رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أنيس منصور.. أديب الصحافة وصحفي الفلاسفة

18-8-2025 | 01:58


أنيس منصور

تحل اليوم ذكرى ميلاد الكاتب والمفكر الكبير أنيس منصور، أحد أبرز رموز الأدب العربي الحديث، وصاحب الأسلوب الفريد الذي مزج بين الفلسفة والكتابة الأدبية بعمق وسلاسة، ترك بصمة لا تُنسى في الصحافة والفكر، وامتدت أعماله بين الرواية والمقالة وأدب الرحلات، لتشكل مرآةً للتأمل والتساؤل والبحث عن المعنى.

وُلد أنيس منصور في 18 أغسطس 1924 بإحدى قرى محافظة الدقهلية شرق دلتا النيل، وحفظ القرآن الكريم كاملًا في سن التاسعة، شارك لاحقًا ذكرياته عن تلك المرحلة في كتابه «عاشوا في حياتي»، وكان يحفظ آلاف الأبيات من الشعر العربي والأجنبي.

أكمل دراسته الثانوية في مدينة المنصورة، وتفوق على مستوى الجمهورية، ثم التحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة، واختار قسم الفلسفة عن رغبة شخصية، وتخرج عام 1947، عمل أستاذًا للفلسفة الحديثة بجامعة عين شمس من 1954 حتى 1963، ثم عاد للتدريس عام 1975.

كرّس حياته للكتابة والعمل الصحفي، وانضم إلى مؤسسة أخبار اليوم، ثم انتقل إلى الأهرام عام 1950، وسافر بعدها إلى أوروبا مع صديقه كامل الشناوي، رغم عمله الصحفي، ظل يعتبر نفسه أديبًا أولًا، وقال: «أنا أديب كنت وسأظل، أعمل في الصحافة».

كان حضوره لصالون عباس محمود العقاد نقطة تحول في حياته، حيث تعرّف على كبار المفكرين مثل طه حسين وتوفيق الحكيم وسلامة موسى، وسجل تلك التجربة في كتابه «في صالون العقاد كانت لنا أيام».

تولى منصور رئاسة تحرير عدة مطبوعات، وكان من أصغر رؤساء التحرير في مصر، وعمل في مؤسسات كبرى مثل «أخبار اليوم، آخر ساعة، الأهرام، الهلال»، وفي عام 1976، كلّفه الرئيس أنور السادات بتأسيس مجلة «أكتوبر»، وتولى رئاسة تحريرها حتى عام 1984، كما أصبح الصحفي الأقرب للسادات وكاتم أسراره.

امتاز بعادات خاصة في الكتابة، إذ كان يكتب في الرابعة صباحًا، حافي القدمين، مرتديًا البيجاما، ويعاني من الأرق ويخشى البرد، أتقن عدة لغات منها الإنجليزية، الألمانية، الفرنسية، الإيطالية، الروسية، واللاتينية، مما أتاح له ترجمة أعمال أدبية وفكرية عديدة، وساهم في إثراء المكتبة العربية.

نال العديد من الجوائز، منها الدكتوراه الفخرية من جامعة المنصورة، جائزة الفارس الذهبي من التلفزيون المصري، وجائزة الدولة التشجيعية في الأدب، وله تمثال في مدينة المنصورة تخليدًا لمسيرته.

كان من رواد أدب الرحلات، وكتب أعمالًا شهيرة مثل «حول العالم في 200 يوم»، «اليمن ذلك المجهول»، و«أنت في اليابان وبلاد أخرى»، حيث نقل تجاربه الثقافية إلى القارئ العربي بأسلوب مشوّق.

رحل أنيس منصور في 21 أكتوبر 2011 عن عمر ناهز 87 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض والتهاب رئوي، تاركًا خلفه إرثًا أدبيًا وفكريًا لا يُنسى، وذاكرة حية في وجدان الثقافة العربية.