، بالتوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة، بعد أن تبيّن له أن إسرائيل عاجزة عن القضاء على حركة حماس.

وستطالب الولايات المتحدة من وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، خلال زيارته المقررة إلى واشنطن، يوم الاثنين القادم، حسب صحيفة "هآرتس" العبرية.

وقالت الصحيفة عن مسؤول في البيت الأبيض، إن الإدارة الأمريكية ستخبر الوزير الإسرائيلي، خلال زيارته إلى واشنطن، بضرورة "إنهاء الحرب في قطاع غزة، وإنقاذ الأسرى الأحياء، مع تأجيل تفكيك حركة حماس".

وجاء ذلك في أعقاب حديث الرئيس الأمريكي عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة، خلال سبعة أيام، وهو ما شكك فيه كثيرون.

وبشأن رؤية الرئيس الأمريكي لإنهاء الحرب، قالت مجلة "نيوزويك" عن مصدر مطّلع، إن الرئيس دونالد ترامب يبذل قصارى جهده لإقناع الإسرائيليين بأن الوقت مناسب لإنهاء الحرب في قطاع غزة، بعد أن انتهوا من موضوع إيران.

وأكد المصدر، أن الرئيس الأمريكي غير مهتم بهدنة مؤقتة ويسعى إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين في غزة ووقف دائم لإطلاق النار، مما يؤدي إلى مفاوضات حول مستقبل اتفاقية السلام الإسرائيلية الفلسطينية.

يأتي ذلك بينما من المقرر أن يعقد نتنياهو، اليوم الأحد، جلسة أمنية لبحث الوضع في قطاع غزة، بمشاركة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ورئيس هيئة الأركان اللواء إيال زامير.

وحسب إعلام عبري، فإن الاجتماع سيتناول استمرار عملية "عربات جدعون"، أو العملية العسكرية الإسرائيلية التي تجري في قطاع غزة، في الوقت الراهن.

المصدر ذاته، نقل عن مسؤولين بالجيش الإسرائيلي، قولهم إن "الحرب البرية في قطاع غزة على وشك الاستنزاف، وإن استمرار القتال قد يُعرّض حياة المحتجزين لدى حركة حماس للخطر"، حسب قولهم.

وهكذا تبدو الصورة واضحة من الجانب الأمريكي، حيث إن ترامب يسعى إلى وقف الحرب، في وقت لا يزال موقف نتنياهو يثير علامات استفهام، والذي عرقل مسار المفاوضات أكثر من مرة.

وفي المقابل، تؤكد حركة حماس على أن أي اتفاق بشأن الحرب يجب أن يتضمن انسحابًا كاملًا لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وتأمين تدفّق المساعدات الإنسانية العاجلة، والبدء بإعادة الإعمار، والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى جادّة، ولن تقبل بأقل من ذلك.

الحرب استنفدت أهدافها

تعليقًا على ما سبق، قال الدكتور عبد المهدي مطاوع، المحلل السياسي الفلسطيني، إن حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن وقف إطلاق النار في غزة لا يُفهم بالضرورة بوصفه محددًا زمنيًا دقيقًا، بل يعكس شكلًا من أشكال الضغط للإسراع في التوصل إلى هدنة.

وأضاف "مطاوع" في حديث لـ"دار الهلال"، أن "الظروف الدولية الراهنة، والانتصارات التي ترى الولايات المتحدة وإسرائيل أنهما حققتاها في الملف الإيراني، تدفع نحو محاولة معالجة الأزمات الداخلية في إسرائيل".

ويلفت أن في المقابل يسعى ترامب لربط الهدنة مع غزة بملف تبرئة بنيامين نتنياهو من المحاكمات، أي أن إنهاء الحرب يأتي مقابل إعفاء نتنياهو، في إطار صفقة موجهة للرأي العام الإسرائيلي، تجنب البلاد المزيد من الحروب.

