30 يونيو.. ثورة الدفاع عن دولة وطنية تشكلت عبر آلاف السنين
إذا سألت التاريخ عن مفهوم الدولة الوطنية وماهيتها، ستكون إجابته النموذجية " مصر ".. كلمة واحدة تختصر كل الكلمات والعبارات والشرح والتوضيح، تلخص المفهوم وتجيب بوضوح.. مصر أصل الدولة الوطنية قديما وحديثا.
على ضفاف النيل عرف العالم لأول مرة معنى الدولة بمفهومها الشامل، وقبل أن تشرق شمس الدنيا وقت أن كان الإنسان فى باقى أصقاع الأرض بدائيا يعيش فى الأكواخ يطارد الحيوانات وتطارده كان المصري القديم يبني حضارته ويشيد دولته الوطنية. آلاف السنين مرت، وستمر آلاف أخرى وستبقي مصر الخالدة عنوانا أصيلا لمفهوم الدولة الوطنية.
ممالك تقوم وتسقط، وإمبراطوريات تضمحل، وقوى عظمى تندثر، وحدها مصر الباقية شاهدة على العالم تكتب التاريخ وتصنعه ، وما بين شروق وغروب ونهار وليل، وشمس وقمر يسير ركاب الدولة المصرية عبر الزمان، ويضع المصري كل يوم حجرا جديدا فى أساس الحفاظ على دولته.
عجيب أن تستمر دولة آلاف السنين محافظة على هويتها الأصيلة، ولكن يزول العجب إذا كانت هذه الدولة هى "مصر"، التى لم تكتف بالحفاظ على هويتها، بل طبعت هذه الهوية علامة مسجلة على كل من اقترب منها سواء أكان عدوا أم صديقا، جيوش عرمرم هزمت كل من قابلها وجاءت عند مصر وتحطمت على صخرتها وفصول التاريخ تروي عن ذلك الكثير، حتى من استعمرها وحاول تغيير هويتها انقلب على عقبيه خاسرا خاسئا.
لم يبالغ هنري بريستد فى كتابه فجر الضمير الذى خرج للنور فى عام 1934 حينما وصف مصر القديمة بأنها مهد حضارة العالم، من طيبة القديمة أشرقت الشمس لتنير ظلام الدنيا.
بريستد لم يذهب بعيدا حينما أكد أن المصري القديم هو من وضع قواعد العدالة الاجتماعية ونموذج الأخلاق وأصل المبادئ الإنسانية، وكلها أصل من أصول الدولة الوطنية.
دولة المصري القديم فى أصولها وأساسها ما هى إلا أصل لما يعرف بالدولة الحديثة الآن.
وضع المصري قواعد دولته الوطنية ودافع عنها بروحه ودمه، لم يسمح لأحد بأن يعتدي على وطنه ولا أن يقترب من ثقافته وهويته.
حفظ التاريخ ملاحم المصريين فى الدفاع عن وطنهم، وسجل بين سطوره بأحرف من النور ارتباط المصري بأرضه ووطنه.
"الأرض كالعرض" مثل مصري خالص يلخص الحالة المصرية فى حب الوطن والذود عن الأرض ضد كل من تسول له نفسه أن بمقدوره السيطرة على مصر وشعبها أو تغيير هويتها.
طالت المقدمة بعض الشيء ولكنها ضرورية للتأصيل والتأكيد أن مصر هى فجر الدولة الوطنية وأول من أسست لهذا المفهوم فى العالم، قد تتعرض مصر لنكبات أو تحديات ولكنها تقاوم وتحافظ على ثوابتها، شعبها جيش ، وجيشها شعب وهذا هو صلب بقاء الدولة الوطنية عبر آلاف السنين، وهو ما يضمن بقاءها ما دامت الدنيا.
وهذا ما يلخص عظمة ثورة 30 يونيو 2013 الخالدة التى حجزت لنفسها فصلا خاصا ذهبيا فى تاريخ مصر الخالد، حينما ظنت جماعة مارقة أن بإمكانها السيطرة على مصر وشعبها الذى صنع ملحمته ودولته الخالدة عبر آلاف السنين. مجانين أصدق تعبير يصف جماعة الإخوان الإرهابية فهى فى الحقيقة "جماعة المجانين".. كيف ظن هؤلاء أن بإمكانهم تغيير هوية وطن حفر فى الصخر والجبال وكتب على جدران المعابد ملحمته الخالدة.
نحن أبناء أصحاب الملحمة توارثنا الجينات وفى أوقات المحن ندافع عن وطننا ونفتديه بأرواحنا.
ظهرت جينات المصريين الأصيلة فى 30 يونيو 2013 حينما أحسوا الخطر واستشعروا أن جماعة المجانين الإرهابية تختطف الوطن، تغير ثوابته وهويته، وتبدد أسسه الراسخة التى تشكلت عبر السنين وشكلت سبيكة فريدة قوامها التعدد والتنوع وقامت عليها أعمدة الشخصية المصرية كما ذكرها المفكر الراحل ميلاد حنا.
جماعة المجانين كانت تريد نشر الظلام على وطن لم يعرف يوما إلا النور.
هنا هب المصريون شعبهم وجيشهم للدفاع عن دولتهم الوطنية العظيمة، وكما أبطال التاريخ المصري فى المواقف العصيبة، ظهر القائد العظيم البطل عبد الفتاح السيسي ليدافع عن حق الشعب أن يقول كلمته ويثور ضد من يريد اختطاف وطنه وإسقاط دولته الوطنية، وأشرقت شمس مصر من جديد على العالم كما كانت عبر آلاف السنين، دولة وطنية أبية تحافظ على هويتها وتدافع عن ثوابتها.
نظرة واحدة حولك تكفيك مؤونة السؤال الصعب ماذا لو لم تقم ثورة 30 يونيو 2013.. ببساطة كانت ستنهار الدولة الوطنية.
الحمد لله على نعمة مصر الدولة الأبية.. ودائما أبدا.. تحيا مصر.