الجماعة الإرهابية.. منصات للأكاذيب والشائعات وأداة لهدم الدول
لسنوات وجهت الجماعة الإرهابية أكاذيبها وشائعاتها لاستهداف مؤسسات الدولة من خلال محاولة ضرب استقرارها وتفكيك بنيتها المجتمعية من الداخل، وبعدما لفظها الشعب المصري في ثورة 30 يونيو 2013، عقب تراجع نفوذها واكتشاف الشعب المصري لحقيقة الجماعة الإرهابية، دأبت الجماعة على استخدام الشائعات كوسيلة رئيسية للتأثير على الرأي العام، وزعزعة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
وخلال الأيام الماضية، استمرت الجماعة في محاولات التشكيك والأكاذيب، في مواقف مصر القومية تجاه قضايا محورية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، في محاولة لتقويض مكانة الدولة إقليميًا وإضعاف موقفها السياسي.
محاولة صناعة فجوة بين المواطن والدولة
وفي هذا الصدد، يقول عمرو فاروق، الباحث في شؤون الجماعات الأصولية، إن الشائعات تعد سلاحًا بالغ الخطورة، واستخدمته جماعة الإخوان الإرهابية على مدار فترات زمنية طويلة، بدءًا من العهد الملكي ومرورًا بكل الأنظمة السياسية التي حكمت مصر، حيث عملت الجماعة على صناعة فجوة بين المواطن والدولة، لا سيما المؤسسات التنفيذية، من خلال استراتيجيات علمية تعتمد على التأثير النفسي والاستقطاب عن بُعد لتوجيه الرأي العام، بما يؤدي إلى زعزعة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة.
وأوضح عمرو فاروق في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذا يبدو جليًا في تعامل الجماعة مع قضية غزة، التي طالما حاولت احتكار تمثيلها وادعاء الدفاع عنها، وأسست عدة مؤسسات في العالم العربي وأوروبا لجمع التبرعات باسم دعم غزة، بينما في الواقع كانت تسعى لتوظيف هذه القضية في تحقيق أهداف سياسية، لافتًا إلى أن التظاهرات التي يتم تنظيمها الآن باسم مناصرة فلسطين، يتم توجيهها ضد الدولة المصرية، باتهامها بالتقاعس أو الانحياز، رغم أن موقف الدولة واضح في رفض تهجير الفلسطينيين أو تصفية القضية، وتمسكها بحل الدولتين.
وأكد فاروق أن جماعة الإخوان، من خلال نشر الشائعات، تهدف إلى أمرين أساسيين: أولًا، الانتقام من الدولة المصرية ومحاولة إسقاطها، وثانيًا، تنفيذ أجندات خارجية تخدم قوى استعمارية كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، الساعية للتخلص من النظام المصري الذي يرفض تمرير مشروع "التوطين في سيناء" وغيره من المخططات التي تخدم مشروع "إسرائيل الكبرى".
محاولات بائسة لتشويه الدور المصري داخليًا وخارجيًا
ولفت إلى أن الجماعة تسعى لتشويه الدور المصري داخليًا وخارجيًا بشأن ما يحدث في قطاع غزة، عبر اتهامات وحروب إعلامية، مشددا على أن الشائعات في المطلق أصبحت أداة في محاولة الإضرار بالصورة الذهنية للدولة، وإحداث انقسام داخلي، وضرب الثقة الشعبية، كذلك على المستوى الدولي، تعمل الجماعة الإرهابية على تشكيل رأي عام معادٍ لمصر لا يدعم مواقفها ولا يؤيد تحركاتها.
وأشار إلى أننا الآن أمام حرب من نوع مختلف، ربما أشد من الحروب النظامية أو العسكرية، في ظل حروب الجيل الخامس والسادس، التي تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي، مضيفا أن المرحلة المقبلة قد تشهد تصعيدًا أكبر، من خلال استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الترويج لمفاهيم مغلوطة وبناء مؤسسات بديلة على منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن فقدت الجماعة قدرتها على السيطرة على الجامعات والمدارس والمساجد كما في السابق.
وأكد أن الجماعة حاليًا تعمل على تأسيس كيانات فكرية، إعلامية، وبحثية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتستخدم تقنيات مثل الاجتماعات المغلقة على تطبيقات "الدارك ويب" وأدوات الذكاء الاصطناعي للحفاظ على البنية التنظيمية والحركية والأيديولوجية، وذلك لتنفيذ الهدف الأساسي لها وهو السيطرة على المنطقة العربية، وتنفيذ مشروع "الدويلات"، في إطار ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، الذي لا يستهدف فقط الجغرافيا، بل يطمح إلى السيطرة الفكرية والثقافية، ونشر التفكك داخل المجتمعات العربية، كما نرى في سوريا، ولبنان، وليبيا، واليمن، والعراق، من خلال تعزيز النزعات الطائفية، والمذهبية، والعرقية.
وأكد الباحث السياسي أنه رغم هذا الضغط، فإن المجتمع المصري لا يزال يحتفظ بتماسكه، وتظل العلاقة بين المواطن والدولة علاقة فطرية راسخة، فعلى الرغم من التأثير الواسع لحركات مثل "الصحوة الإسلامية" في السبعينيات والثمانينيات، فإن المجتمع المصري ما زال يحتفظ بجزء كبير من هويته الثقافية والدينية المتنوعة.
وشدد على أن المعركة التي نواجهها اليوم ليست فقط عسكرية أو أمنية، بل اجتماعية وفكرية وثقافية، وجماعة الإخوان، إلى جانب غيرها من القوى، تلعب دورًا محوريًا في تنفيذ هذا المشروع التفتيتي، بدعم من قوى كبرى تسعى لإعادة تشكيل المنطقة.