أكد الدكتور علي سالم، أستاذ علم النفس المساعد بجامعة حلوان، أن التربية لا تقوم على جانب واحد فقط، بل تحتاج إلى تكامل دور الأب والأم معًا، وهو ما أوضحه القرآن الكريم في قوله تعالى: "وخلقناكم من ذكرٍ وأنثى"، مشددًا على أن غياب أحد الطرفين أو تقصيره يترك فراغًا نفسيًا كبيرًا عند الأبناء.
وأوضح سالم، خلال حلقة برنامج "البيت"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء، أن كثيرًا من الآباء يخلطون بين الرعاية و التربية. فالرعاية ـ على حد وصفه ـ هي كل ما يمكن شراؤه بالمال من مأكل وملبس ورعاية صحية وتعليمية، وهذا حق أصيل للطفل قبل أن يولد، وهو واجب سيُحاسب الأب على التقصير فيه، أما التربية فهي الجانب الأعمق الذي لا يمكن شراؤه بالمال، وتشمل غرس القيم كالأمانة والصدق والإخلاص والحنان ودفء الأسرة، إضافة إلى التواصل مع الأبناء والإصغاء لهم ومشاركتهم في حياتهم اليومية.
وأشار إلى أن بعض الآباء يظنون أن توفير الاحتياجات المادية كافٍ لتنشئة أبناء أسوياء، في حين أن غياب التربية الفعلية يخلق فجوة نفسية عميقة، خصوصًا في الأسر التي تشهد انفصالًا أو يكون فيها الأب حاضرًا بالجسد فقط لكنه غائب عن دوره التربوي.
وأضاف أن بعض الأمهات ـ رغم محاولاتهن الكبيرة لتحمل المسؤولية ـ لا يمكنهن القيام بدور الأم والأب معًا، فلكل طرف تأثير مختلف وأساسي في تكوين شخصية الأبناء. وأكد أن التربية عملية مشتركة تقوم على التوازن بين العقل والمنطق الذي يمثله الأب، والعاطفة والحنان الذي تمثله الأم.
وأكد الدكتور علي سالم أن الوعي بهذه الفروق بين الرعاية والتربية هو السبيل لبناء جيل سوي نفسيًا واجتماعيًا، داعيًا الآباء والأمهات إلى إعادة النظر في أدوارهم داخل الأسرة، وألا ينشغل الأب بالعمل فقط على حساب وجوده العاطفي والتربوي، وألا تتحمل الأم وحدها عبء تربية الأبناء في ظل غياب الطرف الآخر.