بعد هجوم الدوحة.. سياسيون يوضحون أبرز ملفات القمة العربية الإسلامية
تعقد في العاصمة القطرية الدوحة، الأسبوع المقبل، قمة عربية إسلامية، تبحث تداعيات الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قطر أول أمس، وسبل الرد عليه، حيث أكد سياسيون أن القمة تأتي في توقيت تواجه فيه المنطقة العربية والإسلامية تحديات غير مسبوقة في ظل "عربدة إسرائيلية" واعتداءات سافرة على دول المنطقة، ما يستدعي اتخاذ موقف جماعي لوقف هذا العدوان والانتهاكات.
وأعلنت وزارة الخارجية القطرية، عن أن دولة قطر ستستضيف الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للقمة العربية الإسلامية الطارئة يوم الأحد المقبل، يعقبه انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة لبحث الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر، وذلك خلال الفترة من 14 - 15 سبتمبر الجاري في العاصمة الدوحة.
مواجهة التهديد الإسرائيلي المتصاعد
وقال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن المنطقة العربية والإسلامية تواجه تحديات جسيمة وتداعيات خطيرة تؤثر على جميع الدول، موضحا أن هذه التحديات هي نتيجة مباشرة للتصرفات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، في عدة مناطق ضمن الإقليم، وخاصة في الشرق الأوسط.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن العالم شاهد إلى جانب الاعتداءات الوحشية والمخالفة للقانون الدولي في قطاع غزة، والتي ترقى إلى جرائم حرب، أن إسرائيل وسعت دائرة اعتداءاتها وعدوانها لتشمل دولًا أخرى مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن، وكذلك إيران، ومؤخرًا، امتد العدوان ليشمل قطر، في عدوان سافر، سواء من حيث التوقيت أو الجهة المستهدفة.
وأكد أن أي دولة في المنطقة لم تعد بمنأى عن العدوان الإسرائيلي، وهو ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبعض المسؤولين في حكومته بشكل صريح، حين أعلنوا أنهم قادرون على الوصول إلى القيادات الفلسطينية في أي مكان في العالم، مؤكدا أن هذه التصريحات تشكّل انتهاكًا خطيرًا لسيادة الدول، وتخالف قواعد وأحكام القانون الدولي، وتُعد من وجهة نظر القانون "جرائم حرب".
وشدد على أنه أصبح من الضروري أن يكون هناك موقف عربي حازم ورد فعل جماعي في وجه هذا العدوان، مؤكدا أن القمة الطارئة التي دعت إليها قطر وستعقد في الدوحة، هي محاولة لتوحيد الموقف العربي في مواجهة التهديد الإسرائيلي المتصاعد.
ولفت إلى أن الوقت الحالي والفترة المقبلة لا تحتاج فقط إلى توحيد الجهود العربية، بل كذلك إلى تكتيل الجهود الدولية، لأن الاحتلال الإسرائيلي لم يكن ليتمكن من القيام بهذه الأفعال لولا غياب الرادع الحقيقي، مشيرا إلى أن الردع ليس بالضرورة اللجوء إلى القوة العسكرية، بل يمكن أن يكون عبر ضغوط سياسية واقتصادية فعالة.
وأكد أنه يمكن للدول العربية، إلى جانب دول إسلامية وأخرى أوروبية متضامنة، أن تفرض على إسرائيل عقوبات ملموسة مثل المقاطعة الاقتصادية والتجارية للاحتلال، وفرض قيود مالية، وخفض التمثيل الدبلوماسي أو سحب السفراء، بجانب إجراءات قانونية على الساحة الدولية، مشددا على أنه إذا تم تنفيذ هذه الإجراءات بشكل منسق وجماعي، فسيكون لها تأثير حقيقي، وستشكّل ضغطًا حقيقيا على إسرائيل.
وأشار إلى أنه في حال تُركت إسرائيل دون محاسبة، ودون مواجهة حقيقية، فإنها ستستمر في ممارساتها العدوانية وانتهاكها للقانون الدولي، دون أن تعير أي اهتمام للمجتمع الدولي أو للمنظمات الأممية.
ومن جانبه، يقول الدكتور محمد مرعي، الخبير في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن القمة المرتقبة في الدوحة، تأتي في سياق تطورات خطيرة تشهدها منطقة الشرق الأوسط، إثر الضربة الإسرائيلية السافرة التي استهدفت الأراضي القطرية، أول أمس، في انتهاك واضح لسيادة دولة عربية، حيث كان الهجوم يهدف إلى استهداف اجتماع لقيادات حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة.
وأكد في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الموقف العربي، ومنه موقف مصر والمملكة العربية السعودية والجزائر وكافة دول المنطقة، جاء رافضًا بشكل قاطع لهذا العدوان الإسرائيلي، الذي يُعد تصعيدًا خطيرًا ستكون له تداعيات كبيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي.
ولفت إلى إسرائيل اليوم، في ظل الدعم غير المشروط من الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب، تشعر بأنها بمنأى عن أي محاسبة، وأن بإمكانها انتهاك القوانين والأعراف الدولية، والتعدي على سيادة الدول تحت ذرائع لا تستند إلى أي قواعد قانونية أو شرعية معترف بها في النظام الدولي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية.
وأكد أنه بات من الضروري أن تتكاتف الدول العربية والإسلامية، وأن تنسق جهودها بصورة جماعية، من أجل وضع حد للتغوّل الإسرائيلي في الإقليم، خاصة مع تكرار انتهاكاته لسيادة عدد من الدول العربية، مشيرا إلى أن الهجوم على قطر، أول أمس، لم يكن الحادثة الأولى؛ فقد سبقه ما جرى في اليمن ولبنان وسوريا، فضلًا عن الجرائم والانتهاكات التي تمارسها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، منذ ما يقارب العامين، والتي ترقى إلى مستوى المجازر والإبادة الجماعية.
وأضاف أن الصورة أصبحت واضحة الآن، أن إسرائيل هي الطرف الذي يزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط، ولا ترغب في تحقيق السلام، بل تسعى إلى فرض هيمنتها وإعادة تشكيل المنطقة وفقًا لمصالحها وأوهامها، مشدد على أنه يجب التأكيد على أن العالم العربي، بما يملكه من إمكانات وقدرات، قادر على حماية مصالحه ووضع حد لهذه الغطرسة الإسرائيلية.
ولفت إلى ما حدث في قطر يُعد تطورًا استراتيجيًا خطيرًا، ويكشف في الوقت ذاته عن حقيقة الموقف الأمريكي الذي يُغض الطرف عن هذه الانتهاكات، إن لم يكن يباركها، مشيرا إلى أنه على الدول العربية والإسلامية التحرك جماعيًا لوضع الولايات المتحدة الأمريكية أمام مسؤوليتها والضغط من أجل إلزام إسرائيل بوقف هذه الانتهاكات، خاصة أن أي تسوية حقيقية لن تتم دون وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأشار إلى أنه وفي هذا السياق، يبرز مجددًا الطرح المصري القديم الذي تبناه الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ أكثر من عشر سنوات، والداعي إلى تشكيل قوة عربية مشتركة لحماية الأمن القومي العربي والمصالح العربية، مؤكدا أننا اليوم بحاجة ماسة إلى إعادة صياغة مفهوم الأمن القومي العربي، وإلى هندسة جديدة للتعاون بين الدول العربية، بما يواجه هذه التحديات الوجودية التي تهدد أكثر من نصف مليار عربي في منطقة تتعرض باستمرار لانتهاكات من طرف يرفض السلام، ولا يحترم القانون أو الأعراف الدولية.