كانت وتظل أغنيات عهد ثورة يوليو 1952 هي أجمل ما قدم الفنان المصري إلي اليوم من أغنيات وطنية ساهمت في تشكيل الذاكرة الجماعية لوجدان الشعب المصري وشعوب الأمة العربية، مازالت إلى اليوم راسخة في الوجدان جيلا بعد آخر، أصبحت مع الوقت بمثابة الذاد الذي نلجأ إليه في كل حدث وطني جديد، هذه الأعمال شكلت أحد مظاهر قوة مصر الناعمة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر عصر القومية العربية وحركات التحرر من الاستعمار والآمال الكبرى، اليوم ونحن نحتفى بمرور 73 عاما على قيام الحركة المباركة نلقي نظرة على هذه الأغنيات التي لازالت حاضرة تشاركنا كل أحداثنا الوطنية.
لو شكلنا هرما من أغانينا الوطنية على مدى تاريخنا المعاصر منذ تأسيس الدولة الوطنية في عهد محمد علي باشا ، لكانت بلا شك أغنيات ثورة يوليو هي قمة ذلك الهرم بنحو ثلاثة آلاف أغنية قدمت في الفترة من 1952 وحتى 1970 ، بل إن هذا التوصيف هو الأدق لحال الأغنية الوطنية المصرية في تاريخ مصر الحديث فقد بدأت على استحياء وفي شكل متواري في عهد الخديو إسماعيل وبدأ الحس القومي في الظهور مع قيام الثورة العرابية 1882 ثم ظهور أول فورة للأغنيات الوطنية مع ثورة 1919 صعودا إلى قمة الجبل في عهد الثورة ثم هبوطا في العقود التي تلتها ، على أمل في حدوث فورة جديدة تصعد بنا مجددا إلى قمة الجبل.
وإذا كانت الأغنية الوطنية منذ الثورة العرابية مرورا بثورة 1919 وحتى عام 1952 كانت مضامينها جميعا يدورحول المطالبة باستقلال مصر ورحيل المستعمر البريطاني، فإن ثورة يوليو جاءت لتحقق هذه المطالب محدثة تغييرات ساسية واجتماعية واقتصادية وثقافية في المجتمع المصري ، كانت هذه التغيرات مع الأحداث السياسية الكبيرة المحفز الأكبر لإنتاج هذه الفورة الغنائية الوطنية التي استمرت حتى تحطيم مشروع عبد الناصر على صخرة هزيمة العام 1967 بعد هذا العام توقف الغناء لناصر وللثورة وتم تكريسه للصمود والأمل في النصر وتحرير سيناء من خلال حرب الاستنزاف.
الأحداث التي شكلت حافزا لإنتاج الأغاني الوطنية كانت كثيرة ومتدفقة فقد تحول عيدي الثورة والجلاء إلى مناسبة شبه مقدسة يتباري فيها جميع مطربي مصر في تقديم أغنيات في كل عام لتلك المناسبتين بداية من أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ومحمد فوزي مرورا بنجاة الصغيرة وشادية ووردة الجزائرية وفايزة أحمد وفايدة كامل وهدى سلطان ونجاح سلام وصولا إلى مها صبري وشريفة فاضل وغيرهم، أما الأحداث الكبيرة فلعل أبرزها كان تأميم قناة السويس وما تلاها من العدوان الثلاثي وخروج مصر منتصرة من المعركة وقيام وحدة مصر وسورية والبدء في بناء السد العالي وإنشاء المصانع الحربية وصدور قانون الإصلاح الزراعي ومساندة مصر لثورات العراق واليمن والجزائر، كان الغناء وقتها أحد أدوات مصر المهمة في كل المعارك التي خاضتها وقد كان كان له بالغ الأثر في نفوس الشعوب العربية وغير العربية، ولعل خير مثال على ذلك ما صرح به مسئول بريطاني عبر إذاعة البي بي سي العربية عن أحد الأناشيد الوطنية خلال اشتعال حرب العدوان الثلاثي 1956 :" لو استطعنا إرسال سرب طائرات حربية لإسكات هذا الصوت لما ترددنا " كان يقصد صوت المطربة فايدة كامل في نشيدها المدوى "دع سمائي فسمائي محرقة / دع قنالي فقنالي مغرقة / واحذر الأرض فأرضى صاعقة /هذه أرضي أنا وأبي ضحى هنا وأبي قال لنا مزقوا أعداءنا "شعر كمال عبد الحليم والحان علي إسماعيل .
