ترامب وبوتين وجهًا لوجه.. مفاتيح الحرب والسلام على طاولة ألاسكا
غيّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من لهجته التي كان يتحدث بها تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قبيل القمة المقرر عقدها اليوم الجمعة في ولاية ألاسكا الأمريكية، إذ لم يعد يطالب موسكو بوقف الحرب، بقدر ما يدعوها إلى الاستعداد لفرض عقوبات أمريكية حال رفض إنهاء الحرب في أوكرانيا.
ويرى مراقبون أن الاجتماع المرتقب بين الزعيمين يمثل محطة مفصلية في الصراع الروسي الأوكراني المستمر منذ أكثر من ثلاث سنوات، والذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص.
وقبيل القمة، تباينت المواقف الروسية والأوكرانية بشكل أكبر، بما لا يبعث على التفاؤل بإمكانية إنهاء الحرب؛ فبينما تصر موسكو على الاحتفاظ بالأراضي التي ضمتها، تؤكد كييف أن أراضيها "خط أحمر" غير قابل للتفاوض.
ومع ذلك، أبدى الرئيس الأمريكي تفاؤلًا كبيرًا بشأن فرص نجاح لقائه مع الرئيس الروسي، متحدثًا عن احتمالات واسعة للتوصل إلى اتفاق قد يفضي إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وسيخوض ترامب المحادثات مع نظيره الروسي وجهًا لوجه بحضور مترجمين، ثم ستستمر المحادثات بمشاركة وفدي البلدين، لمناقشة الحرب في أوكرانيا كملف رئيسي، والقضايا الدولية والإقليمية والعلاقات الثنائية كملفات ثانوية.
محطة مفصلية
وفي غضون ذلك، يؤكد الدكتور نبيل رشوان، خبير الشأن الروسي، أن القمة المرتقبة اليوم بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين تمثل محطة مفصلية ليس فقط في مسار الحرب الأوكرانية، بل أيضًا في مستقبل العلاقات الثنائية بين واشنطن وموسكو، لما تحمله من إمكانية إحداث تحولات جوهرية.
وأوضح رشوان، في حديث لـ"دار الهلال"، أن الرئيس ترامب أبدى خلال الأيام الماضية رغبته في عقد لقاء بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، معتبرًا أن عقد هذا اللقاء – إن تم – سيكون خطوة إيجابية نحو وقف إطلاق النار، لكن من غير المتوقع أن يحل النزاع بشكل فوري، بل سيفتح الباب أمام جولات تفاوض جديدة شبيهة بمحادثات إسطنبول السابقة.
وأشار خبير الشأن الروسي إلى أن أجندة القمة ستشمل قضايا كبرى مثل الاستقرار الاستراتيجي ومعاهدات الحد من الأسلحة، إلا أن الحرب الأوكرانية ستأخذ النصيب الأكبر من المباحثات.
وأضاف أن ترامب بدأ مؤخرًا يتحدث بلهجة أكثر صرامة، ملوّحًا بفرض عقوبات جديدة على روسيا، في الوقت الذي تستعد فيه أوروبا لإقرار الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات، والمتوقع دخولها حيز التنفيذ الشهر المقبل، بينما أكد وزير المالية الأمريكي أن حزمة العقوبات الأمريكية جاهزة للتطبيق إذا لم تخرج القمة بنتائج ملموسة، وأنها ستكون شديدة.
وبيّن رشوان أن الضغوط الدولية تهدف إلى دفع روسيا لاتخاذ خطوات عملية لوقف إطلاق النار، ولو تدريجيًا، بدءًا من المجال الجوي، ثم البحري، وصولًا إلى البري، مع طرح مقترحات لوقف مؤقت لمدة خمسة عشر يومًا كبادرة حسن نية، مقابل تنازلات روسية محددة.
سيناريوهات قضية الأرض
وأضاف رشوان أن قضية الأراضي ستظل العقدة الأصعب، إذ تطالب أوكرانيا باستعادة كامل أراضيها، بينما ترفض روسيا التنازل عن المقاطعات الأربع التي ضمتها، إضافة إلى شبه جزيرة القرم، وتطالب بانسحاب القوات الأوكرانية من أجزاء زاباروجيا وخيرسون التي لا تزال تحت سيطرتها الجزئية.
وأوضح أن المفاوضات لن تتعثر عند هذه النقطة، حيث إن موقفهم هذا يرجع إلى أن كل طرف، قبل أي مفاوضات، اعتاد التمسك بشروطه حتى يحصل على ما قرره في الغرف المغلقة، فالأمر ليس بكل هذه الحدة.
وفي هذا الإطار، يلفت إلى مقترح طُرح في وقت سابق، يقوم على تجميد الصراع في شكله الحالي، مقابل ألا تعترف دول العالم بهذه الأراضي تحت السيادة الروسية، بما في ذلك القرم.
أما موضوع تبادل الأراضي، فليس بقدر الأهمية الذي يتم الترويج له، حيث لا تتحكم أوكرانيا في الكثير من الأراضي التي تعني روسيا، سواء في خيرسون أو زاباروجيا، وكذلك روسيا تستولي على أراضٍ محدودة في سومي وخاركيف.
ولذا، يشدد على أن من الصعب التحدث عن الإطار الذي ستمضي فيه المفاوضات، حيث إن الأمر سيتطلب تنازلات من كلا الجانبين.
واختتم خبير الشأن الروسي تصريحه بالتأكيد على أن القمة، رغم أهميتها، لن تُخرج على الأرجح حلًا شاملًا، لكنها قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة وتفتح نافذة لمفاوضات أوسع، في ظل واقع سياسي وعسكري شديد التعقيد.