وأكد مطاوع، أنه لا يمكن وصف ما يجري في غزة بالحرب، بل هو عدوان ممنهج وإبادة جماعية تُشن على الشعب الفلسطيني، مضيفًا: "لا يوجد تكافؤ بين طرفين، حيث دُمِّر القطاع بالكامل، وكذلك تعرّض الإنسان الفلسطيني لتدمير اجتماعي ونفسي وجسدي على مدار شهور. لا توجد مكاسب حقيقية تُذكر، في حين أن هذه المعاناة ممتدة لعشرات السنين"، مشددًا على أن الحرب الإسرائيلية استنفدت أهدافها في غزة.

في سياق متصل، أشار إلى أن نتنياهو حقق ما لم يكن يحلم به، سواء في لبنان أو سوريا أو حتى إيران، وهو الآن يتهيأ للدخول في الانتخابات القادمة، مدعومًا بارتفاع في شعبيته بحسب استطلاعات الرأي الإسرائيلية، والتي تُظهر أنها في أعلى مستوياتها منذ بداية الحرب.

وتابع المحلل السياسي الفلسطيني: "نتنياهو سيوقف الحرب، لكن سيضع شروطًا لذلك".

وفي شأن مستقبل القطاع، يشير مطاوع إلى أنه وفق رؤية مسربة نُشرت في صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية، فإن مستقبل القطاع سيخضع لقوة عربية متعددة الجنسيات مسؤولة عن الأمن في قطاع غزة، تكون السلطة الفلسطينية جزءًا منها، ولكن من دون أن تكون الجهة المسيطرة فعليًا".

وأوضح أن هذه الخطة تستثني حركة حماس من المشهد، سواء في جناحها السياسي أو العسكري، كما تتضمن إخراج قياداتها من غزة، وفتح باب الهجرة لمن يرغب من السكان، مشيرًا إلى أن "هذه الرؤية، كما يبدو، جزء من صفقة إقليمية شاملة، تتضمن وقف الإبادة مقابل ترتيبات سياسية وأمنية جديدة في غزة والمنطقة".

مشهد ضبابي

في غضون ذلك، أكد رجا طلب، الباحث السياسي الأردني، أن المشهد لا يزال ضبابيًا للغاية فيما يتعلق بمسار التفاوض لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشيرًا إلى وجود تباين عميق وتناقض صارخ بين ما تطالب به حركة حماس والمقاومة الفلسطينية من جهة، وبين ما تسعى إليه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو من جهة أخرى.

وأوضح "طلب" في حديث لـ"دار الهلال" أن حماس تطالب بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب شامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، فضلًا عن إدخال المساعدات الإنسانية التي تقدر بحوالي 600 شاحنة يوميًا، كحد أدنى لتفادي المجاعة، دون التطرق إلى قضايا مثل إخراج قادة المقاومة أو فتح باب التهجير لسكان غزة.

في المقابل، يرى طلب أن حكومة بنيامين نتنياهو، وحتى شركاءه داخل الائتلاف كأحزاب "شاس" و"القوة اليهودية" وغيرهم، لا تزال متمسكة بعدم الانسحاب من غزة، ومصرة على إخراج ما يسمى بـ"الرَّهائن" عبر القوة، كذلك تتمسك ببقاء القوات الإسرائيلية في غزة.

وأبدى تعجبه من رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن هناك إمكانية لتوقيع اتفاق خلال هذا الأسبوع، خاصة في ظل تمسك كل طرف بمطالبه المتناقضة جذريًا، في وقت يستعد فيه نتنياهو لزيارة مرتقبة إلى واشنطن.

وأشار طلب إلى أن حل هذه العقد المتشابكة قد يتطلب تحركًا حاسمًا من الوسيطين القطري والمصري.

واعتقد أن "الأمور ليست سهلة على الإطلاق، وترامب، بطبعه وشخصيته المندفعة وثقته الزائدة، يتعامل مع كل الملفات وكأنها صفقة عقارية، وهو ما لا ينطبق على هذا الملف المعقد".

وختامًا، أكد الباحث السياسي، أنه ليس متفائلًا بقرب التوصل إلى صفقة في قطاع غزة تحقق الحد الأدنى من مطالب حماس والمقاومة في قطاع غزة.