جهود مستمرة.. موقف مصري تاريخي وثابت لدعم القضية الفلسطينية
تواصل مصر بذل كل جهدها لوقف الحرب على قطاع غزة، فلعبت دورًا رئيسيًا في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني الشقيق، حيث تتجاوز نسبة المساعدات التي قامت مصر بتوفيرها لقطاع غزة 70% من اجمالى المساعدات الإنسانية، وقال سياسيون إن مصر تتعامل مع القضية الفلسطينية بهدف ضمان حقوق الشعب الفلسطيني وكأنها صاحبة الملف وليست مجرد وسيط.
ولم تتوقف مصر منذ بداية العدوان الاسرائيلى الغاشم عن العمل على جميع المسارات لوقف إطلاق النار، وحماية المدنيين وضمان تدفق المساعدات، وعلاج المصابين الفلسطينيين بالمستشفيات المصرية، رغم كل التحديات الميدانية واللوجستية.
موقف مصري ثابت وراسخ
وقال الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية، إن الموقف المصري تجاه ما يجري في قطاع غزة والقضية الفلسطينية عامة واضح وثابت وراسخ، حيث أكدت مصر رفضها التام لأي مخططات لتهجير الفلسطينيين، وعدم مشاركتها بأي شكل من الأشكال في هذه المخططات، وهو ما أعاد وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي تأكيده اليوم، في مؤتمر صحفي أمام معبر رفح، بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني، استكمالًا للقاءات وزيارات رسمية سابقة.
وأكد سلامة، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الموقف المصري يعكس استمرارًا للجهود المبذولة من خلال عدة مسارات وخطوات، موضحا أن الخارجية المصرية أكدت رفض تهجير الفلسطينيين، وعدم مشاركة مصر في حصار غزة.
ولفت إلى أن زيارة وزير الخارجية ورئيس الوزراء الفلسطيني، اليوم، معبر رفح كانت بمثابة توضيح عملي للحقائق، وتفنيد للادعاءات التي تتهم مصر بالمشاركة في الحصار، حيث أكدت الزيارة أن الجانب المصري من المعبر مفتوح ومُجهّز لإدخال المساعدات، وأن الجانب الفلسطيني هو المغلق بسبب القصف الإسرائيلي.
وأضاف أن ذلك يرسل الموقف المصري رسالة واضحة للعالم بالدعم المصري للقضية الفلسطينية وأنها لن تتوقف عن دعمها، رغم الضغوط والإغراءات، مشددا على أن الموقف المصري ثابت ولا يقتصر على المساعدات الإغاثية، بل يمتد ليشمل عدة مسارات منها جهود المفاوضات، والسعي إلى العودة للمفاوضات لتحقيق حل سياسي للقضية، وكذلك العمل على تحقيق التقارب بين الفصائل الفلسطينية ووحدة الصف الفلسطيني، ودعم السلطة الوطنية، من خلال تدريب 5000 فرد من عناصر السلطة الفلسطينية لضمان استقرار الأمن بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي، وهي خطوة استباقية لمنع حدوث فراغ أمني.
وشدد على أن مصر تؤكد رفضها لجميع المخططات الإسرائيلية التي تسعى للتوسع على الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو على أراضي دول مستقلة مثل لبنان وسوريا، مضيفا أن الهدف من "إسرائيل الكبرى" ليس مجرد توسع جغرافي، بل هو فرض الهيمنة الإقليمية على المنطقة بأكملها، وهو أمر ترفضه مصر بشدة لأنه سيعطي دولة معتدية ومحتلة قوة ونفوذًا أكبر، مما قد يؤدي إلى تداعيات سلبية خطيرة في المنطقة.
جهود المفاوضات والوساطة
وأكد أنه تُجرى في مصر مفاوضات حاليًا بحضور وفود فلسطينية، ورئيس الوزراء القطري، مشيرا إلى أن جهود المفاوضات تؤكد أن الجانب المصري "صاحب الملف"، وليس مجرد وسيط، حيث يبذل جهودًا جادة وصادقة لإيجاد حلول سياسية تخدم الأمن القومي العربي ككل.
