«خارطة طريق واضحة».. ردود فعل واسعة على كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية الإسلامية الطارئة
حملت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الإسلامية الطارئة، في الدوحة أمس، رسائل واضحة بشأن رفض الممارسات الإسرائيلية، وأكد سياسيون أن الكلمة كانت الأقوى وحملت رؤية واضحة بشأن مواجهة التحديات المهددة للشرق الأوسط، ورفض الممارسات الإسرائيلية.
ووجه الرئيس السيسي رسالة لشعب إسرائيل، قائلا إن ما يجرى حاليا يقوض مستقبل السلام، ويهدد أمنكم، وأمن جميع شعوب المنطقة، ويضع العراقيل أمام أي فرص لأية اتفاقيات سلام جديدة، بل ويجهض اتفاقات السلام القائمة مع دول المنطقة وحينها ستكون العواقب وخيمة؛ وذلك بعودة المنطقة إلى أجواء الصراع، وضياع ما تحقق من جهود تاريخية لبناء السلام، ومكاسب تحققت من ورائه، مؤكدا أن "هو ثمن سندفعه جميعا بلا استثناء فلا تسمحوا بأن تذهب جهود أسلافنا من أجل السلام سدى، ويكون الندم، حينها بلا جدوى ".
الأمن الجماعي العربي
وقال الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية، إن كلمة الرئيس السيسي، بالقمة العربية الطارئة، هي أقوى الكلمات التي قيلت في القمة، إذ تمت صياغتها بإحكام، وكانت عباراتها دقيقة ومنتقاة بعناية، والرؤية التي طرحتها كانت واضحة ومحددة، وتضمنت إجراءات تنفيذية ملموسة.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الكلمة تضمنت إدانة واضحة جدًا للهجوم الإسرائيلي على قطر، وفتحت الباب أمام طرح فكرة الأمن الجماعي العربي، بمعنى أن أي اعتداء على قطر يُعد اعتداءً على كل دولة عربية، مؤكدا أن هذه نقطة جديدة لم تُطرح بهذا الشكل في القمم العربية والإسلامية السابقة لأسباب متعددة.
وأضاف سلامة أن الكلمة حملت تحذيرًا موجّهًا إلى الشعب الإسرائيلي وليس فقط إلى حكومته، وهو أمر ذو دلالة مهمة، إذ يعكس قناعة بعدم وجود شريك إسرائيلي رسمي يمكن التفاوض معه من أجل السلام، مضيفا أن الكلمة وجهت رسالة مفادها أن السياسات الإسرائيلية المتطرفة ستقود المنطقة بأكملها، بما فيها إسرائيل، إلى مستقبل مظلم.
وأشار إلى أنه تم استخدام مصطلح "العدو" في الخطاب لأول مرة، وهو تعبير لم يكن يُستخدم بهذا الوضوح سابقًا، واستخدامه هنا جاء نتيجة مباشرة للممارسات والانتهاكات الإسرائيلية، التي وضعت إسرائيل في هذه الخانة، مؤكدا أن مصر دولة محبة للسلام وتحترم معاهداتها واتفاقياتها، لكنها في الوقت نفسه تواجه ادعاءات وافتراءات وضغوطًا مستمرة، خاصة مع محاولات دفع أهل غزة جنوبًا نحو الحدود المصرية، وهو ما يُقوّض فرص السلام، كما أشار الرئيس في كلمته.
وشدد على أن الكلمة أكدت ثوابت الدولة المصرية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها رفض التهجير ووضع خطوط حمراء واضحة، كما أوضحت أن هذه الممارسات الإسرائيلية قد تؤثر على معاهدات السلام الموقعة مع بعض الدول، أو حتى على أية معاهدات محتملة في المستقبل.
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن الكلمة طرحت إجراءات تتعلق بآلية تنسيق وتعاون بين الدول العربية والإسلامية، تتجاوز الإطار الأمني فقط، حيث طرح الرئيس إطارًا أوسع للتنسيق يشمل الأمن والاقتصاد والسياسة، من أجل أن تصبح الكتلة العربية والإسلامية فاعلة ومبادِرة، لا مجرد متلقية للقرارات، مشددا على أن هذه الكلمة تشكل خارطة طريق وبوصلة حقيقية نحو وحدة عربية شاملة، لمن يفهم مضمونها بصورة عميقة.
