أبو النور: مطالب الشعب الإيراني لن تتحقق إلا بإسقاط النظام الحالي
خبير سياسي: مطالب
المتظاهرين الإيرانيين تعكس رغبة حقيقية في التغيير
خبير علاقات دولية: النظام الإيراني يشعر أنه في موقف قوة
أكد خبراء بالشأن الإيراني أن مطالب المحتجين السياسية التي أعلنوا عنها تعكس
رغبة حقيقية في التغيير وأنها لن تجد قبولا لدى النظام الحاكم باعتبارها تغييرا
لهويته وأيديولوجيته القائم عليه، موضحين أن تغيير النظام هو شرط لتحقيق هذه
المطالب على أرض الواقع وأن نظام المرشد الحاكم لن يقدم سوى إصلاحات اقتصادية.
ويرفع المحتجون الإيرانيون
تسعة مطالب منها الاستفتاء العام حول شكل النظام المستقبلي والذي يريدون تغييره إلى
نظام جمهوري، وتقويض أيديولوجية نظام ولاية الفقيه، وإلغاء الحجاب القسري وإقرار مبدأ
حرية اختيار النساء لمظهرهن وملابسهن، وحرية وسائل الإعلام وإلغاء الرقابة عليها، وفصل
الدين عن السياسة والدولة وإبعاد المؤسسات الدينية والحوزات عن السياسة وإدارة شؤون
الدولة وتسليمها للتكنوقراط.
وطالبوا ألا يخضع القضاء
لأية سلطة وتحقيق قضاء مستقل وعادل ونزيه، والتوزيع العادل للثروة وخطط للتنمية والقضاء
على الفقر والبطالة والحرمان، وانتخابات حرة ونزيهة وشفافة وبإشراف دولي، والمساواة
بين المرأة والرجل وإلغاء كافة أشكال التمييز والعنف والقصاء ضد المرأة في كافة المجالات.
إسقاط النظام شرط
الدكتور محمد محسن أبو
النور، الخبير في الشئون الإيرانية، قال إن المطالب التسعة التي رفعها المتظاهرون
الإيرانيون صعب تحقيقها، مضيفا أن النظام الحاكم في إيران قائم على مجموعة من
الأسس والقواعد الدينية والعقائدية.
وأوضح في تصريح
لـ"الهلال اليوم" أن هذه المطالب هي مطالبة بتغيير الحقائق وطبيعة
النظام ويستحيل عليه أن يغير هويته القائمة على المرجعية الدينية إلى طبيعة مغايرة
فلا يمكن أن يتحول رجل دين إلى علماني، مضيفا أن المتظاهرين لو أرادوا تنفيذ هذه
المطالب فعليهم إسقاط النظام والإتيان بنظام جديد يتولى تنفيذ هذه المطالب.
وأشار أبو النور إلى أن
النظام الحالي لا يمكن أن يقدم أكثر من إصلاحات اقتصادية مثل تغيير الموازنة التي
كانت سببا في الاحتجاجات، مضيفا أن الموازنة الجديدة تخرج 34 مليون نسمة من الدعم
المالي فيما تقلص دعم النفط بنحو 50% وهو ما أدى لانتفاضة الشعب ضدها ولذلك فإن
النظام يمكن أن يقوم بتغييرها أو يرفض البرلمان إقرارها لاسترضاء المحتجين.
وأكد أن حالة القمع التي
يقوم بها الحرس الثوري واعتقال وقتل المحتجين تزيد من الاحتقان وأعداد المتظاهرين
لأن الشعب الإيراني من الصعب قمعه، مضيفا أن كل التعاملات القمعية تزيد من إصرار
المحتجين وترفع سقف المطالب ويتمسك بتنفيذها بشكل أكبر.
رغبة حقيقية في التغيير
وقال الدكتور بشير عبد
الفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن المطالب التسعة
التي رفعها المتظاهرون الإيرانيون تعكس رغبتهم الحقيقية في التغيير بعدما أيقن
الشعب الإيراني أن النظام الحاكم لن يلبي تطلعاته ولن يمنحه حقوقه المهدرة بعدما
اندلعت الاحتجاجات لأسباب اقتصادية وقوبلت بقمع شديد من قبل الحرس الثوري.
وأضاف في تصريح لـ"الهلال
اليوم" أن النظام الحاكم في إيران لن يقبل بهذه المطالب وسيحاول قمعها بكل
السبل والقضاء عليها، موضحا أن تمسك المحتجين بهذه المطالب يجعل من الصعب قمعها وأن
هذا ينذر بتصعيد في المرحلة المقبلة لن ينجح معه إجراء إصلاحات اقتصادية لأن الأمر
وصل لمرحلة لا يمكن الرجوع فيها.
وأوضح عبد الفتاح أن
الاحتجاجات تشهد حالة من الزخم إذا تلاحمت الجماهير فإنه سيؤدي إلى ضغط كبير على
النظام والرئيس الإيراني حسن روحاني، مشيرا إلى أن الشهر الحالي تحل ذكرى الثورة
الإيرانية ضد نظام شاه إيران وهذا يؤدي لضغط كبير على النظام وتغذي الرغبة لدى
المواطنين في التغيير.
وأكد أن الحرس الثوري مستمر
في مواجهة المحتجين بالرصاص والقمع والاعتقال والأمور متجهة للتصعيد، قائلا إن
رصاصة الانتفاضة أطلقت ولن تمر مرورا هادئا إذا لم يحدث توافق لأن السلطة لم
تتفاوض مع المتظاهرين إنما تنفذ حملات للقمع.
إصلاحات اقتصادية
واتفق معه الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، قائلا إن النظام
الإيراني من المستحيل أن يستجيب للمطالب التسعة التي رفعها المتظاهرون والتي تهدف
بشكل أساسي إلى تغيير طبيعته الأيديولوجية والفكرية، مضيفا أن كل ما يمكن أن يقدمه
النظام الحاكم في طهران هو مزيد من الاستثمارات في البنية التحتية والمناطق
الفقيرة.
وأضاف في تصريح لـ"الهلال اليوم" أن النظام يمكن أن يتراجع بعض
الشيء بخطوات للإصلاح الاقتصادي ويقلص الإنفاق الخارجي على الحرس الثوري والمؤسسات
الدينية والجامعات التي تحصل على نحو 90% من الميزانية المخصصة للتعليم، موضحا أن
رجال الدين والحرس الثوري يستحوذون وحدهم على نحو 45% من إجمالي الناتج القومي
لإيران.
وأوضح سمير أن إيران دولة غنية بالنفط والغاز والاتفاق النووي (5+1) ورفع
العقوبات رفع تصديرها للبترول يوميا إلى 4 مليون برميل نفط، مضيفا أن فكرة تغيير
نظام ولاية الفقيه أو الحجاب القسري أو رحيل الخوميني عن الحكم هو أمر لن يقابل
باستجابة من النظام وخاصة أنه لا يشعر أنه في موقف ضعف إنما في موقف قوة وأنه سحق
التمرد.
وأكد أن النظام يرى أنه في موقف لا يسمح له بإملاء الشروط عليه وخاصة أن المجتمع
الدولي لم يطالب برحيله وأن جوهر التظاهرات في الأساس كان لأسباب اقتصادية
وبالتالي فإن إجراء إصلاحات في هذا الإطار ستكون مرضية لقطاع كبير من المتظاهرين،
مشيرا إلى أن المطالب السياسية لن تهم جموع الشعب وخاصة انهم أيدوا روحاني في
الانتخابات بناء على وعوده لكن عدم تنفيذ هذه الوعود جعلهم ينتفضون.