"وول ستريت جورنال": إعلان ماكرون عزمه الاعتراف بدولة فلسطينية يمثل تحولاً بمواقف القوى الغربية
رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، أن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزمه الاعتراف بدولة فلسطينية يمثل تحولاً كبيرًا في مواقف القوى الغربية، التي دأبت لعقود على استخدام ورقة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كوسيلة لدفع مفاوضات "حل الدولتين" .. كما أعلنت أستراليا وكندا استعدادهما للسير على خطى فرنسا، فيما قالت بريطانيا إنها ستقدم على ذلك إذا لم توافق إسرائيل على وقف لإطلاق النار في قطاع غزة المنكوب.
وذكرت الصحيفة، في تقرير إخباري في عددها الصادر اليوم /الاثنين/، أن قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثار موجة غضب حادة في إسرائيل، حيث اعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الخطوة تغذي "معاداة السامية" وتشكّل "مكافأة لحماس" على هجومها في 7 أكتوبر 2023 ،وأقرّت الحكومة يوم الأربعاء الماضي، بناء مستوطنة جديدة مثيرة للجدل في الضفة الغربية من شأنها أن تقسم الضفة فعليًا إلى نصفين.
واعتبر وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، أن القرار "رد مباشر على خطوات فرنسا ودول غربية أخرى للاعتراف بالدولة الفلسطينية"، كما اتهم نتنياهو نظيره الأسترالي بالخيانة الأسبوع الماضي، ووجّه أعنف انتقاداته إلى ماكرون شخصيًا، قائلاً في رسالة رسمية:" دعوتك لإقامة دولة فلسطينية تصب الزيت على نار معاداة السامية، هذا ليس دبلوماسية، بل استرضاء".. بينما وصفت الرئاسة الفرنسية اتهامات نتنياهو بأنها "دنيئة"، مؤكدة أن الموقف الفرنسي يستند إلى دعم حل الدولتين كخيار وحيد لإنهاء الصراع.
واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن هذا التوتر يمثل لحظة فارقة في العلاقات بين إسرائيل وفرنسا، التي تستضيف واحدة من أكبر الجاليات اليهودية في العالم وشكلت تاريخا من أبرز حلفاء إسرائيل في أوروبا.. فيما تشير وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن الحكومة تدرس إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس؛ ردًا على هذه الخطوة بينما لم يعلّق مكتب نتنياهو رسميًا على هذه التقارير.
وأمس الأحد، ردد السفير الأمريكي لدى فرنسا تشارلز كوشنر، انتقادات نتنياهو لماكرون، وكتب في مقال نشرته "وول ستريت جورنال" أن فرنسا لا تبذل جهودًا كافية لمكافحة معاداة السامية، وأن "التصريحات العلنية التي تنتقد إسرائيل والتلميحات نحو الاعتراف بدولة فلسطينية تشجع المتطرفين وتؤجج العنف وتعرض حياة اليهود في فرنسا للخطر".
وردًا على ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنها ستستدعي كوشنر اليوم /الاثنين/ للاحتجاج على تصريحاته الأخيرة، وقالت- في بيان:"إن تصاعد الأعمال المعادية للسامية في فرنسا منذ 7 أكتوبر 2023 هو واقع نستنكره وتبدي السلطات الفرنسية استنفارًا كاملًا ضده".. وأضافت: لكن مزاعم السفير غير مقبولة، إنها تنتهك القانون الدولي، لا سيما وهي تتدخل في الشئون الداخلية للدول".
وأبرزت "وول ستريت جورنال" أن رابطة مكافحة التشهير واللجنة اليهودية الأمريكية وجماعات أخرى في الولايات المتحدة رفضت الشهر الماضي مقابلة وزير الخارجية الفرنسي، الذي سعى إلى تفسير قرار ماكرون.
وأشارت إلى أن ماكرون وقادة غربيين يقولون "إن الاعتراف بدولة تحكمها السلطة الفلسطينية سيعزل حماس ويضغط عليها لنزع سلاحها، وهم يعوّلون على تعهد جديد من الدول العربية، قُطع في مؤتمر السلام الشهر الماضي الذي عقدته فرنسا والمملكة العربية السعودية، بمعارضة أي دور للحركة في دولة جديدة. ومن بين هذه الدول قطر، التي استضافت قيادة حماس لفترة طويلة".. وقال ماكرون:" يجب أن نضمن نزع سلاح حماس وتأمين غزة وإعادة إعمارها، وأخيرًا يجب أن نقيم دولة فلسطين".
كما اتخذت حكومة ماكرون موقفًا متشددًا ضد من يعلنون دعمهم لحماس أو لهجوم 7 أكتوبر، لكن السلطات كافحت لاحتواء تصاعد الحوادث المعادية للسامية خلال العامين الماضيين.. ويوم الخميس الماضي، اعتقلت السلطات مدير مدينة ملاهي في جنوب فرنسا منع دخول 150 طالبًا زائرًا من إسرائيل، واتهمه الادعاء هذا الأسبوع بالتمييز على أساس الأصل القومي.
وتابعت "وول ستريت جورنال" أن الصراع حول الدولة الفلسطينية تسبب في معضلة للكثيرين داخل المجتمع الفرنسي، حيث وضع رئيسهم في مواجهة مع زعماء متطرفين.. حيث قالت سيمون رودان بنزاكين المديرة الإدارية للجنة اليهودية الأمريكية في أوروبا ومقرها باريس:"إن اليهود الفرنسيون يعيشون في وضع غير مريح، ويشعرون بأنهم محصورون بين هويتين قويتين".