مفدي زكرياء.. «اللهب المقدس» في شعر الثورة الجزائرية
تُحيي الجزائر اليوم ذكرى وفاة أحد أعلامها الأدبية ولثقافية، الشاعر الكبير مفدي زكرياء، صاحب النشيد الوطني الجزائري «قسما» وشاعر الثورة الجزائرية، الذي ترك بصمة بارزة في المشهدين الأدبي والسياسي، وأسهم بشكل فعّال في مسيرة الكفاح الوطني.
يُعد مفدي زكرياء من أبرز شعراء الثورة وأحد رموز الأدب الوطني، حيث كان صوته صادحًا بالحرية في وجه الاستعمار الفرنسي، وألهب بقصائده الحماسية مشاعر المقاومة لدى الجزائريين، فخلّد بكلماته ملحمة النضال من أجل الاستقلال.
وُلد مفدي زكرياء في 12 يونيو 1908م بمدينة بني يزقن، إحدى القصور السبع في وادي مزاب بولاية غرداية جنوب الجزائر، اسمه الحقيقي هو «الشيخ زكرياء بن سليمان بن يحيى بن الشيخ سليمان بن الحاج عيسى»، وقد أطلق عليه زميله في الدراسة، الفرقد سليمان بوجناح، لقب «مفدي» الذي أصبح اسمه الأدبي المعروف.
بدأ تعليمه بحفظ القرآن الكريم وتعلّم أساسيات اللغة العربية، ثم انتقل إلى تونس لمتابعة دراسته بسبب عمل والده هناك، فالتحق بجامعة الزيتونة وتخرج فيها، خلال إقامته في تونس، تعرّف على عدد من الشعراء التونسيين البارزين مثل محمد العربي الكبادي وأبو القاسم الشابي، ما أثرى تجربته الأدبية.
انخرط مفدي زكرياء في الحركة الأدبية والسياسية، ومع اندلاع الثورة الجزائرية، التحق بها ليصبح شاعرها الرسمي، وعضوًا في جبهة التحرير الوطني، هذا الدور جعله عرضة للاعتقال المتكرر من قبل السلطات الفرنسية، إلى أن تمكن من الفرار عام 1959، حيث أُرسل من قبل الجبهة إلى خارج البلاد، فطاف في أرجاء العالم العربي.
كتب مفدي زكرياء النشيد الوطني الجزائري «قسما»، الذي اعتمد رسميًا عام 1963 بعد الاستقلال، وقد لحّنه الموسيقار المصري محمد فوزي عام 1956، ووهبه للشعب الجزائري، لما يحمله من روح وطنية عالية.
من أبرز أعماله الأدبية: ديوان «تحت ظلال الزيتون»، «اللهب المقدس»، «من وحي الأطلس»، و«إلياذة الجزائر»، إلى جانب عدد من الدواوين التي لا تزال مخطوطة وتنتظر من يعيد إحياءها.
توفي مفدي زكرياء في 17 أغسطس 1977، تاركًا خلفه إرثًا أدبيًا ونضاليًا خالدًا، بعد مسيرة حافلة بالعطاء من أجل وطنه الجزائر.