حمل الأثير صوت أنور السادات في صباح يوم الاربعاء الثالث والعشرين من يوليو 1952 في السابعة والنصف صباحا عبر موجات الإذاعة المصرية يلقي البيان رقم واحد ، وبعدها بأيام قليلة بدأ ظهور الأغنيات التي تبشر بالعهد الجديد مؤيدة الحركة المباركة لا تزال هذه الأغنيات حاضرة إلى اليوم ولها وقع السحر في النفوس ، كان في مقدمة الصفوف محمد عبد الوهاب بنشيده الحماسي الشهير "نشيد الحرية" والذي منع من تسجيله قبل فترة قصيرة بأوامر من القصر ، :" كنت في صمتك مغرم كنت في صبرك مكره فتكلم وتألم وتعلم كيف تكره" للشاعر كامل الشناوي ، ثم أم كلثوم بقصيدة " صوت الوطن" للشاعر أحمد رامي وألحان رياض السنباطي ، وفريد الأطرش بنشيد "ياشباب آن الأوان" ، ناهيك عن الأغنية الشعبية الشهيرة لمحمد قنديل " عالدوار" تأليف حسين طنطاوي ولحن أحمد.
حادث المنشية وتكريس الغناء لعبد الناصر
كان حادث محاولة اغتيال جمال عبد الناصر في ميدان المنشية في الإسكندرية في السادس والعشرين من أكتوبر 1954 هو الحدث الذي دشن الغناء لعبد الناصر للمرة الأولى ، خرجت إلى النور أربع أغنيات تحمد الله على سلامته ونجاته أولها أغنية محمد عبد الوهاب الشهيرة "تسلم ياغالي" شعر عبد المنعم السباعي، وأغنية أم كلثوم" ياجمال يامثال الوطنية أجمل أعيادنا المصرية بنجاتك يوم المنشية" لبيرم التونسي ورياض السبناطي وأغنية ثالثة منسية للمطرب كارم محمود تحمل عنوان "بألف حمدلله عالسلامة" شعر عبد الفتاح مصطفى ولحن أحمد صدقي لن تختلف كلماتها كثرا عن أغنيتي عبد الوهاب وأم كلثوم حيث يقول الشاعر " الغدر ناره ماتصيبشي طاهر / أشخاصنا تفنى والحق ظاهر / دي كلمة حكمة وبعزم باهر/ قالها حبيبنا وقت السلامة" ، بالإضافة إلى منولوج فكاهي لمحمود شكوكو يحمل عنوان "نفديك ياجمال" تأليف فتحي قورة ولحن شكوكو، وقد ذكر اسم عبد الناصر في اثنين من هذه الاعغمال بينما أشير له في أعمال أخرى،
المدهش في الأمر أن الغناء لناصر سيصبح جزءا ملازما لكثير من الأغنيات الوطنية التي ستظهر فيما بعد والأكثر دهشة هو أن هذه الأغنيات سيكتب لها البقاء حتى بعد رحيل ناصر بعقود وسيتسمع إليها الجمهور باعتبارها جزءا من الأغنية الوطنية ، فأغنيات مثل " ياجمال ياحبيب الملايين" و"ناصر يا حرية" لعبد الحليم و"أنا شفت جمال" لصباح و"ولد العم ياجمال" لنجاة و"ناصر كلنا بنحبك" لمحمد عبد الوهاب و"يامرحبا بك ياجمال" لفريد الأطرش وغيرها لاتزال تعيش في وجدان أجيال متوالية .
