إسرائيل على شفا الانهيار.. حرب بلا نهاية تُعجّل بزوالها
في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي القصير نسبيًا، الذي قام على أنقاض الشعب الفلسطيني، درجت الحكومات المتعاقبة على خوض حروبا خاطفة لا تتجاوز أيامًا أو أسابيع، تفاديًا للخسائر الاقتصادية والبشرية، غير أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وبعد أكثر من سبعين عامًا على قيام الكيان، كسر هذه المعادلة عبر حربه المستمرة في قطاع غزة، التي يسعى لأن تكون حربًا بلا نهاية.
فعلى مدى نحو عامين، يتمسك نتنياهو بمواصلة حربه على القطاع تحت ذرائع واهية، رغم أن الحرب استنفدت أهدافها المزعومة، وذلك بدوافع شخصية بحتة، متجاهلًا الأبعاد السياسية والاقتصادية، فضلًا عن انعكاساتها على تماسك الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وتؤكد النخب السياسية والعسكرية المعارضة في الداخل الإسرائيلي أن ما يعني نتنياهو هو فقط بقاء حكومته اليمينية المتطرفة.
وقد عبّر عن ذلك زعيم المعارضة يائير لابيد، قائلًا: إن ما يهم نتنياهو والمقربين منه هو البقاء السياسي وإحداث الفوضى داخل "إسرائيل".
وفي أحدث ممارساته السياسية المثيرة للجدل، شن نتنياهو مؤخرًا هجومًا استهدف وفد حركة حماس المفاوض في العاصمة القطرية الدوحة، وهو ما عُدّ اعتداءً على الوسيط، وقرارًا سياسيًا بدفن الأسرى أحياء، تواكب مع قرار عسكري موازٍ تمثل في تصعيد عمليات الإبادة والعدوان على قطاع غزة، لا سيما مدينة غزة.
ومن جانبه، أكد الدكتور نزار نزال، المحلل السياسي الفلسطيني وخبير الشؤون الإسرائيلية، أن حالة من القلق الكبير تسود بين ذوي الأسرى الإسرائيليين في الداخل العبري، على خلفية العمليات العسكرية المتواصلة في قطاع غزة، والخشية من فقدان حياتهم في ظل التصعيد العسكري المتسارع.
وأوضح نزال، في حديثه لـ"دار الهلال"، أن الشارع الإسرائيلي اعتاد على صمت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والتعامل مع ملف الأسرى باعتباره قضية ثانوية أو حتى مهملة، وهو ما يفاقم القلق داخل المجتمع الإسرائيلي بشأن مصير المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.
وبشأن استمرار الحرب رغم عدم اكتراث نتنياهو بمصير الأسرى، أشار نزال إلى أن حركة حماس، ما زالت تقاتل منذ 23 شهرًا، في حين يسعى نتنياهو إلى تنفيذ مشروع يقوم على احتلال كامل جغرافيا قطاع غزة، وإخضاع ما يتبقى من سكانه لاحتلال عسكري مباشر.
وأضاف أن ملف الأسرى تحول إلى أحد أسباب إطالة أمد الحرب، لكن نتنياهو يتعامل معه كذريعة لتبرير استمرار العدوان، ضمن مخطط أشمل يستهدف تهجير السكان الفلسطينيين وإعادة الاستيطان إلى غزة.
وفي ما يتعلق بمآلات الحرب، أكد نزال أنه لا يمكن التنبؤ بنتائج العدوان على القطاع، لكن الأمم والشعوب لا تموت، والفلسطينيون لا يملكون خيارًا سوى القتال حتى النهاية.
وأضاف: "أعتقد أن لعنة غزة ستصيب العالم بأسره، وقد تكون سببًا في تصدع هذا الكيان واختلال توازنه"، مشيرًا إلى أن هناك نخبًا سياسية إسرائيلية علمانية وليبرالية وديمقراطية تحذر من أن سياسة نتنياهو قد تقود إسرائيل نحو الهاوية، في ظل حرب مفتوحة وجرائم قتل غير مسبوقة، يقابلها صمت غربي وضعف عربي واضح.
واختتم نزال بالقول إن إسرائيل تسير نحو مرحلة حاسمة: إما أن تتحول إلى كيان أكبر يسيطر على مساحة أوسع من الشرق الأوسط، أو أن تخضع لعملية تصدع قد تقودها إلى الانهيار.