رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


لكسبريس: كيف أعادت تعريفات ترامب تشكيل التجارة بين الصين وأفريقيا؟

11-9-2025 | 13:11


ترامب

دار الهلال

ذكرت مجلة "لكسبريس" الفرنسية أن بكين كشفت في الثامن من سبتمبر الجاري عن حجم أعمالها مع أفريقيا، حيث حققت الصين منذ بداية عام 2025 ما يقرب من 50 مليار دولار فائضًا تجاريًا مع القارة، وهو ما يقارب إجمالي فائض عام 2024.

حتى نهاية أغسطس، تجاوزت قيمة السلع والخدمات التي استوردتها أفريقيا من الصين 117 مليار دولار، بينما لم تتجاوز صادرات القارة من السلع والخدمات إلى الصين 67 مليار دولار.

رأت المجلة أن هذا التحول ليس جغرافيًا فقط، بل سياسي أيضًا، إذ في أغسطس انخفضت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بنسبة 33%، في حين ارتفعت صادراتها إلى أفريقيا بنسبة 26%، مشيرة إلى أن ما تفقده الصين في السوق الأمريكية تكسبه في السوق الأفريقية.

وأشارت "لكسبريس" إلى أن رجال الصناعة الصينيين غيروا وجهتهم منذ عامين، فبدلاً من مواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية الإضافية، فتحوا منافذ نحو الأسواق المتاحة في أفريقيا وآسيا جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية. وتتجلى هذه الزيادة في مختلف القطاعات بالقارة.

في مجال الطاقة، تأثرت الواردات بانخفاض الأسعار، لكنها قفزت واردات الصين من الألواح الشمسية إلى أفريقيا بحوالي 60% خلال 12 شهرًا، حيث شهدت 20 دولة مستويات قياسية، وفقًا لمنظمة "أمبير" المتخصصة برصد الصناعة. وأسفر ذلك عن ظهور شبكات كهربائية صغيرة وتجهيز أسقف المستودعات.

أما في قطاع الصناعة، فخلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025، زادت شحنات الصلب إلى أفريقيا بنحو 30%، وسجلت جميع الآلات الزراعية والبناء وبناء السفن زيادات تجاوزت 40%. كما شهدت المحركات والمولدات الكهربائية زيادة تجاوزت 50%. وتعمل سلاسل التوريد الأفريقية، من أكرا إلى أديس أبابا، بوتيرة أسرع بفضل وصول المدخلات بكميات أكبر وأسعار أقل.

وأضافت المجلة أن مبادرة "طرق الحرير الجديدة" جابت القارة لأكثر من عقد، شاملة طرقًا سريعة، سكك حديدية، جسورًا وموانئ صممتها ومولتها شركات صينية. وعلى الرغم من الانتقادات أو الترحيب، كان لهذه المشاريع أثر ملموس من خلال تقليل مهل التنفيذ والتكاليف اللوجيستية، وفتح المناطق النائية سابقًا. كما تعزز هذه المشاريع نفوذ بكين وتتيح لها وصولًا مباشرًا أكبر إلى المواد الخام اللازمة لقطاعاتها.

وأشارت "لكسبريس" إلى أن السياسة التجارية للصين تتبع حسابات جيوسياسية، ففي يونيو الماضي أعلنت الصين رفعًا شبه كامل للتعريفات الجمركية عن 53 دولة أفريقية، ما يتيح طريقًا سريعًا آخر لمصدريها. وتفتخر بكين بـ"بصمتها الاجتماعية" التي تضمنت خلق أكثر من مليون وظيفة في ثلاث سنوات، وتنفيذ مشاريع طرق وسكك حديدية وجسور عبر القارة، وفقًا لوكالة أنباء شينخوا.

ويختلف الواقع بين الصناعات؛ فبينما تهيمن الصين على قطاع الطاقة الشمسية، تواجه منافسة شرسة تجبرها على تقليص هوامش الربح. وفي أفريقيا، أدت الأسعار المنخفضة إلى ازدهار كبير في الكهرباء الكهروضوئية.

في المقابل، تبدو الولايات المتحدة متراجعة، إذ أدت تخفيضات المساعدات الخارجية لأفريقيا وتوسيع التعريفات الجمركية لتشمل بعض المنتجات الأفريقية إلى فجوة تسارع الصين لسدها. وفي دوائر الأعمال بلاغوس ونيروبي، يُتحدث عن علاقة براغماتية تتسم بتمويلات سريعة، ومهل تنفيذ قصيرة، وتسليم معدات على أساس تسليم المفتاح.

واختتمت المجلة بطرح سؤال حقيقي أمام أفريقيا: كيف يمكن تحويل هذه الهبة المفاجئة إلى قوة صناعية وسيادة في مجال الطاقة، دون خلق تبعية منخفضة التكلفة يصعب التخلص منها مستقبلاً؟.