رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


تصعيد دموي في غزة.. الاحتلال يضحّي بالأسرى لصالح مشروع الإبادة

16-9-2025 | 14:19


غزة

محمود غانم

تصعّد الحكومة الإسرائيلية المتطرفة من هجماتها على مدينة غزة، شمالي القطاع، متجاهلة تداعيات ذلك على مصير الأسرى الفلسطينيين لديها، وعلى جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة حماس، في ظل استمرارها في تكريس سياسة الإبادة.

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء هجوم بري للسيطرة على المدينة، تزامنًا مع إصدار إنذار إلى سكانها وسكان شمال القطاع بضرورة الانتقال جنوبًا "في أسرع وقت ممكن".

ويأتي ذلك وسط إقرار رسمي بمساعي تدمير مدينة غزة، وتجاهل واضح لمصير أكثر من مليون فلسطيني يقطنون المدينة، فضلًا عن التقديرات التي تشير إلى أن تلك العمليات قد تهدد سلامة الأسرى لدى الاحتلال نفسه.

 

قرار قتل الأسرى

وفي غضون ذلك، أكد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، أن ما جرى خلال الفترة الماضية يؤكد أن الاحتلال لم يعد يكترث بمصير أسراه لدى المقاومة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن ذلك يتضح أكثر في تصرفاته، لا سيما مع وجود فرصة أثناء تواجد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في تل أبيب، والتي أعقبتها زيارة إلى الدوحة.

واعتبر الرقب، في حديثه لـ"دار الهلال"، أن الاجتياح البري العنيف الذي بدأ في مدينة غزة، جاء بمثابة رد على القمة العربية الإسلامية الطارئة التي عقدت في الدوحة، مؤكدًا أن هذه ما أسماها "وقاحة" الاحتلال التي اعتاد عليها.

وأضاف أن الاحتلال قرر بشكل واضح إعدام أسراه، في صورة لا تدع مجالًا للشك، حيث يعلم أن حياتهم عرضة للخطر بشكل طبيعي، لكونهم موجودين بين الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث القتل مستمر في كل مكان.

وأشار الرقب إلى أن خيارات الاحتلال الداخلية باتت معدومة في الضغط على الحكومة، فالمظاهرات التي خرجت قبل شهر، وشارك فيها نحو مليون شخص، سرعان ما خفتت، دون أن تؤثر على المشهد الإسرائيلي أو صناع القرار داخل دولة الاحتلال، الذي لم يعد يعنيه ملف الأسرى.

وبشأن مساعي تهجير الفلسطينيين، أكد أستاذ العلوم السياسية أن الاحتلال لا يحصد منها سوى الفشل، مستشهدًا بمدينة غزة التي أصبحت بؤرة العدوان في الوقت الراهن، حيث لم يخرج منها – بحسب إحصائيات الاحتلال نفسه – سوى 300 ألف فلسطيني، بينما بقي نحو مليون آخرين يتحملون تبعات الألم الذي يمارسه الاحتلال.

وشدد الرقب على أن جميع محاولات تهجير الشعب الفلسطيني المتمسك بالبقاء على أرضه ستبوء بالفشل، وستنكسر أمام صمود الفلسطينيين.

 

الأسرى غطاء ظاهري

وفي ذات الإطار، قال الدكتور حسام فاروق، أستاذ الاتصال السياسي، إن خطوة الاجتياح البري التي بدأها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة غزة، شمالي القطاع، انطلقت بضوء أخضر من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث إن وزير الخارجية الأمريكي مارك روبيو في زيارة إلى تل أبيب، لاسيما أن إسرائيل تنفذ اجتياحها بأسلحة أمريكية، وهناك دعم سياسي ولوجستي من واشنطن لهذا القرار.

وأضاف فاروق، في حديث لـ"دار الهلال"، أن هذا يتسق مع ما أكده وزير الخارجية الأمريكي من أن زيارته تأتي لدعم موقف إسرائيل، موضحًا أن ذلك جاء بالتزامن مع انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة في العاصمة القطرية الدوحة، ومؤكدًا أن ذلك يعكس حالة من التحدي لكل الجهود الرامية إلى تحقيق السلام.

