من الهند إلى نيويورك.. الروائية كيران ديساي تحصد "البوكر" بصوت الشتات والهوية
في عالم الأدب المعاصر، تعد الروائية الهندية كيران ديساي واحدة من أبرز الأصوات النسائية في عالم الأدب المعاصر، وتنتمي إلى جيل جديد من الكُتّاب الهنود الذين يكتبون بالإنجليزية، وتُعد أعمالها انعكاسًا للتحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية التي عصفت بالهند والعالم في العقود الأخيرة.. أكدت ديساي من خلال أعمالها القليلة أن الأدب الحقيقي لا يُقاس بغزارته، بل بقدرته على لمس القارئ وتحفيز تفكيره، وهذا ما نجحت فيه كيران ديساي بامتياز.
ميلادها ونشأتها
ولدت ديساي في 1971 في الهند، ونشأت في بيت أدبي، فهي ابنة الكاتبة الشهيرة أنيتا ديساي، التي أُدرجت أكثر من مرة ضمن القائمة القصيرة لجائزة "بوكر"، لكن ديساي انتمت إلى جيل جديد يكتب بالإنجليزية، ومع ذلك حافظت على تراثها الثقافي الهندي، وهو ما انعكس بوضوح في أعمالها، التي تجمع بين دفء السرد الهندي وحرفية اللغة الغربية.
هاجرت ديساي في سن المراهقة إلى الولايات المتحدة، حيث درست في جامعات مرموقة، بينها كولومبيا، وهناك بدأت تتشكل ملامح أسلوبها الروائي، فأثبتت لنفسها طريقًا فنيًا متفردًا، قائمًا على لغة سردية حسّاسة وقدرة فائقة على رسم التفاصيل النفسية والاجتماعية للشخصيات.
أعمال ديساي الأدبية
ويسلط أدب كيران ديساي الضوء على الشتات والهجرة والهوية والانتماء، لكن من منظور شخصي وحميمي، يعكس تجاربها الشخصية ككاتبة عاشت في الهند ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة، وحملت معها أسئلة الوطن والغربة والانتماء. كما تفوقت في نسج عالمًا روائيًا يعكس تحولات الذات في مواجهة الهجرة والانتماء.
صدر أول أعمال الروائية "أجواء الهروب" في 1998، ولاقى ترحيبًا نقديًا كبيرًا، فضمها الكاتب البريطاني سلمان رشدي، إلى قائمة "أفضل عشرة كُتّاب ناشئين" في تلك السنة، وتميزت الرواية بأسلوب ساخر ولغة شعرية، وكانت بمثابة مقدمة لعالم كيران ديساي الروائي الذي لا يخلو من الغرابة والعمق.
جائزة "بوكر"
جاءت الانطلاقة الحقيقية لديساي مع روايتها الثانية "ميراث الخسارة"، الصادرة في 2006، ونالت عنها جائزة "مان بوكر" المرموقة، لتكون بذلك أصغر امرأة تفوز بالجائزة في تاريخها في تلك اللحظة.
وتتناول الرواية قضايا الهوية، والشتات، والطبقية، والاستعمار وما بعد الاستعمار، من خلال قصة تمتد بين الهند ونيويورك، لتُظهر قدرة ديساي على السرد متعدد الأصوات، حيث نسجت الشخصيات والخلفيات الثقافية حاكت كبار الأدباء العالميين.
صمت طويل
وعلى الرغم من الحضور والأضواء التي راحتت تتجه نحو ديساي، لكنها لم تُصدر منذ ذلك الحين عملًا روائيًا جديدًا، الأمر الذي أثار تساؤلات في الأوساط الأدبية حول هذا الصمت الطويل، فقط ظل حضورها في المحافل الأدبية، ومشاركاتها في المقالات والحوارات الثقافية، مستمرًا.