في ذكرى رحيله.. محطات بحياة خيري شلبي فارس الأسطورة الواقعية
تحل اليوم، 9 سبتمبر، ذكرى رحيل الأديب والروائي الكبير خيري شلبي، أحد أبرز كتاب جيل الستينيات في الأدب العربي، وصاحب مسيرة إبداعية طويلة أثرت الثقافة العربية بشكل لافت وجعلت منه علامة فارقة في فن السرد العربي.. وتميز شلبي بقدرته الفريدة على المزج بين الواقع والخيال، ويعد من أوائل من أسسوا لتيار الواقعية السحرية في الأدب العربي منذ بدايات الثمانينيات، كما أعاد إحياء فن البورتريه الصحفي في الصحافة المصرية حيث كتب عن أكثر من ألف شخصية بارزة في مختلف المجالات.
وُلد شلبي يوم 31 يناير 1938 في قرية شباس عمير التابعة لمركز قلين بمحافظة كفر الشيخ، ونشأ في بيئة ريفية بسيطة كانت مصدر إلهام كبير له، وقد انعكس أثرها بوضوح في معظم أعماله الأدبية. وكان كاتبًا غزير الإنتاج، حيث نشر 72 كتابًا تنوعت بين الرواية والقصة القصيرة والدراسات النقدية والمسرح.. ومن أبرز رواياته "السنيورة"، "الأوباش"، "العراوي"، "موال البيات والنوم"، "ثلاثية الأمالي" بأجزائها الثلاثة "أولنا ولد" و"ثانينا الكومي" و"ثالثنا الورق"، إلى جانب "بغلة العرش"، "صالح هيصة"، "إسطاسية"، و"وكالة عطية". كما قدم مجموعات قصصية منها "صاحب السعادة اللص"، "المنحنى الخطر"، "سارق الفرح"، و"أسباب للكي بالنار".. أما في مجال الدراسات النقدية والفكرية فقد ألف كتبًا منها "محاكمة طه حسين"، "أعيان مصر"، "وجوه مصرية"، "غذاء الملكات"، "رحلات الطرشجي الحلوجي"، "مسرح الأزمة"، و"نجيب سرور".
وقد تحولت أعماله إلى عدد من الأفلام والمسلسلات الناجحة، من بينها فيلم "الشطار" مع المخرج نادر جلال، وفيلم "سارق الفرح" مع المخرج داود عبد السيد.. أما في الدراما التليفزيونية فقد قدم مسلسل "الوتد" من إخراج أحمد النحاس، الذي يعد من أبرز الأعمال في الدراما المصرية وحقق نجاحًا كبيرًا منذ عرضه عام 1996، إضافة إلى مسلسل "الكومي" عن ثلاثية الأمالي من إخراج محمد راضي، كما عُرض مسلسل "وكالة عطية" المأخوذ عن روايته الشهيرة في رمضان عام 2009، وكان آخر ما قُدم من أعماله للتليفزيون.
نال خيري شلبي، خلال مسيرته العديد من الجوائز الرفيعة، منها جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 1980-1981 عن روايته "فلاح مصري في بلاد الفرنجة"، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في نفس العام، وجائزة أفضل رواية عربية عن "وكالة عطية" عام 1993، إلى جانب جائزة اتحاد الكتاب للتفوق عام 2002، وجائزة نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2003، وجائزة أفضل كتاب عربي من معرض القاهرة للكتاب عن "صهاريج اللؤلؤ" عام 2002، فضلًا عن جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2005، كما رُشح من قبل مؤسسة "إمباسادورز" الكندية لنيل جائزة نوبل للآداب.
وتُرجمت أعماله إلى عدة لغات منها الروسية والصينية والإنجليزية والفرنسية والعبرية والإيطالية والأوردو، وكان من أبرز ما تُرجم روايات "الأوباش"، "الوتد"، "فرعان من الصبار"، "بطن البقرة"، "وكالة عطية"، و"صالح هيصة".
كما تولى شلبي، رئاسة تحرير مجلة الشعر التابعة لوزارة الإعلام لعدة سنوات حتى وفاته، وشغل منصب رئيس تحرير سلسلة مكتبة الدراسات الشعبية الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.
برحيل خيري شلبي في مثل هذا اليوم من عام 2011 فقدت الساحة الثقافية العربية واحدًا من أعظم روائييها، لكن أعماله لا تزال حية، تُقرأ وتُدرس، لتبقى شاهدًا على موهبة استثنائية وتجربة إنسانية ثرية.