رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


حارس الذاكرة العربية.. محفوظ عبد الرحمن الذي حوّل التاريخ إلى دراما خالدة على الشاشات

20-8-2025 | 02:28


محفوظ عبد الرحمن

همت مصطفى

في زحمة عالمنا الرقمي، الصاخب، وضجيج وسائل التواصل الاجتماعي، لا يمكننا أن ننسى أن هناك أقلاما استطاعت أن تخترق حاجز الزمن، وأن تجعل من الماضي جسرًا نحو المستقبل، أقلام لم تكتفِ بسرد الأحداث، بل نسجت من خيوط التاريخ حكايات تنبض بالحياة، وحولت شخصيات التراث إلى أيقونات خالدة تحاور الحاضر وتلهم الأجيال.

محفوظ عبد الرحمن، اسم قد لا يتردد كثيرًا في أحاديث الجيل الجديد، لكنه بلا شك كان صانع أحلام لملايين المشاهدين العرب الذين عاشوا مع «بوابة الحلواني  وانبهروا بعظمة «أم كلثوم» وتأثروا بملحمة «الزير سالم»، و هذا الرجل الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم قبل ثماني سنوات،  كان معماريًا للوجدان العربي، يبني بالكلمات قصورًا من الذكريات وجسوراً من المشاعر.

وفي عصر تتسارع فيه الأحداث وتتلاشى فيه الذاكرة، نعود اليوم لنتذكر رجلاً جعل من القلم سيفاً يدافع به عن الهوية، ومن الشاشة نافذة يطل منها على عمق التاريخ العربي،  ونلتقي اليوم، مع صاحب «بوابة الحلواني» محفوظ عبد الرحمن.

 

و سيظل الكاتب المصري محفوظ عبد الرحمن، أحد أبرز كتاب ومؤلفي الدراما العربية  لما قدمه من نصوص مسرحية ومسلسلات وأفلام تنوعت بين الدينية، والتاريخية، والاجتماعية، والسير الذاتية أثرت في رحلة الدراما المصرية والعربية.

الميلاد والدراسة الجامعية

ولد محفوظ عبد الرحمن  في 11 يونيو 1941م ودرس  قسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة القاهرة وتخرج في عام 1960م، وكان بدأ الكتابة قبل تخرجه بأعوام، وعمل «محفوظ» بعد تخرجه بعدها في مؤسسة دار الهلال، وانتقل بعدها للعمل في وزارة الثقافة عام 1963م، في دار الكتب والوثائق التاريخية
 

وكتب «عبد الرحمن»  خلال هذه الفترة في العديد من الدوريات الصحافية، منها «الآداب، المساء، الجمهورية، الأهرام، البيان اﻹماراتية، العربي» وشارك كسكرتير تحرير في إصدار ثلاث مجلات متوالية، وهي مجلة السينما، مجلة المسرح والسينما، مجلة الفنون.

كتب القصة القصيرة والنقد الأدبي والمقالة في مجلات الآداب، الثقافة الوطنية، الهدف، الشهر، المساء، الكاتب، الرسالة الجديدة، الجمهورية، البيان الإماراتية، الهلال، كاريكاتير، العربي، الأهالي.
 

نشرت لمحفوظ عبد الرحمن  مجموعة من المؤلفات الأدبية، منها «البحث عن المجهول، أربعة فصول شتاء، اليوم الثامن»، وبدأ محفوظ عبد الرحمن  كاتبًا للقصة القصيرة، وأصدر مجموعته القصصية «البحث عن مجهول» عام 1966، والثانية  أربعة فصول شتاء 1984، وروايته الأولى اليوم الثامن نشرت 1972 بمجلة الإذاعة والتليفزيون ونداء المعصومة، نشرت عام 2000 بجريدة الجمهورية.


وكتب محفوظ عبد الرحمن العديد من المسلسلات التلفزيونية، من أهمها «أم كلثوم 1999»، «ليلة سقوط غرناطة» 1979م، «سليمان الحلبي »1977م، «الزير سالم »1977م، «عنترة» 1978م، «قابيل وقابيل» 1991م، «ساعة ولد الهدى» 1992م، و قدم مسلسل« بوابة الحلوانى » بأجزائه الأربعة على مدار أربعة أعوام،  «الكتابة على لحم يحترق» 1987م وألف السهرة التلفزيونية  «الرجل الذي رحل» عام 1977م.

وألف السهرة التلفزيونية  «ذات يوم ذات شهر  ذات سنة»، وألف المسلسل الإذاعي  «إيزيس»2010. م

مبدع الدراما التاريخية والسير الذاتية 
وكتب الكاتب المبدع الراحل محفوظ عبدالرحمن  سيناريو وحوار في مجال الأفلام السينمائية منها «ناصر 56» عام 1996م، و«حليم» 2006م، 
«كوكب الشرق» 1999م، «محاكمة السيد ميم» 2002م، وأنتجت له السينما العراقية عام 1981م، فيلم «القادسية» من إخراج  المخرج المصري الراحل صلاح أبوسيف.

