رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ديوان العرب| أَزَينَ نِساءِ العالَمينَ أَجيبي.. قصيدة العباس بن الاحنف

2-9-2025 | 03:18


العباس بن الاحنف

فاطمة الزهراء حمدي

تُعد قصيدة «أَزَينَ نِساءِ العالَمينَ أَجيبي» للشاعر العباس بن الاحنف، إحدى أهم القصائد التي عرفها تاريخ الشعر العربي، والتي حفظها العرب، وتناقلوها فيما بينهم.

ويعرف «العباس بن الاحنف» بأنه أحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، الذين كتبوا قصائد تميزت بالغزل والمدح والفخر، وعلى رأسها قصيدة «أَزَينَ نِساءِ العالَمينَ أَجيبي».

 

 تعتبر قصيدة «أَزَينَ نِساءِ العالَمينَ أَجيبي»، من أجمل ما قيل في الشعر العربي، ومن أشهر القصائد، وتحتوي على 44 بيتًا، تميز شعر العباس بن الاحنف بسلاسة الألفاظ وسهولة المعاني وصدق العاطفة كما جاء بالقصيدة.

 

وإليكم القصيدة:

أَزَينَ نِساءِ العالَمينَ أَجيبي

دُعاءَ مَشوقٍ بِالعِراقِ غَريبِ

كَتَبتُ كِتابي ما أُقيمُ حُروفَهُ

لِشِدَّةِ إِعوالي وَطولِ نَحيبي

أَخُطُّ وَأَمحو ما خَطَطتُ بِعَبرَةٍ

تَسُحُّ عَلى القُرطاسِ سَحَّ غُروبِ

أَيا فَوزُ لَو أَبصَرتِني ما عَرَفتِني

لِطولِ شُجوني بَعدَكُم وَشُحوبي

وَأَنتِ مِنَ الدُنيا نَصيبي فَإِن أَمُت

فَلَيتَكِ مِن حورِ الجِنانِ نَصيبي

سَأَحفَظُ ما قَد كانَ بَيني وَبَينَكُم

وَأَرعاكُمُ في مَشهَدي وَمَغيبي

وَكُنتُم تَزينونَ العِراقَ فَشانَهُ

تَرَحُّلُكُم عَنهُ وَذاكَ مُذيبي

وَكُنتُم وَكُنّا في جِوارٍ بِغِبطَةٍ

نُخالِسُ لَحظَ العَينِ كُلَ رَقيبِ

فَإِن يَكُ حالَ الناسُ بَيني وَبَينَكُم

فَإِنَّ الهَوى وَالوِدَّ غَيرُ مَشوبِ

فَلا ضَحِكَ الواشونَ يا فَوزُ بَعدَكُم

وَلا جَمَدَت عَينٌ جَرَت بِسُكوبِ

وَإِنّي لَأَستَهدي الرِياحَ سَلامَكُم

إِذا أَقبَلَت مِن نَحوِكُم بِهُبوبِ

وَأَسأَلُها حَملَ السَلامِ إِلَيكُمُ

فَإِن هِيَ يَوماً بَلَّغَت فَأَجيبي

أَرى البَينَ يَشكوهُ المُحِبونَ كُلُّهُم

فَيا رَبُّ قَرِّب دارَ كُلِّ حَبيبِ

وَأَبيَضَ سَبّاقٍ طَويلٍ نِجادُهُ

أَشَمَّ خَصيبِ الراحَتَينِ وَهوبِ

أَنافَ بِضَبعَيهِ إِلى فَرعِ هاشِمٍ

نَجيبٌ نَماهُ ماجِدٌ لِنَجيبِ

لَحاني فَلَمّا شامَ بَرقي وَأَمطَرَت

جُفوني بَكى لي موجَعاً لِكُروبي

فَقُلتُ أَعَبد اللَهُ أَسعَدتَ ذا هَوىً

يُحاوِلُ قَلباً مُبتَلاً بِنُكوبِ

