رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


دراسة: ارتفاع درجة الحرارة يهدد التنوع البيولوجي ومخزون الأسماك في البحر الأبيض المتوسط

21-9-2025 | 11:22


ارتفاع درجة الحرارة

دار الهلال

 كشفت أرقام شركة "ميركاتور أوشن إنترناشونال" التي تشغل خدمة كوبرنيكوس البحرية أن ارتفاع درجة حرارة البحار وتحمضها وارتفاع منسوب مياهها يهدد التنوع البيولوجي ومخزون الأسماك والنظم البيئية الساحلية الرئيسية في البحر الأبيض المتوسط.


وأظهرت هذه الأرقام - حسبما ذكرت شبكة "يرونيوز" الإخبارية في نشرتها الفرنسية اليوم /الأحد/ أن البحر الأبيض المتوسط سجل أعلى درجات حرارة له في شهر يوليو الماضي حيث بلغ متوسط درجات حرارة سطح البحر 68ر26 درجة مئوية.


وأفادت تلك الأرقام بـأن الاحترار الواسع النطاق أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة في 95% من حوض البحر الأبيض المتوسط ​​فوق المتوسط، حيث تجاوز 63% من الحوض المتوسط ​​طويل الأمد بدرجة واحدة على الأقل، و40% منه بدرجتين على الأقل .


وكان غرب البحر الأبيض المتوسط ​​الأكثر تضررا من هذه "الشذوذات الشديدة" المحددة.


وأظهرت دراسة جديدة مدى خطورة ارتفاع درجات حرارة البحر في المنطقة ، وقد أجرى خبراء من مركز "جيومار هيلمهولتز" لأبحاث المحيطات في /كيل/ بألمانيا (وهو معهد أبحاث يركز على دراسة المحيطات من نواحٍ مختلفة مثل ديناميكيات المناخ، علم البيئة البحرية، والكيمياء الحيوية الجيولوجية) ونشرت في مجلة "التقارير العلمية"، تحليلا تلويا لـ 131 دراسة علمية حول البحر الأبيض المتوسط .


وأظهرت نتائج الدراسة أن حتى الاحترار المعتدل الإضافي - 8ر0 درجة مئوية فقط فوق المستويات الحالية - قد يسبب ضررا لا رجعة فيه للتنوع البيولوجي البحري، وتجمعات الأسماك، والموائل الساحلية المعرضة للخطر .


والبحر الأبيض المتوسط، مثل بحر البلطيق أو البحر الأسود، هو مسطح مائي شبه مغلق، لا يتصل بالمحيط العالمي إلا عبر مضيق جبل طارق. ونتيجةً لذلك، ترتفع درجة حرارته وتزداد حموضة مياهه بشكل أسرع من المحيط المفتوح.


وارتفعت درجة حرارة مياهه بمقدار 3ر1 درجة مئوية بين عامي 1982 و2019، أي أسرع بثلاث مرات من متوسط ​​درجة حرارة المحيطات العالمية. وقد صنفت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) البحر الأبيض المتوسط ​​كنقطة ساخنة لتغير المناخ.


كما أنه من أهم مناطق العالم للتنوع البيولوجي البحري، حيث يضم أكثر من 17 الف نوع بحري وتتواجد العديد من هذه الأنواع فقط في البحر الأبيض المتوسط، مما يجعله نقطة ساخنة رئيسية للتنوع البيولوجي.


ويعد الاحترار الناجم عن تغير المناخ، إلى جانب عوامل ضغط أخرى كالصيد الجائر والتلوث وتدمير الموائل، عاملا رئيسيا يهدد الموائل البحرية والساحلية في المنطقة.


من جانبه، صرح الدكتور "عبد الرحمن حسون" عالم المحيطات الجيوكيميائي الحيوي في مركز "جيومار هيلمهولتز" لأبحاث المحيطات في /كيل/ بأن "عواقب الاحترار ليست مجرد توقعات مستقبلية، بل هي أضرار جسيمة نلاحظها الآن". وتشهد أنواع العوالق تغيرات بالفعل، كما تزداد وتيرة انتشار الطحالب السامة والبكتيريا.