الأغنية تسجيل حي لأحداث العهد الناصري
لم تترك الأغنية حدثا إلا وسجلته عبر مجموعة من الأغنيات ويستطيع أي مهتم أن يعيد قراءة الأحداث من خلال الأغنيات منذ أول قرار أخذته الثورة بتحقيق العدالة الاجتماعية بقانون الاصلاح الزراعي الذي صدر بعد خمسة وأربعين يوما فقط من قيام الحركة المباركة ستجد أغنيتي "إدتني الثورة خمس فدادين" لعبد الغني السيد كلمات عبد العزيز سلام وألحان أحمد عبد القادر ، وأغنية "فدادين خمسة خمس فدادين" لمحمد العزبي لحن علي إسماعيل، ثم توقيع معاهدة الجلاء في التاسع عشر من أكتوبر عام 1954 حينها قدمت أم كلثوم قصيدة أحمد شوقي و رياض السنباطي "بأبي وروحي الناعمات الغيدا"
وبمناسبة رحيل أخر جندي بريطاني عن أرض مصر في الثالث عشر من يونيو 1956 قدم محمد عبد الوهاب "يامصر تم الهنا بهمة الأحرار وبعد سبعين سنة الليل طلعله نهار" وغنت أم كلثوم "يامصر أن الحق جاء فاستقبلي فجر الرجاء اليوم قد تم الجلاء" لرامي ومحمد الموجي .
وعند اختيار جمال عبد الناصر رئيسا للجمهورية 1956 غنت أم كلثوم "ياجمال يامثال الوطنية أجمل أعيادنا المصرية برياستك للجمهورية" وهي الأغنية نفسها الخاصة بحادث المنشية بعد إدخال تعديلات عليها.
وبمناسبة تأميم قناة السويس في العام نفسه قدمت مجموعة من الأغنيات تحتفي بالحدث منها أغنية المطربة هدى سلطان "أمم جمال" و أم كلثوم "محلاك يامصري وإنت عالدفة" لصلاح جاهين ومحمد الموجي وأغنية محمد عبد المطلب "ياسايق الغليون عدي القنال عدي" لصلاح جاهين أيضا ولحن محمود الشريف،
وعند اندلاع حرب العدوان الثلاثي خرجت مجموعة من أروع الأناشيد انطلقت من الإذاعة المصرية وكأنها مدافع تقصف الأعداء منها " يا أغلى اسم في الوجود" شعر إسماعيل الحبروك وألحان محمد الموجي ونجاح سلام التي قدمت أيضا "أنا النيل مقبرة الغذاة أنا الشعب ناري تيبد الطغاة/ أنا الموت في كل شبر إذا عدوك يامصر لاحت خطاه" شعر محمود حسن إسماعيل وألحان رياض السنباطي، وقدم الموسيقار محمود الشريف نشيده الأشهر "الله أكبر فوق كيد المعتدي" من شعر عبد الله شمس الدين، وقدم محمد عبد الوهاب "تحت القنابل وفوق البارود" كلمات أحمد شفيق كامل وقدم محمد الموجي أيضا نشيد " إلى المعركة" للمطرب إبراهيم حمودة شعر محمد على أحمد وقدمت نجاة الصغيرة "الجنة هيه بلادنا وجهنم هيه حدودنا" وشادية "أمانة عليك أمانة يا مسافر بور سعيد" لمحود الشريف وقدم عبد الحليم حافظ "الله يا بلدنا الله على جيشك والشعب معاه"، وقدمت أم كلثوم رائعتها "والله زمان ياسلاحي" لصلاح جاهين وكمال الطويل والموزع أندريا رايدر والتي أختيرت فيما بعد لتصبح السلام الجمهوري للجمهورية العربية المتحدة خلفا لسلام أفندينا السلام الخديوى الخاص بالخديوى إسماعيل، لقد قدمت نحو أربعين أغنية خلال أحداث حرب بورسعيد وبعد انتصار مصر في المعركة .