سَأَسقيكَ نَدماني بِكَأسٍ مِزاجُها

أَفانينُ دَمعٍ مُسبَلٍ وَسَروبِ

أَلَم تَرَ أَنَّ الحُبَّ أَخلَقَ جِدَّتي

وَشَيَّبَ رَأسي قَبلَ حينِ مَشيبي

أَلا أَيُّها الباكونَ مِن أَلَمِ الهَوى

أَظُنُّكُمُ أُدرِكتُمُ بِذَنوبِ

تَعالَوا نُدافِع جُهدَنا عَن قُلوبِنا

فَيوشِكُ أَن نَبقى بِغَيرِ قُلوبِ

كَأَن لَم تَكُن فَوزٌ لِأَهلِكَ جارَةً

بِأَكنافِ شَطٍّ أَو تَكُن بِنَسيبِ

أَقولُ وَداري بِالعِراقِ وَدارُها

حِجازيَّةٌ في حَرَّةٍ وَسُهوبِ

وَكُلُّ قَريبِ الدارِ لا بُدَ مَرَّةً

سَيُصبِحُ يَوماً وَهوَ غَيرُ قَريبِ

سَقى مَنزِلاً بَينَ العَقيقِ وَواقِمٍ

إِلى كُلِّ أُطمٍ بِالحِجازِ وَلوبِ

أَجَشُّ هَزيمُ الرَعدِ دانٍ رَبابُهُ

يَجودُ بِسُقيا شَمأَلٍ وَجَنوبِ

أَزوّارَ بَيت اللَهَ مُرّوا بِيَثرِبٍ

لِحاجَةِ مَتبولِ الفُؤادِ كَئيبِ

إِذا ما أَتَيتُم يَثرِباً فَاِبدَؤوا بِها

بِلَطمِ خُدودٍ أَو بِشَقِّ جُيوبِ

وَقولوا لَهُم يا أَهلَ يَثرِبَ أَسعِدوا

عَلى جَلَبٍ لِلحادِثاتِ جَليبِ

فَإِنّا تَرَكنا بِالعِراقِ أَخا هَوىً

تَنَشَّبَ رَهناً في حِبالِ شَعوبِ

بِهِ سَقَمٌ أَعيا المُداوينَ عِلمُهُ

سِوى ظَنَّهُم مِن مُخطِئٍ وَمُصيبِ

إِذا ما عَصَرنا الماءَ فيهِ مَجَّهُ

وَإِن نَحنُ نادَينا فَغَيرُ مُجيبِ

تَأَنَّوا فَبَكّوني صُراحاً بِنِسبَتي

لِيَعلَمَ ما تَعنونَ كُلُّ غَريبِ

فَإِنَّكُمُ إِن تَفعَلوا ذاكَ تَأتِكُم

أَمينَةُ خَودٍ كَالمَهاةِ لَعوبِ

عَزيزٌ عَلَيها ما وَعَت غَيرَ أَنَّها

نَأَت وَبَناتُ الدَهرِ ذاتُ خُطوبِ

فَقولوا لَها قولي لِفَوزٍ تَعَطَّفي

عَلى جَسَدٍ لا رَوحَ فيهِ سَليبِ

خُذوا لِيَ مِنها جُرعَةً في زُجاجَةٍ

أَلا إِنَّها لَو تَعلَمونَ طَبيبي

وَسيروا فَإِن أَدرَكتُمُ بي حُشاشَةً

لَها في نَواحي الصدرِ وَجسُ دَبيبِ

فَرُشّوا عَلى وَجهي أُفِق مِن بَليَّتي

يُثيبُكُمُ ذو العَرشِ خَيرُ مُثيبِ

فَإِن قالَ أَهلي ما الَّذي جِئتُمُ بِهِ

وَقَد يُحسِنُ التَعليلَ كُلُّ أَريبِ

فَقولوا لَهُم جِئناهُ مِن ماءِ زَمزَمٍ

لِنَشفيهِ مِن داءٍ بِهِ بِذَنوبِ

وَإِن أَنتُمُ جِئتُم وَقَد حيلَ بَينَكُم

وَبَيني بِيَومٍ لِلمَنونِ عَصيبِ

وَصِرتُ مِنَ الدُنيا إِلى قَعرِ حُفرَةٍ

حَليفَ صَفيحٍ مُطبَقٍ وَكَثيبِ

فَرُشّوا عَلى قَبري مِنَ الماءِ وَاِندُبوا

قَتيلَ كَعابٍ لا قَتيلَ حُروبِ