رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


صاحبة "وعد بلفور" تعترف بالدولة الفلسطينية.. ما أهمية قرار بريطانيا ودلالاته؟

22-9-2025 | 15:32


بريطانيا تعترف بالدولة الفلسطينية

أماني محمد

جاء القرار البريطاني، أمس، بالاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية ليمثل محطة تاريخية لدعم القضية الفلسطينية، وذلك لأن بريطانيا تاريخيًا هي التي بدأت بمنحها وعد بلفور في عام 1917 لليهود بإقامة دولتهم في فلسطين، لتشيد عدة دول بالعالم بالقرار البريطاني أمس، فيما وصفت السلطة الفلسطينية هذا الحدث باليوم التاريخي، شاكرة أيضا كل من أستراليا والبرتغال وكندا على اتخاذهم نفس الخطوة.

وأدرجت الحكومة البريطانية الدولة الفلسطينية في خرائطها الرسمية على مختلف منصاتها الإلكترونية، بدلا من ذكر "الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وذلك إثر إعلان رئيس الوزراء كير ستارمر الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، في خطوة تزامنت مع اعتراف مماثل من قبل كندا وأستراليا.

فيما قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إنه في مواجهة الرعب المتزايد في الشرق الأوسط، نعمل من أجل الحفاظ على إمكانية السلام وحل الدولتين".

 

دلالات سياسية ودبلوماسية

ويقول الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن هذه خطوة مهمة تعكس موجة متزايدة من الاعتراف الدولي والأوروبي بدولة فلسطين، وهو أمر بالغ الأهمية سياسيًا ودبلوماسيًا، موضحا أن نحو عشر دول جديدة تتجه للاعتراف بالدولة الفلسطينية، إضافة إلى عدد من الدول التي سبق أن أعلنت اعترافها ليتجاوز إجمالي الدول التي تعترف رسميًا بالدولة الفلسطينية عن أكثر من 150 دولة.

وأضاف في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذا يعني أن نحو 80% من الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعددها 193 دولة، باتت تعترف بفلسطين، وهو ما يمثل أغلبية ساحقة، مؤكدا أن بعض هذه الدول من بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ومنها فرنسا وبريطانيا، ما يضيف ثقلًا سياسيًا كبيرًا لهذا التحول في نظرة المجتمع الدولي إلى القضية الفلسطينية، ودعمه الواضح لحل الدولتين.

وقال إن بريطانيا لها رمزية خاصة في هذا السياق، فهي كانت سببًا مباشرًا في أزمة القضية الفلسطينية من خلال "وعد بلفور" عام 1917، الذي أسفر لاحقًا عن إقامة دولة إسرائيل عام 1948، مؤكدا أن اعتراف بريطانيا المحتمل بدولة فلسطينية يُعد تحولًا نحو موقف أكثر توازنًا.

وأكد أن موجة الاعتراف المتنامية بدولة فلسطين من قبل المجتمع الدولي، وخاصة من دول الاتحاد الأوروبي والدول ذات التأثير العالمي، ستؤدي إلى نتائج سياسية ودبلوماسية مهمة تُسهم في تسهيل قيام الدولة الفلسطينية، موضحا أنه من المؤشرات البارزة على هذا التوجه، رفع العلم الفلسطيني مؤخرًا على مبنى السفارة الفلسطينية في لندن، وهو تطور ذو دلالة قوية.

وشدد على أن الحديث عن حل الدولتين، والمؤتمر المزمع في نيويورك، مساء اليوم، في جوهره يعني الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لها، مشيرا إلى أن هذا الحل يُعتبر الركيزة الأساسية لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

وأكد أن انعقاد مؤتمر دولي لدعم حل الدولتين في الوقت الراهن، واعتراف عشر دول جديدة بفلسطين خلاله، يعكس بوضوح أن إسرائيل باتت في موقف دولي صعب، إن لم تكن معزولة ومنبوذة دوليا، مشيرا إلى أن هناك موقف دولي قوي، سياسيًا ودبلوماسيًا، يُطالب بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية.