وأشار فاروق إلى أن إسرائيل، قبل الاجتياح، كانت قد سيطرت بالفعل على نحو 75% من القطاع، وهذا يعكس – في تصوره – أنها تلجأ إلى تنفيذ "بروتوكول هانيبال" القاضي بتصفية الأسرى الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية؛ فإسرائيل بهذا الشكل تسعى إلى قتل الأسير والأسْر معًا.

وأكد أن حكومة نتنياهو تتحدث عن مسألة الأسرى بشكل ظاهري، لكنها في حقيقة الأمر ليست ضمن حساباتها، موضحًا أن ما في حساباتها هو القضاء على فكرة إقامة الدولة الفلسطينية سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية.

وقال إن نتنياهو وظّف ما حصل في السابع من أكتوبر لقتل هذه الفكرة، مؤكدًا أن ما يجري منذ ذلك اليوم لا يأتي في إطار الرد على عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، بل هو إبادة جماعية وتطهير عرقي ومحاولات لإخلاء غزة عبر تهجير الفلسطينيين، تمهيدًا لتوظيف القطاع في مشروع استثماري؛ في انتهاك واضح للقانون الدولي وحقوق الشعوب على أراضيها.

وأضاف مؤكدًا أن تهجير القسري في حد ذاته جريمة حرب كما يعرفها القانون الدولي، مشيرًا إلى أن إسرائيل بهذا التهجير تحرق آخر خيط يمكن أن يقود إلى حل سلمي.

 

الأمور تتجه نحو التصعيد

وفي ظل المجريات الراهنة، يؤكد فاروق أن الأمور تعقدت كثيرًا ولا تخدم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لاسيما بعد أن استهدفت إسرائيل الوفد المفاوض في الدوحة، وهو استهداف كذلك للوسيط، بينما تواصل في الوقت نفسه قصف مدينة غزة دون تفرقة بين المدنيين والمقاومين.

وأشار إلى أن حركة حماس تسعى في الوقت الراهن إلى استغلال آخر أوراقها المتمثلة في الرهائن لديها، موضحًا أن تقارير أمريكية أفادت بأن الحركة أخرجت المحتجزين إلى فوق الأرض، ما يعرضهم للقتل، وهو ما يشير إلى أن المعادلة تتجه نحو الصفر.

وأردف أن إسرائيل لا تعي أنه لا يمكن القضاء على حركة حماس، باعتبارها فكرة، والفكرة لا تموت، وحتى إذا قضت على الفصائل الحالية فستظهر فصائل أخرى.

 

لا خيارات في الداخل

وفي ما يتعلق بموقف الداخل الإسرائيلي من هذا التصعيد الذي أصبح فيه مصير الأسرى الإسرائيليين القتل، أكد فاروق أن الحرب على قطاع غزة مستمرة منذ عامين، وأن عائلات الأسرى أدركت منذ نحو ثلاثة أشهر من اندلاع العدوان أن قضية أبنائهم ليست ضمن أجندة بنيامين نتنياهو؛ ومن ثم اندلعت تظاهرات في ذلك الوقت ضمت نخبًا سياسية وعسكرية، وما يزال هذا الحراك متواصلاً حتى اليوم دون نتائج ملموسة، بالرغم من أن التحركات الإسرائيلية الحالية تشير إلى أن مصير ذويهم هو القتل.

وأضاف أن ذوي الأسرى لا يملكون في أيديهم أي خيارات تصعيدية تجاه نتنياهو، ولا يملكون سوى التظاهر، بينما أوراقهم في هذه المعركة ضعيفة أمام جموح اليمين المتطرف وآماله التوسعية.

وشدد فاروق على أن الوحيد القادر على تحرير الأسرى هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر ممارسة ضغوط منطقية على بنيامين نتنياهو لتحقيق السلام، مؤكدًا أن الولايات المتحدة وإسرائيل يتحدثان في العلن فقط عن ملف الأسرى، بينما خلف الكواليس يجري الترتيب لأمر آخر.

وقال: ربما يكون ملف الحرب في غزة والمحتجزين بحلول عام 2026 هو القاضي على مصير نتنياهو السياسي وتعريضه للمحاكمة، في ظل جهود تقودها المعارضة للكشف عن فشله.

وأشار إلى أن التصعيد الإسرائيلي بطبيعته سيؤثر على الاستقرار في المنطقة والإقليم ككل، إلى جانب سلوك إسرائيل التوسعي واستمرار اعتداءاتها على دول عربية.