للمرة الأولى.. رصد كوكب رضيع ينحت فجوات ضخمة حول نجمه
نجح فريق دولي من العلماء في التقاط أول دليل مباشر على وجود "كوكب رضيع" وهو ينحت فجوات عملاقة في القرص الغباري المحيط بنجم حديث الولادة.
وبحسب موقع ساينس ألرت، فلم يسبق لعلماء الفلك أن شاهدوا شيئا كهذا من قبل. ولطالما أظهرت الملاحظات السابقة لمثل هذه الأقراص وجود فجوات غامضة، لكن الأجسام المسؤولة عن نحتها بقيت بعيدة المنال، محتجبة عن أعين تلسكوباتنا، ما أبقى الأمر مجرد فرضية.
واﻵن، ينهي الكوكب الذي أطلق عليه اسم WISPIT-2b، جدلا علميا طويلا ويؤكد أخيرا ما كان مجرد نظرية، مفتتحا بذلك عصرا جديدا في فهمنا لكيفية ولادة الكواكب.
ويكتسب اكتشاف الكوكب الخارجي WISPIT-2b، أهمية استثنائية كونه يؤكد أخيرا نظريات طويلة الأمد حول كيفية تشكل الكواكب الرضيعة ونموها. إنه يمثل نقطة تحول جوهرية في مجال علم الفلك الكوكبي، حيث سيتمكن العلماء من تطوير نماذجهم النظرية وتفصيلها بثقة أكبر، مدركين أنهم يسيرون على الطريق الصحيح.
ولفهم أهمية هذا الاكتشاف، يجب استيعاب عملية ولادة النجوم والكواكب المعقدة، حيث تبدأ العملية عندما تنضغط منطقة داخل سحابة جزيئية باردة بما فيه الكفاية لتنهار عقدة كثيفة هائلة تحت تأثير جاذبيتها الخاصة، مشكلة بذرة نجم أولي. ومع دوران هذه البذرة، يدفع الزخم الزاوي (مقدار دوران الجسم حول نفسه أو حول نقطة معينة) المواد من السحابة المحيطة إلى التسطح إلى قرص دوار يغذي النجم الأولي النامي.
وفي مرحلة لاحقة، يصبح النجم الأولي ضخما كفاية لترتفع درجة الحرارة والضغط في نواته إلى مستوى يشتعل عنده الاندماج النووي. وفي الوقت ذاته، تدفع الرياح النجمية بقية القرص الداخلي بعيدا، خارج نطاق السيطرة الجاذبية القوية للنجم. ويستمر ما تبقى من ذلك القرص في الدوران، حيث تبدأ المواد بالالتصاق والتكتل معا لتشكل في النهاية الكواكب والكويكبات والمذنبات.
وأثناء هذه المرحلة من التكتل، تنفتح فجوات في القرص الكوكبي الأولي، نراها من على بعد كحلقات مظلمة حول النجم.
وقد التقطت أدوات مثل مصفوفة أتاكاما المليمترية/دون المليمترية الكبيرة (ALMA) صورا عديدة لهذه الأقراص والفجوات فيها. في حين أن رصد الكواكب نفسها وهي تقوم بهذا النحت كان مهمة أعقد بكثير، وذلك بسبب صغر حجمها وضعف ضوئها مقارنة بالنجم الساطع.
وجاء الحل من خلال فهم أن الكواكب أثناء تكونها تكون غنية بغاز الهيدروجين الساخن الذي يبعث ضوءا مميزا يعرف بإنبعاث H-ألفا.
وللكشف عن هذه البصمة المحددة داخل فجوات الأقراص الكوكبية الأولية، صمم فريق دولي من العلماء أداة MagAO-X، وهي نظام بصريات تكيفية متطورة مثبتة على تلسكوب ماجلان في تشيلي، ومصممة خصيصا لهذا الغرض.
ويقول العلماء إن النجم المضيف، TYC-5709-354-1 (المعروف الآن أيضا باسم WISPIT-2)، هو نجم رضيع يشبه الشمس ويبعد عنا نحو 434 سنة ضوئية. وأظهرت الملاحظات السابقة وجود قرص كبير حوله مع فجوة وصفها العلماء بأنها "ضخمة بشكل مذهل".
وهذا الاكتشاف المذهل يمنحنا لمحة نادرة عن كيف ربما بدا نظامنا الشمسي وهو يتشكل حول شمس رضيعة.