رواية واحة اليعقوب.. رحلة في صحراء الأسطورة بحثاً عن الحقيقة
تُعد رواية "واحة اليعقوب" من أبرز الأعمال الأدبية الحديثة التي أثارت تفاعلاً واسعاً بين القراء في مصر والعالم العربي منذ صدورها في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025.
وبأسلوب يمزج بين الفانتازيا والرعب والتأمل الفلسفي، يأخذنا الكاتب والطبيب عمرو عبد الحميد في رحلة غير تقليدية إلى عالم رمزي، متخيل، لكنه يُحاكي الواقع النفسي للبشر في لحظاتهم الأكثر ظلمة وخوفاً.
في واحة قاحلة لا تعرف الرمش، حيث فقد السكان القدرة على الظلال، وتحوّلت الأساطير إلى قوانين حياة، تدور حكاية يوسف، الذي يقرر الخروج من "النص المقدس" الذي فرضه الواقع والأسطورة.
رحلة يوسف ليست فقط عبر الرمال، بل عبر الأسئلة: من نحن حقاً عندما يُنزَع عنا الخوف؟ وهل يمكن أن ننتمي لعالم لا نراه بالكامل؟
لا تدعو الرواية إلى كسر الواقع من أجل التمرد، بل إلى مواجهة الخوف، وتفكيك القصص التي تربينا عليها، والتي كثيراً ما تُشكل سجونًا داخلية نعيش فيها بأجساد حرة وقلوب أسيرة.
ومن أهم المحاور التي تتناولها الرواية من خلال رموزها:
• الظل المفقود: كناية عن الهوية الفردية التي تُطمس بفعل القطيع.
• الرموش القاتلة: دلالة على كيف يمكن للغريزة أن تتحول إلى خطر إن لم تُفهم وتُحتوى.
• أطفال البئر: رموز للذكريات المؤلمة التي نحاول دفنها، لكنها تخرج في الظلام.
• حارس الواحة: التجسيد الخارجي للسلطة الأبوية أو المجتمعية، التي تُراقب ولا تغفر.
• الكتاب المحرم: الرمز النهائي للمعرفة التي نُمنع من الوصول إليها، رغم أنها مفتاح الخلاص.
عمرو عبد الحميد هو كاتب مصري وطبيب جراح، اشتهر بأعمال أدبية ناجحة تنتمي إلى أدب الخيال العلمي والفانتازيا، مثل ثلاثية أرض زيكولا وقواعد جارتين.
يتميز بأسلوبه القادر على مزج الخيال بالحكمة، وبناء عوالم مستقلة لها قوانينها، دون أن ينفصل عن الواقع العربي ونفسية الإنسان المعاصر.
تمكن من خلال رواياته أن يُرسخ نفسه كأحد أبرز كتاب الجيل الجديد، القادرين على جذب القارئ العادي إلى مساحات أدبية غير مألوفة، دون أن يُفقد النص عمقه الرمزي أو قوته الفكرية.
يمتاز عمرو عبد الحميد بلغته السينمائية، المشبعة بالصور البصرية والتعبيرات المجازية، ما يجعل الرواية قابلة للقراءة على مستويات متعددة: المغامرة، الرعب، الفلسفة، والتحليل النفسي