سمات مؤلفات محفوظ عبد الرحمن 

تتميز جميع كتابات محفوظ عبد الرحمن  بمهاراته الرائعة وقدرته الفائقة على تقديم حبكة درامية محكمة الصنع، يجمع فيها بموهبته وخبراته بين الفكر والمتعة، وتعتمد بالدرجة الأولى على كثير من المفارقات الدرامية المدهشة، كما تميزت كتاباته بصياغته الحوارية الراقية والبديعة التي تتناسب مع كل شخصية من الشخصيات الدرامية، والتي تتخذ من لغة التكثيف المعبرة والجمل التلغرافية القصيرة الموحية التي تفيض بالشاعرية سمة أساسية لها.

ويحسب للكاتب القدير محفوظ عبد الرحمن  وعيه وخبراته في العودة إلى التاريخ كثيرا ليستحضر منه ما يتناسب مع اللحظة الراهنة ويلقي بظلاله على كثير من القضايا والأحداث المعاصرة.

وجميع مسرحياته تعد علامات بارزة في مسيرة مسرحنا العربي، وتضم قائمة إبداعاته المسرحية مايلي:

 وكتب محفوظ عبد الرحمن 10 مسرحيات هي «كوكب الفيران»، و«احذروا»، و«ما أجملنا»، و«محاكمة السيد ميم»، و«حفلة على الخازوق»، و«عريس لبنت السلطان» والتي تعد من أشهر ما كتب عبد الرحمن للمسرح، وكتب أيضًا «السلطان يلهو»، و«الفخ»،«الدفاع»،  و«الحامي والحرامي»، و«بلقيس.. ملكة سبأ »، «السندباد البحري »للأطفال وقدمت مسرحياته بالعديد من المؤسسات المسرحية الحكومية والخاصة في القاهرة وكذلك بالوطن العربي ، كما كتب للمسرح الكويتي.

وقدمت  فرقة «المسرح القومي»  لحارس الذاكرة العربية محفوظ عبد الرحمن مسرحيتين فقط هما: «ما أجملنا» من خلال نادي المسرح المصري عام 1981م، و«بلقيس» عام 2011م، ويعد المسرح الحديث أكثر الفرق إنتاجًا لنصوصه حيث قدمت له مسرحيات: «كوكب الفيران» (1986م، «عريس لبنت السلطان» 1987م، «الحامي والحرامي» 1989م

قدمت له فرقة «المسرح المتجول» مسرحيتي: «احذروا» (1984م، «محاكمة السيد ميم» 1987م، وكذلك قدم مسرح الطليعة مسرحيتي: «احذروا» 1995م، «ما أجملنا»  1999م، والمسرحية الأخيرة قام بتقديمها مسرح الشباب أيضا 2008م، كما قدم مركز الهناجر للفنون مسرحية «عريس لبنت السلطان» 2001م.
حصاد الرحلة .. جائزة الدولة  والجائزة الذهبية

نال الأديب محفوظ عبد الرحمن في حياته،  العديد من  مظاهر التكريم حصل  مبدع الدراما محفوظ عبد الرحمن على جائزة الدولة التشجيعية 1972م، وجائزة أحسن مؤلف مسرحي في عام  1983م من الثقافة الجماهيرية، والجائزة الذهبية من مهرجان الإذاعة والتليفزيون عن مسلسل أم كلثوم، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون2002م، وجائزة العقد لأفضل مبدع خلال 10 سنوات من مهرجان الإذاعة والتليفزيون. وحاز على الكثير من التكريمات بعد رحيله عن عالمنا 

ورحل عن عالمنا الأديب المبدع  والكاتب الكبير محفوظ عبد الرحمن في 19 أغسطس بعام 2017 معن عمر يناهز 76 عامًا تاركًا  بصماته وإرثًا ثقافيا مهمًا في الحركة الثقافية المصرية والعربية بكل ما خطه قلمه للقارئ والمشاهد المصري والعربي لمختلف ألوان الدراما  بالإذاعة، وفي السينما والمسرح والتلفزيون .

رحيل وأثر باق

ففقدنا برحيل الكاتب الكبير  قامة أدبية ومسرحية شامخة، خاصة وأنه كان بجميع كتاباته ومؤلفاته دائم الانحياز إلى الأغلبية الكادحة، و لقضايا التنوير وإلى قيم الحق والعدل والخير والجمال، وسيبقى أثره باقيًا في ذاكرة الجمهور العربي والمصري وفي مسيرة رحلة وتاريخ الفن المصري والثقافة العربية عامة.