يورونيوز: رسوم ترامب الجمركية تهدف لإحياء الصناعة الأمريكية وتُهدد التصنيع المحلي بتكاليف إضافية
يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من خلال مضاعفة الرسوم الجمركية إلى 50% على واردات الصلب والألومنيوم والنحاس، إلى ما هو أبعد من مجرد حماية الاقتصاد، إذ تهدف هذه الخطوة إلى استعادة الصناعات الأمريكية التي كانت مهيمنة في السابق، وحشد دعم الطبقة العاملة لقضيته الانتخابية.
وذكرت شبكة "يورونيوز" الإخبارية، في نشرتها الفرنسية، أن هذه الإجراءات تأتي في إطار مساعي ترامب لإعادة إحياء الصناعات الأساسية التي لطالما اعتبرها حجر الأساس لقوة الولايات المتحدة، خاصة في مجالات الأمن القومي والاستقلال الاقتصادي.
وفي هذا السياق، صرّح ديفيد ستريتش، كبير محللي العملات الأجنبية في شركة "كاكستون"، أن "دوافع فرض الرسوم الجمركية على مدخلات صناعية أساسية مثل النحاس، سياسية في المقام الأول". وأوضح أن ترامب كثيرًا ما عبّر عن إحباطه من فقدان ريادة الولايات المتحدة في إنتاج هذه المواد، بعد أن تحولت إلى دول مثل تشيلي (في مجال النحاس)، والصين (في الصلب والألومنيوم).
وأضاف ستريتش أن ترامب يرى في هذه الصناعات رمزًا للهيمنة الصناعية الأمريكية، قائلاً: "إذا لم يكن لديك صلب، فلن يكون لديك دولة. هذه الصناعات كانت هدفًا لممارسات تجارية غير عادلة لعقود، أدت إلى إغلاق مصانع وتسريح عمال وتدمير مجتمعات كاملة. وهذا يجب أن يتوقف."
رغم ذلك، حذّر محللون من أن رفع الرسوم سيؤثر سلبًا على قطاعات التصنيع الأمريكية، خصوصًا تلك ذات الهوامش الربحية المحدودة مثل السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، حيث تُستخدم هذه المعادن على نطاق واسع في الألواح الشمسية والبطاريات. وقال ستريتش: "من المرجح أن يكون قطاع السيارات الكهربائية الأكثر تضررًا، نظرًا لتزايد تكاليف المدخلات وانخفاض هامش الربح الذي لا يتجاوز 5%."
وفيما يخص النحاس، تستورد الولايات المتحدة نحو نصف احتياجاتها، أغلبها من تشيلي وكندا. وقد شهدت أسعار العقود الآجلة للنحاس الأمريكي أكبر انخفاض يومي مسجل، بنسبة 20%، لتصل إلى نحو 3.94 دولار للرطل، بعد إعلان ترامب أن بعض واردات النحاس الخام ستُعفى من الرسوم، على عكس المنتجات شبه المصنعة كالكابلات والأنابيب والصفائح.
وفي الوقت نفسه، أدت مضاعفة الرسوم على الصلب والألومنيوم من 25% إلى 50% إلى ارتفاع أسعار المعادن داخل الولايات المتحدة، وتقليص الواردات منخفضة التكلفة، مما تسبب في تقلبات شديدة في الأسعار.
وأشار التقرير إلى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج ونقص الإمدادات يدفع العديد من الشركات الأمريكية لإعادة التفكير في استثماراتها وسلاسل التوريد الخاصة بها. كما كشف تحليل حديث أجراه مركز واشنطن للنمو العادل أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى رفع تكاليف التصنيع بنسبة 4.5%، ما يُثقل كاهل الصناعات الحساسة مثل السيارات والأجهزة الكهربائية.
وفي ظل هذه السياسات، انخفض إنتاج الصلب الأمريكي بنسبة 1% في عام 2024 مقارنة بعام 2017، بينما تراجع إنتاج الألومنيوم بنحو 10%.