جرجي زيدان.. «مؤسس الهلال» والمؤرخ الذي صنع مجد الرواية العربية
تحل اليوم ذكرى وفاة جُرجي زيدان، المفكر اللبناني والمؤرخ التنويري، الذي يعد من أبرز رواد تجديد علم التاريخ واللسانيات، ومن أعلام الرواية التاريخية العربية، كما يُعتبر شخصية محورية في النهضة الصحفية والأدبية والعلمية الحديثة في العالم العربي. وهو من أكثر مؤلفي العصر الحديث إنتاجًا، ومؤسس دار الهلال.
وُلد جُرجي زيدان في بيروت بتاريخ 14 ديسمبر 1861، لعائلة مسيحية فقيرة تنحدر من قرية عين عنب في جبل لبنان، ويُعتقد أن أصولها تعود إلى منطقة حوران في سوريا.
كان والده، حبيب زيدان، رجلًا أميًّا يمتلك مطعمًا بسيطًا في ساحة البرج ببيروت، يرتاده رجال الأدب واللغة، إلى جانب طلاب الكلية الأمريكية، مما أتاح لجُرجي فرصة مبكرة للاحتكاك بالبيئة الثقافية والفكرية.
انتقل زيدان إلى القاهرة حيث عمل محررًا في جريدة «الزمان» اليومية، ثم التحق بمكتب المخابرات البريطانية كمترجم عام 1884م، ورافق الحملة الإنجليزية المتجهة إلى السودان لفك الحصار الذي فرضته قوات المهدي على القائد البريطاني «غوردون».
بعد ذلك عاد إلى لبنان، ثم سافر إلى لندن حيث التقى بعدد من المستشرقين الذين كان لهم تأثير كبير في تشكيل رؤيته الفكرية. وعند عودته إلى القاهرة، أسس مجلة «الهلال» وتولى تحريرها بنفسه، لتصبح لاحقًا من أكثر المجلات شهرة وانتشارًا في مصر والعالم العربي.
تميّز زيدان بتنوع موضوعاته وغزارة إنتاجه، فقد ألّف في مجالات متعددة مثل التاريخ والجغرافيا والأدب واللغة والرواية.
ومن أبرز مؤلفاته:
• العرب قبل الإسلام – الجزء الأول، طُبع في مصر سنة 1908.
• تاريخ التمدّن الإسلامي- خمسة أجزاء – طبع في مصر 1902-1906.
• تاريخ مصر الحديث – جزآن- طُبع في مصر 1889.
• تاريخ الماسونية العام.. مطبعة الهلال.
• تراجم مشاهير الشرق.
وعلى الرغم من أن كتاباته في التاريخ والحضارة جاءت لتتجاوز الطرح التقليدي السائد في العالم العربي والإسلامي آنذاك، والذي كان يعتمد على تكرار مناهج القدماء ورواياتهم دون تجديد أو نقد، إلا أن رؤيته لم تخرج عن إطار التمركز حول الغرب الحداثي (الإمبريالي في ذلك الوقت)، فقد قرأ التاريخ العربي والإسلامي من منظور استعماري تأثرت فيه كتاباته بمناهج المستشرقين، التي حملت في طياتها نزعة عنصرية تجاه الشرق، وهي النزعة التي أظهرها لاحقًا المفكر االفلسطيني إدوارد سعيد في كتابه الشهير «الاستشراق».
رحل جُرجي زيدان عن عالمنا في 21 يوليو 1914، وقد رثاه عدد من كبار الشعراء في عصره، منهم: أحمد شوقي، وخليل مطران، وحافظ إبراهيم.