قمة الدوحة الطارئة.. مواجهة حاسمة بين الدبلوماسية والردع
تحتضن العاصمة القطرية الدوحة، يومي الأحد والاثنين المقبلين، قمة عربية إسلامية طارئة، لبحث آليات صياغة رد جماعي على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف الأراضي القطرية، الثلاثاء الماضي، والذي يبدو أنه لن يكون الأخير من نوعه، إذ لم يقابل برد حازم.
وكانت الدوحة قد شهدت انفجارات عنيفة هزّت العاصمة، أعقبها إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي مسؤوليته عن الهجوم، مدّعيًا استهداف اجتماع لقيادات حركة "حماس" الذين كانوا يبحثون المقترح الأخير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التهدئة.
وأدى الهجوم إلى سقوط شهداء وجرحى، ما أثار موجة إدانات واسعة على المستويين العربي والدولي، إذ اعتبرت العديد من العواصم العربية والإسلامية والغربية الغارة اعتداءً صارخًا على السيادة القطرية.
قمة الدوحة
وبشأن القمة التي سيحضرها ممثلون عن مختلف الدول العربية والإسلامية، أعرب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عن أمل بلاده في بلورة رد جماعي ذي مغزى يردع إسرائيل عن مواصلة اعتداءاتها، موضحًا أن هذه الخطوة لا تزال قيد التشاور والمناقشة مع شركاء المنطقة.
وأكد آل ثاني أن الرد على الهجوم الإسرائيلي سيكون على مستويين؛ الأول يتمثل في رد قطري يستند إلى القانون الدولي، باعتباره الملجأ الأول لأي دولة متحضرة، أما المستوى الثاني فسيكون من خلال رد إقليمي تصوغه دول المنطقة.
وأضاف أن القمة العربية الإسلامية المرتقبة ستناقش "خطة عمل" مشتركة للتعامل مع التطورات، مشددًا على أن قطر لن تملي على شركائها الإقليميين شكل الرد، بل ستترك لكل طرف حرية تحديد موقفه.
سيناريوهات قطرية
في غضون ذلك، قال الدكتور محمد عبد العظيم الشيمي، أستاذ العلاقات الدولية، إن الأحداث المتصارعة في منطقة الشرق الأوسط تكشف بوضوح النهج الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أكدته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في إطار ما يُعرف بـ"إسرائيل الكبرى" أو "الشرق الأوسط الجديد".
وأضاف الشيمي، في حديث لـ"دار الهلال"، أن هذا التوجه تجلى في تصريحات العديد من المسؤولين الإسرائيليين، يتقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مشيرًا إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي العربية ـ وآخرها قطر ـ تكشف عن هذا المسار، في وقت تبدو فيه ردود الفعل العربية مرتبكة وغير واضحة الرؤية.
وتابع موضحًا أن قطر باتت تدرس مجموعة من السيناريوهات للرد على العدوان الإسرائيلي الذي استهدفها، لافتًا إلى أن الرد الطبيعي كان يمكن أن يكون مماثلًا لما قامت به إسرائيل، غير أن قدرات الدوحة لا تسمح بمثل هذا الخيار، ما جعلها تتجه إلى مسارات سياسية ودبلوماسية.
وأشار الشيمي إلى أن هذا يتضح من التحرك القطري في مجلس الأمن، حيث شهدت الجلسة الأخيرة شجبًا واسعًا للعدوان الإسرائيلي، فضلًا عن الاتصال الهاتفي الذي أجراه أمير قطر بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للتعبير عن استياء الدوحة من عدم قيام واشنطن بردع تل أبيب عن ممارساتها، وقد قابل ترامب ذلك بمحاولة لاحتواء الموقف، عبر إبراز بعض النقاط التفاهمية.
ملفات القمة
وحول القمة العربية الإسلامية الطارئة المقررة الأسبوع المقبل في الدوحة، توقع الشيمي أن تخرج بمجموعة من البيانات والتصريحات التي تدعو المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل، ووقف اعتداءاتها، والعمل على إعادة الاستقرار في الشرق الأوسط.
وأضاف أن القمة قد تتطرق كذلك إلى دعم قطر والدول العربية التي تعرضت لهجمات إسرائيلية في الفترة الأخيرة، إضافة إلى بحث دعم إقامة الدولة الفلسطينية.
وأكد أن القمة، في مجملها، قد تسفر عن تفاهم عربي ـ إسلامي مشترك بشأن ما حدث في قطر، بما يعكس السياسات والسلوكيات الإسرائيلية في المنطقة.
لا بد من قرار رادع
وشدد خبير العلاقات الدولية على ضرورة إيجاد قرار رادع لإسرائيل، موضحًا أن الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة ـ كما حدث في مجلس الأمن وما قد يتكرر في القمة ـ يمثل سياسة ضعف في مواجهة ما تقوم به تل أبيب، ما يشجعها على مواصلة اعتداءاتها وربما زيادتها.
وأوضح الشيمي أن إسرائيل، رغم الإجماع الدولي على إدانة عدوانها الأخير على قطر، فإن مندوبها في الأمم المتحدة أكد أن بلاده ستواصل استهداف من تصفهم بـ"الإرهابيين" أينما وجدوا، وهو ما يدل على أن بيانات الشجب لن توقف إسرائيل، بل ستقابلها بتصعيد جديد وأكثر قوة في الأسابيع المقبلة، وليس الأشهر القادمة.