رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتفائل بشأن قرب التوصل إلى تسوية لإنهاء الحرب في أوكرانيا لا يتطابق مع الواقع الميداني أو مع حجم الخلافات العميقة بين موسكو وكييف.
وقالت الصحيفة، في مقال تحليلي نشرته اليوم الخميس، إنه بعد مرور نحو أسبوع على قمة ألاسكا التي وصفها ترامب بـ"الانفراجة التاريخية"، لم يتحقق أي من الوعود التي روّج لها البيت الأبيض بشأن قرب عقد لقاء بين الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أو قبول موسكو بضمانات أمنية غربية لكييف تعادل مظلة "الناتو"، أو استعداد أوكرانيا للتنازل عن أجزاء واسعة من أراضيها.
وأكدت الصحيفة أن الحرب ما زالت مستعرة، إذ تواصل روسيا قصف المدن الأوكرانية بالصواريخ والطائرات المسيّرة، فيما لم يتحقق أي تقدم نحو وقف إطلاق النار أو تسوية سياسية. وترى أن الهوة بين موقفي موسكو وكييف "هائلة"، على عكس التوقعات التي حاول البيت الأبيض تسويقها بشأن قرب التوصل إلى سلام.
وأوضحت أن بوتين يصر على ضم مناطق واسعة من إقليم دونباس، ويطالب باعتراف أوكرانيا بسيادة روسيا على الإقليم وشبه جزيرة القرم، وهو ما يرفضه زيلينسكي بشكل قاطع.
وفي ملف "الضمانات الأمنية"، ذكرت الصحيفة أن واشنطن وعواصم أوروبية تبحث صيغاً بديلة عن عضوية الناتو لتأمين أوكرانيا، من بينها نشر قوة محدودة غربية في غرب البلاد. غير أن التساؤلات تبقى قائمة بشأن حجم تلك القوة ومصادر تمويلها ومدى جدية التزام الولايات المتحدة بالمشاركة في الدفاع الفعلي عن أوكرانيا.
وأشارت إلى أن محللين يرون أن أي ضمانات لا تشمل تعهداً عسكرياً أمريكياً صريحاً تبقى "هشة" ، ولفتت إلى أن ترامب دعا إلى عقد لقاء مباشر بين بوتين وزيلينسكي، إلا أن موسكو شددت على ضرورة الإعداد التدريجي عبر مفاوضات تمهيدية، مشككة في شرعية زيلينسكي، مضيفة أن كييف تبدي استعداداً للقاء بوتين من أجل إظهار أن الطرف الرافض هو الكرملين، لكن مراقبين يرون أن بوتين لن يوافق على الاجتماع إلا في حال كان الهدف "استسلام أوكرانيا".
وبشأن "وقف إطلاق النار"، أوضحت "نيويورك تايمز" أن ترامب تراجع عن موقفه السابق الداعي إلى هدنة عاجلة، بعدما أقنعه بوتين بأن الأولوية يجب أن تكون لتوقيع معاهدة سلام قبل أي وقف للأعمال القتالية، وهو ما يسمح لموسكو بمواصلة هجماتها الميدانية.
واختتمت الصحيفة تحليلها بالتأكيد على أن المعضلة الأوكرانية تظل أعقد مما تصور ترامب، الذي اعترف مؤخراً بأن هذه الحرب هي "الأصعب" بين جميع الملفات الدولية التي واجهها، بعدما كان يظن أنها ستكون "الأسهل حلاً".