في الثالث والعشرين من ديسمبر 1956 أعتبر هذا اليوم عيدا للنصر وذلك بعد إتمام انسحاب القوات المعتدية من مدينة بور سعيد ومنطقة القناة فخرجت الأغاني تحتفل بانتصار مصر غنت أم كلثوم من شعر بيرم وألحان رياض السنباطي "صوت السلام هو اللي ساد واللي انتصر" وغنى محمد عبد الوهاب "اليوم فتحت عينيه علي صوت بينادي عليا الدنيا بقيت حرية" كلمات حسين السيد ، وغنى عبد الحليم حافظ "إني ملكت في يدي زمامي وانتصر النور على الظلام" لمأمون الشناوي وألحان كمال الطويل ، وفايدة كامل "عاد السلام يانيل" لحيرم الغمراوي ومحمود الشريف.
الوحدة المصرية السورية وبناء السد العالي
في الثاني والعشرين من فبراير العام 1958 عقدت اتفاقية الوحدة مابين مصر وسورية ، فتفجرت الآمال الكبرى في توحيد العالم العربي تحت الراية المصرية، وتفجرت معها مشاعر فناني مصر والعالم العربي ، فقدموا مجموعة كبيرة من أجمل الاغنغيات على مدى ثلاثة أعوام هي عمر الوحدة حيث قدمت نحو مائة أغنية لعل أشهرها على الإطلاق أغنية محمد قنديل شعبية الطابع "وحدة مايغلبها غلاب" كلمات بيرم التونسي ولحن محمود الشريف، أم كلثوم غنت للوحدة قصيدة "وفق الله على النور خطانا "، وغنى محمد عبد الوهاب كلمات مأمون الشناوي "كان وهما وأمنيا وحلما " وغنى عبد الحليم من شعر أحمد شفيق كامل ولحن محمد عبد الوهاب "غنى ياقلبي وهنى الدنيا وقول مبروك كبر والبيت واتجمع شملك إنت واخوك قول للدنيا ده أجمل عيد مصر وسورية اتخلقوا جديد" ، وغنت صباح "من الموسكي لسوق الحميدية" لمرسي جميل عزيز وفريد الأطرش وغنت أيضا "حموي يامشمش بلدي يامشمش عيد وحدتنا ملا سكتنا وفرش بيتنا بزهر المشمش" ، وغني فريد الأطرش من كلمات فتحي قورة "آدي يومنا وعشناه" وغنت شادية من كلمات مصطفى عبد الرحمن وألحان محمود الشريف "يانسر المجد ياطاير مسا وصباح في مصر جناح وفوق سورية جناح".
في يناير من العام 1960 وضع جمال عبد الناصر حجر أساس بناء السد العالي في أسوان وقد استغرقت عملية بناء السد أحد عشر عاما فقد تم الاحتفال بانتهاء البناء في السد في منتصف يناير من العام 1971 بعد رحيل عبد الناصر بأربعة أشهر تقريبا، ومنذ وضع حجر الأساس تفاعل الغناء مع الحدث كأفضل مايكون، عشرات الأغنيات خرجت تمجد الحدث لجميع المطربين والمطربات تقريبا بلا استثناء، كانت أغنية عبد الحليم حافظ "حكاية شعب " لأحمد شفيق كامل وكمال الطويل هي الأشهر على الإطلاق من بين الكم الهائل من الأغنيات التي قدمت عن السد "قولنا هنبني وآدى إحنا بنينا السد العالي " التي غناها في حضور ناصر في أسوان في الحفل الذي أقيم احتفالا بوضع حجر الأساس ، قدمت أم كلثوم أيضا قصيدة " قصة السد" للشاعر عزيز أباظة ولحن رياض السنباطي ، وقدم محمد عبد الوهاب "ساعة الجد" لحسين السيد ، وفريد الأطرش "يا أسطى سيد" وشادية "بلد السد" ، وعند تحويل مجرى النيل العام 1964 خرجت أغنيات لأم كلثوم "حولنا مجرى النيل الله على ده تحويل" لعبد الوهاب محمد ورياض السنباطي ، وغنت نجاة الصغيرة " حود من هنا يافرحة عمرنا يانيل يابو العجايب يصونك ربنا" من ألحان بليغ حمدي .