تعبير عن الموقف المصري والعربي
ومن جانبه قال الدكتور محمد صادق إسماعيل، أستاذ العلوم السياسية ومدير المركز العربي للدراسات السياسية والإفريقية، القمة العربية الإسلامية في قطر، عُقدت في ظل الأحداث المتسارعة التي شهدتها المنطقة مؤخرًا، وعلى خلفية الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الدول العربية، وآخرها استهداف مقر البعثة التفاوضية لحركة "حماس" في العاصمة القطرية، الدوحة، يوم الثلاثاء الماضي.
وأكد في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن كلمة الرئيس كانت ذات أهمية كبيرة، إذ عبّرت بشكل واضح عن الموقف العربي والمصري إزاء ما يجري في الأراضي الفلسطينية، وتحديدًا في قطاع غزة، مشيرا إلى الكلمة شددت على ضرورة رفض أي مساس بحق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم، ورفض محاولات تهجيرهم خارج وطنهم.
وأضاف أن الكلمة أوضحت أن استمرار العدوان العسكري لن يؤدي إلى حل القضية الفلسطينية، وأن الحل الحقيقي يكمن في اتباع مسار سياسي منضبط وفعّال، موضحا أنه تناولت أهمية الدور الأمريكي، وضرورة أن تلعب الولايات المتحدة دورًا سياسيًا داعمًا ومؤثرًا في العملية التفاوضية.
وأشار إلى أن الرئيس السيسي أكد أيضًا على أهمية الحفاظ على سيادة الدول وسلامة أراضيها، وهو ما يصب في إطار حماية الأمن القومي العربي بشكل عام، إلى جانب ضرورة حماية جميع الدول المتضررة من هذا الصراع.
وجود أداة ردع فعالة
وقال الدكتور رامي عاشور، خبير العلاقات الدولية، إن كلمة تناولت الرئيس التحديات الراهنة في المنطقة العربية والشرق الأوسط من منطلق وجود تهديد حقيقي وفعلي للسيادة العربية من الجانب الإسرائيلي، خاصة في أعقاب الهجمات الأخيرة على قطر وتصاعد العمليات العسكرية في قطاع غزة، موضحا أن الرئيس السيسي عبر عن رغبته في منع تكرار مثل هذه التهديدات، عبر الدعوة إلى وجود أداة ردع فعالة، حيث أشار إلى ذلك ضمنًا.
وأوضح "عاشور"، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الرئيس السيسي منذ توليه الحكم في مصر، كان من أوائل من نادوا بتشكيل قوة عربية مشتركة، لمواجهة التهديدات، والتي كانت آنذاك متمثلة في الإرهاب، مؤكدا أنه كلمته تمحورت حول ضرورة إيجاد آلية ردع فاعلة تجاه إسرائيل، للحد من تماديها في انتهاك السيادة العربية، لأن استمرار هذا النهج الإسرائيلي قد يؤدي إلى دفع أكثر من دولة عربية ثمن تلك السياسات في المستقبل القريب.
وأكد أستاذ العلاقات الدولية أن الرئيس وجه عدة رسائل إلى إسرائيل، وكانت مركّزة بشكل خاص على الشعب الإسرائيلي، أكثر من كونها موجهة إلى الحكومة، والهدف منها هو توعية الداخل الإسرائيلي بخطورة الممارسات التي ينتهجها اليمين المتطرف، والتي أضرّت كثيرًا بصورة إسرائيل، وبددت الجهود التي بُذلت في السنوات الماضية لبناء السلام.
وأشار إلى أن السياسات المتطرفة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية الحالية تسببت في عزلة متزايدة لإسرائيل، وقد تؤدي إلى زيادة أعدائها في المنطقة، سواء من سوريا أو لبنان أو فلسطين أو حتى من دول مثل قطر، وغيرها، موضحا أن هذا العدوان المستمر يعقّد المشهد الإقليمي أكثر.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية أن الرئيس بعث برسائل واضحة لإسرائيل، موضحا أن الاحتلال يتجاوز كل الخطوط الحمراء في ظل دعم أمريكي مطلق، وما لم يتخذ موقفًا موحدًا لوقف هذا العدوان سيظل يتصاعد.