وشدد على أن المشكلة الرئيسية تكمن في الجانب الإسرائيلي، الذي يميل إلى المماطلة وكسب الوقت دون تقديم أي حلول وسطية، فالمفاوض الإسرائيلي والوفود المشاركة في المفاوضات لا تملك صلاحية اتخاذ القرارات، مما يجبرها على العودة إلى تل أبيب، وهو ما يضيع الوقت.
وأكد أن هذه المفاوضات تذكر العالم بأن القضية عصيّة على الحل وأن المجتمع الدولي يجب أن يفيق من صمته المطبق، وأن الضغط على إسرائيل يجب أن يأتي من الأطراف المؤثرة، موضحا أنه بينما تحمل هذه الجهود إيجابيات، فإن الوصول إلى نتيجة نهائية يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرًا.
مسؤولية تاريخية
ويقول الدكتور رامي عاشور، أستاذ العلاقات الدولية، إن مصر تبذل كل جهدها لوقف الحرب على غزة، وحل القضية الفلسطينية، وزيارة رئيس الوزراء الفلسطيني اليوم، ولجوء المسؤولين الفلسطينيين إلى مصر يعكس إدراكهم للمسؤولية التاريخية التي تقع على عاتقها في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، فمصر هي أكثر دولة دافعت عن هذه الحقوق، وربما تكون الوحيدة التي طالبت بها بشكلٍ مستمر.
وأكد عاشور، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن تأكيد مصر على رفض التهجير هو موقف راسخ وقوي وثابت، وأعادت مصر تأكيده اليوم، على لسان وزير الخارجية، في ظل ما مخططات الاحتلال لتهجير الفلسطينيين من أرضهم وكذلك مخططات احتلال مدينة غزة، وما سيسفر عنه ذلك من توسع في العمليات العسكرية وبالتالي نزوح الشعب الفلسطيني.
وأضاف أنه من المتوقع أن تصعّد إسرائيل من عمليتها العسكرية في الفترة القادمة، لزيادة الضغط على السكان وتهجيرهم، وسيتم تبرير هذا التصعيد بأنه عمل إنساني، حيث ستدّعي إسرائيل أن الأرض غير صالحة للحياة، مشددا على أنه إذا كانت مصر اعترضت على تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها، فإسرائيل ستعتبر أنه ليس من حقها الاعتراض على تهجيرهم إلى دول أخرى.
ولفت إلى أنه بهدف التوسع في خطط الحرب والتهجير، ولتحقيق هذا الهدف بشكلٍ قوي، ستكثف إسرائيل من عمليات القتال، لتجبر المواطنين الفلسطينيين على الاختيار بين "الموت المحتم" أو التهجير إلى دولة قد توفر لهم فرص حياة أفضل، وحينها قد يكن من الطبيعي أن يختار المواطن الحياة على الموت، خاصةً في ظل شعوره بأن المقاومة لا طائل منها.
وأشار إلى أن إسرائيل مصممة على التهجير، خاصة بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عن ما وصفه بـ"إسرائيل الكبرى"، لأنها لا تريد وجود ما يسمى بالدولة الفلسطينية، وتحديدا قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، بهدف إجهاض أي محاولات من الدول الغربية التي تنوي الاعتراف بدولة فلسطين.
وأكد أن إسرائيل تحاول استباق الأحداث وخلق واقع جديد، مضمونه عدم وجود سكان فلسطينيين على الأرض الفلسطينية، وهذا سيؤدي إلى تصعيد غير مسبوق في العمليات القتالية، لإجبار من تبقى من الفلسطينيين على التهجير قسرًا.
وأضاف أن مصر ترفض هذه المخططات، وينبغي على كل الدول العربية والعالمية أن تبذل كل جهدها من خلال القوة الشاملة في جميع المجالات، لمنع هذه المخططات، لأن إسرائيل حاليًا تُعد قوة لا يُستهان بها بسبب الدعم الأمريكي اللامحدود، مشيرا إلى أنه رغم أن المظاهرات في العالم والتنديدات قد تساهم في الضغط على صانع القرار الإسرائيلي، إلا أنها لم تنجح في وقف العدوان حتى الآن.