ولفت إلى أن هذا الحراك الدولي يُظهر أن أغلب دول العالم باتت تؤمن بأن حل الدولتين هو السبيل لتحقيق السلام، وأن استمرار غياب الحل يؤدي إلى زعزعة الاستقرار ليس فقط بين فلسطين وإسرائيل، بل في الشرق الأوسط بأكمله، مع تداعيات سلبية تمتد إلى الاقتصاد والأمن العالميين.

وأضاف أن العالم أدرك كيف أثرت الأوضاع المتوترة، مثل ما حدث في البحر الأحمر، على التجارة الدولية والاقتصاد العالمي، وهذا يفسر لماذا أصبح المجتمع الدولي اليوم أكثر اتحادًا حول هذه القضية، إدراكًا منه أن التهديدات تمس الجميع، وأن الاستقرار لا يمكن أن يتحقق دون حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.

 

مسؤولية بريطانية تاريخية

ويقول أحمد فؤاد أنور، خبير الشؤون الإسرائيلية، إن بريطانيا تاريخيًا تتحمل جزء من المسؤولية عن احتلال فلسطين، حينما صدر "وعد بلفور" في الثاني من نوفمبر عام 1917، وكان وعد من لا يملك لمن لا يستحق، حيث قدّمه آرثر بلفور، وزير خارجية بريطانيا آنذاك، مانحًا أرض فلسطين للصهاينة دون أن يرى هذه الأرض أو يمتلك أي حق في التصرف بها.

وأوضح أنور، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن خطوة اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين ذات دلالة رمزية كبيرة على المستوى الإسرائيلي الداخلي، فهي الدولة التي شاركت في تأسيس إسرائيل، وشاركت أيضًا في العدوان الثلاثي عام 1956، كما دعمت العمليات في غزة، سواء عبر الطائرات، أو بالتجسس، أو بدعم الحملات الأمريكية، وربما هناك أدوار أخرى لم يُكشف عنها بعد، سواء في إسرائيل أو إيران أو لبنان أو حتى اليمن.

وأكد أنه في الوقت الحالي، تشهد إسرائيل حالة من الضعف والتفكك غير المسبوق، وهناك من يُحمّل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مسؤولية هذا الوضع، بينما يُلقي آخرون باللوم على التيار الصهيوني الديني، خصوصًا بعد التصريحات المتطرفة التي دعت إلى ضرب غزة بالقنبلة النووية، موضحا أنه تثار الآن تساؤلات: هل ستذهب بريطانيا فعلًا نحو خطوات جادة؟ وهل سيكون لها دور في حل الأزمة بدلًا من تفجيرها؟.

وأشار إلى أن هناك موجة اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية، وهناك تحركات مهمة تجري في نيويورك، وهذه التحركات تُعيد إحياء مبدأ "حل الدولتين"، القائم على "الأرض مقابل السلام"، موضحا أن بريطانيا، فرنسا، ونحو 160 دولة حول العالم تعترف بدولة فلسطين، باعتبارها تضم أرضًا وشعبًا وحكومة.

وأشار إلى أن الأرض هي القضية الأساسية، وعلى الدول الـ160 أن تُترجم اعترافها برفض الاحتلال وضم الأراضي الفلسطينية لسيادة الاحتلال، مضيفا أنه من الناحية السياسية والثقافية، بدأت مؤسسات دولية تتخذ خطوات حاسمة، فالاتحاد الأوروبي لكرة القدم، على سبيل المثال، قرر منع مشاركة الفرق الإسرائيلية في مسابقاته، كما أن إسرائيل طُردت من الاتحاد الآسيوي عام 1976، وهي الآن تُقصى من أوروبا أيضًا.

وأكد أن الإعلام الإسرائيلي بات يهاجم بريطانيا بشكل غير مسبوق، وهناك أصوات مؤثرة داخل إسرائيل تُقرّ بأن المشكلة ليست مع حماس أو غزة أو العرب فقط، بل مع الآخر بشكل عام.