وأضاف "حسون" أن "الارتفاعات المستمرة في درجات الحرارة ومستوى سطح البحر وتحمض المحيطات تسبب مخاطر بيئية جسيمة في البحر الأبيض المتوسط ​​وما حوله".


واستخدم الباحثون إطار عمل "الجمرة المشتعلة" التابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهو أداة بصرية مرمزة بالألوان تبيِن كيفية تزايد المخاطر مع كل درجة من الاحترار، لتقييم التهديدات التي تواجهها النظم البيئية البحرية والساحلية في البحر الأبيض المتوسط.


وتظهر الأداة البصرية أنه حتى الاحترار الإضافي المعتدل قد يسبب أضرارا لا رجعة فيها للنظم البيئية في البحر الأبيض المتوسط.


وفي عالم يقتصر فيه الاحتباس الحراري على ما بين 6ر0 و3ر1 درجة مئوية بحلول عام 2100، قد تختفي أنواع من النباتات البحرية تماما، كما ستنخفض أعداد بعض أنواع الطحالب، بينما قد تزداد أعداد أنواع الطحالب التي تحب الحرارة.


ومع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 8ر0 درجة مئوية، قد تنخفض مخزونات الأسماك بنسبة 30 إلى 40%، متجهة شمالا ومفسحة المجال لأنواع غازية مثل سمك الأسد، مما يهدد التنوع البيولوجي. وتتميز الشعاب المرجانية بقدرة أكبر على الصمود مقارنة بالنظم البيئية الأخرى، ولكن إذا وصل الاحتباس الحراري إلى 1ر3 درجة مئوية، فإنها أيضا معرضة لخطر معتدل من تغير المناخ.


وتعد النظم البيئية الساحلية عرضة للخطر بشكل خاص نتيجة للآثار المجتمعة للاحتباس الحراري وارتفاع مستوى سطح البحر. ويهدد تآكل السواحل مواقع تعشيش السلاحف البحرية، حيث يواجه أكثر من 60% منها خطر الضياع.


وعند ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 8ر0 درجة مئوية، يزداد هذا الخطر بشكل كبير، وتصبح الشواطئ الرملية والكثبان الرملية أكثر عرضة للخطر.


من جانبها، قالت الدكتورة "مريم مجتهد" أستاذة علم المحيطات القديمة بجامعة /أنجيه/ ومختبر علم الكواكب وعلوم الأرض في فرنسا "إننا وجدنا أن النظم البيئية المتوسطية متنوعة بشكل ملحوظ في كيفية استجابتها للضغوط المرتبطة بالمناخ.

بعضها أكثر مرونة من غيرها، ولكن لا يوجد أي منها محصن ضد التغيرات المناخية".


وأضافت "مجتهد" أن الدراسة تظهر أنه حتى الزيادات الطفيفة نسبيا في درجات الحرارة وغيرها من عوامل الضغط المرتبطة بتغير المناخ يمكن أن تحدث تأثيرا كبيرا.. مشيرة إلى أن "التدابير الصارمة لحماية المناخ وحدها هي القادرة على إبقاء المخاطر عند مستوى يسمح للأنظمة البيئية بالتكيف معه."


يذكر أن خدمة كوبرنيكوس البحرية هي جزء من برنامج كوبرنيكوس التابع للاتحاد الأوروبي، وتوفر بيانات ومعلومات مجانية ومفتوحة المصدر حول المحيط العالمي والإقليمي. وتهدف الخدمة إلى دعم قطاعات متنوعة مثل السلامة البحرية ومراقبة البيئة الساحلية والملاحة والصيد وتغير المناخ من خلال تقديم بيانات علمية من الأقمار الصناعية والقياسات الميدانية والنماذج العددية لتوفير نظرة شاملة عن حالة المحيط.