الثقب الأسود.. خفايا الموقع الغامض| خاص
كشف الناشط رامي الجبالي، قائد فريق مبادرة "متطوعين أطفال مفقودة"، تفاصيل قضية "الثقب الأسود"، منذ لحظة رصدها الأولى وحتى اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتورطين.
مخطوفون أو هاربون
قال الجبالي في تصريحات خاصة لبوابة دار الهلال:
"لدينا فريق من المتطوعين في مختلف أنحاء الجمهورية يقوم منذ عشر سنوات برصد وتصوير المتسولين الذين يستخدمون الأطفال، وذلك لمطابقة صور هؤلاء الأطفال مع قاعدة بيانات لدينا، حيث قد يكون بعضهم مخطوفين أو هاربين من أسرهم".
أبلغنا أحد المتطوعين في إحدى المناطق بأنه لاحظ أطفالًا يدخلون إلى مكان أسفل كوبري، وصفه بـ"الثقب الأسود" أو "الخرم الأسود"، وأكد أنه يشك في أن هؤلاء الأطفال لا يخرجون منه بعد دخولهم.
عندها طلبنا منه التأكد من وجود مخرج آخر في الجهة المقابلة، وتبين أنه لا يوجد مخرج، ومن ثم بدأنا برصد عدد الأطفال، أشكالهم، والفئة العمرية التي تتردد على هذا المكان، إضافة إلى محاولة التعرف على طبيعة النشاط الذي يُمارس داخله.
المياه كشفت لنا إقامتهم
وأضاف الجبالي قائلًا: رغم أننا لم نستطع تحديد طبيعة النشاط بشكل قاطع، فإن المشاهدات أوحت بالكثير؛ إذ بدا واضحًا أن بعض الفتيات يدخلن المكان المغلق مع شباب، كما لوحظ خروج فتيان بملابس غير منطقية في سياق المكان والزمان، وكأنهم يقيمون هناك لفترات طويلة.
كذلك، لفت نظرنا وجود كميات كبيرة من المياه يتم إدخالها يوميًا، ما يدل على أن هناك إقامة كاملة داخل المكان، أشبه بمن يعتبره "منزلاً" له.
وبمجرد أن نشرنا تفاصيل هذه الملاحظات، بعد التأكد من خطورة المكان على الأطفال، وذلك قرابة الساعة الحادية عشرة أو الثانية عشرة ليلًا، تواصلت معنا وزارة الداخلية بحلول الساعة الثالثة فجرًا للاستفسار عن الموقع.
وزارة الداخلية تتدخل
وأوضح قائلًا: في صباح اليوم التالي، عند التاسعة تقريبًا، بدأت مختلف الأجهزة الأمنية المعنية في وزارة الداخلية التواصل معنا، بما في ذلك إدارة مكافحة الآداب، والأحداث، فضلًا عن مكتب مدير أمن الجيزة، للحصول على تفاصيل أدق تساعدهم في تقدير حجم الحملة الأمنية المطلوبة.
وقد بدا لي أن هذا التنسيق يعكس حرصهم على أن تكون الحملة فاعلة ومؤثرة، وليست مجرد حملة شكلية.
وفعلًا، بعد فترة قصيرة من هذا التواصل، علمنا أن القوات الأمنية قد تحركت إلى الموقع، وألقت القبض على الأشخاص الموجودين داخله، وتم إغلاق المكان. وكان ذلك تحركًا سريعًا ومشرفًا.
ومع ذلك، لدي ملاحظتان أساسيتان:
- أولًا: كنت أتمنى أن يُغلق المكان بالخرسانة المسلحة وليس بالطوب، لأنه سبق أن أُغلق بالطوب ثم أُعيد فتحه، وبالتالي فإن إغلاقه بالخرسانة سيكون أكثر أمانًا.
- ثانيًا: أرى ضرورة وجود تصور واضح لكيفية التعامل مع هذه المساحات الفارغة أسفل الكباري، إذ يتضح أن البعض يستغلها بشكل ضار.
ومن الأفضل أن يُعاد توظيفها في أنشطة نافعة وشرعية تحقق مصلحة عامة، أما إذا ثبت أن هذه المساحات لا تصلح لأي استخدام آمن، فيجب إغلاقها بالخرسانة نهائيًا حتى لا تتكرر مثل هذه الظواهر مرة أخرى.