الأناشيد الجماعية
كان الموسيقار محمد عبد الوهاب هو الرائد في تقديم الأناشيد الجماعية، علي الأرجح كان نشيد "المعاهدة" الذي لحنه عبد الوهاب بمناسبة توقع اتفاقية عام 1936 مابين مصر وبريطانيا ، على الأرحج هو أول نشيد جماعي تعرفه مصر شارك فيه مجموعة من المطربين وهو مايطيب لفناني اليوم تسميته بالأوبريت وهو ليس بأوبريت بل نشيد جماعى يشارك بالغناء فيه عدة مطربين ، نشيد "المعاهدة" شارك فيه بالغناء كل من محمد عبد الوهاب والموسيقار زكريا أحمد وعبد الغني السيد وفتحية أحمد ، وللأسف تسجيل هذا النشيد من الأعمال المفقودة للموسيقار الكبير وكان كتبه شعرا محمود أبو الوفا صاحب قصيدة "عندما يأتي المساء" الشهيرة.
بعد ثورة يوليو كان عبد الوهاب أيضا هو أول من قدم نشيدا جماعيا تقريبا في العيد الأول لجلاء أخر جندي بريطاني عن مصر العام 1957 وكان النشيد يحمل اسم "نشيد الجلاء" المعروف باسم "قولوا لمصر تغني معايا في عيد تحريرها " من شعر أحمد شفيق كامل شارك فيه بالغناء كل من "محمد عبد الوهاب وعبد الغني السيد وسعد عبد الوهاب وعبد العزيز محمود وشادية وفايدة كامل.
بعدها أصبح النشيد الجماعي أحد سمات الغناء الوطني في العهد الناصري حيث قدمت مجموعة من أروع الأناشيد كان أشهرها على الإطلاق هو نشيد "الوطن الأكبر" الذي لحنه الموسيقار محمد عبد الوهاب وكتبه الشاعر أحمد شفيق كامل وقدم لأول مرة العام 1959 في دمشق بأصوات عبد الحليم حافظ وصباح وفايدة كامل فقط، ثم تطور النشيد وقدم في يناير 1960 في حفل وضع حجر الأساس لبناء السد العالي في أسوان وشاركت فيه مع المجوعة السابقة نجاة الصغيرة وهدى سلطان ،ثم قدم مجددا في العام نفسه في عيد الثورة بعد استبدال هدى سلطان بالمطربة وردة الجزائرية بعد كتابة مقطع جديد خصيص لها بناء على طلب من الرئيس جمال عبد الناصر وهي النسخة المعروفة من النشيد والتي صورها المخرج عز الدين ذوالفقار للسنيما بالألوان ،كان النشيد يحمل اسم "نشيد الوحدة" في المرة الأولى التي قدم فيها، وهو اليوم من أشهر وأجمل الأناشيد تأثيرا في نفوس الشعوب العربية.
وفي العام التالي 1961 قدم نشيديين مهمين الأول هو "نشيد الثأر" الذي قدم في دمشق في العيد الثالث والأخير لوحدة مصر وسورية من شعر أحمد شفيق كامل وألحان على إسماعيل غناء عبد الحليم حافظ وفايدة كامل ونجاة الصغيرة وصباح وعبد الغني السيد ومحمد قنديل وفايزة أحمد ومحمد قنديل ونجاح سلام والمطرب السوري رفيق شكري ، أي تسعة مطربين دفعة واحدة.
في العام نفسه وفي عيد الثورة قدم الموسيقار محمد عبد الوهاب نشيد " الجيل الصاعد" كلمات حسين السيد وغناء عبد الحليم حافظ وشادية وفايزة احمد ونجاة الصغيرة ووردة الجزائرية "عاش الجيل الصاعد / جيل من شعب مجاهد "، وفي عيد الثورة العاشر العام 1962 قدم الموسيقار بليغ حمدي نشيدا جماعيا يحاكي فيه أسلوب ونمط أستاذه محمد عبد الوهاب حمل عنوان "فجر جديد" من كلمات عبد الوهاب محمد ، يحكي فيه الشاعر إنجازات الثورة في عشر سنوات كل عام في مقطع تغنيه مطربة لم يشارك فيه عبد الحليم حافظ كما جرت العادة، بل شارك فيه كل من : نجاة الصغيرة وشادية وفايزة أحمد وفايدة كامل ووردة الجزائرية ، وهو نشيد جميل لكنه لم يأخذ حظه من الانتشار.
عاد الموسيقار محمد عبد الوهاب عام 1963 وقدم نشيد "صوت الجماهير" من تأليف حسين السيد شارك فيه بالغناء مع عبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة وشادية وفايزة أحمد وفايدة كامل .
الموسيقار فريد الأطرش قدم نشيدا جماعيا مهما العام 1964 حمل عنوان "ثورة كفاح" قدمه في عيد الثورة من تأليف حسين السيد شاركة بالغناء المطربة سعاد محمد وفايدة كامل والمطربة فجر وهو النشيد المعروف بمطلعه الذي يقول "يامرحبا بك ياجمال في عيد ميلاد الثائرين ثورة كفاح ثورة جمال هتعيش لآلاف السنين"
وقد حققت أناشيد عبد الوهاب الثلاثة الأخيرة نجاحا جماهيريا مدويا حتى أنها تقريبا التي بقيت في الذاكرة من بين أخوتها.
شكلت هزيمة يونيو 1967 منعطفا كبيرا في مسيرة الأغنية الوطنية فبعد النكسه توقف تماما الغناء للزعيم جمال عبد الناصر يقال أنه كان بأوامر منه كما توقفت الحفلات الغنائية التي كانت تقام سنويا لعيد الثورة وكان يحضرها ناصر وبالتالي توقف الغناء للثورة، تقريبا توقف الغناء لكل شئ إلا للصمود والنهوض والمقاومة ولاستعادة الأرض ودعم جيش مصر في حرب الاستنزاف، خرجت أغنيات عظيمة مثل "فدائي فدائي" لعبد الحليم حافظ وبليغ حمدي ومحمد حمزة وقصيدة "مصر لم تنم ما انهار شعبها العظيم ما انغلب" لمحرم فؤاد ألحان رياض السنباطي شعر فتحي سعيد ، و"قوم بإيمان وبروح وضمير دوس على كل الصعب وسير" لأم كلثوم وعبد الوهاب محمد ورياض السباطي و"حبيبتي قاهرتي لم تغلبي لم تقهري" لفايزة أحمد وصالح جودت ومحمد سلطان و"سكت الكلام والبندقية اتكلمت" لعبد الحليم حافظ وبليغ حمدي ومحسن الخياط ، وغيرها وقصيدة "أرض الشهيد" لمحمد عبد الوهاب والشاعر عبد المنعم السباعي.
في يناير من عام 1971 وبعد أشهر قليلة من رحيل عبد الناصر أقيمت حفلة في أسوان احتفالا بالانتهاء من بناء السد العالي أحد أهم منجزات ناصر ، حضرها الرئيس السادات والزعيم السوفيتي نكيتا خروتشوف في هذا الحفل وقفت المطربة شادية تغني تحية لروح عبد الناصر أغنية غالية يابلادي" من كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدي منشدة :" ماتقولوش الشمعة دابت ماتقولوش ده غاب الضي / مهما يغيب اللي بناه مهما يغيب في قلوبنا حي / عايش زي مصر وزرعها زي طلعة فجرها / عايش زي ضحة ولدها زي نيلها وفجرها / عايش زي الأمل في قولبنا لكل بكرا جاي"
جاءت هذه الأغنية بمثابة مرثية لهذا العصر.