رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


اتفاق وشيك فى غزة.. سياسيون يوضحون ملامح الخطة الأمريكية لوقف الحرب وموقف الاحتلال

29-9-2025 | 13:32


الحرب على غزة

أماني محمد

مقترح جديد بشأن وقف الحرب على غزة، أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معربًا عن تفاؤله بشأن إتمامه لينهي حرب الإبادة الإسرائيلية، وسط حالة من الترقب الحذر لما ستسفر عنه الساعات القادمة خاصة مع اللقاء المرتقب بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض مساء اليوم.

وتتكون الخطة الأمريكية من 21 بندًا لوقف الحرب على غزة، أعرب أطراف أمريكيون على رأسهم ترامب عن تفاؤلهم بإتمامها والاتفاق بشأنها، حيث قال الرئيس الأمريكي في تصريحات له مساء أمس إنه "لدينا فرصة حقيقية لتحقيق إنجاز عظيم في الشرق الأوسط. الجميع على أهبة الاستعداد لحدث استثنائي، لأول مرة على الإطلاق. سنحققه".

ولم يكشف ترامب عن تفاصيل ذلك الحدث، إلا أن توقعات رجحت أن يكن الأمر له علاقة بخطته بشأن الحرب على غزة، والذي قال عنها في مقابلة لوكالة أكسيوس الأمريكية، أمس، إن المفاوضات بشأنها "في مراحلها النهائية"، مشيرًا إلى أن التوصل إلى اتفاق قد يفتح الطريق أمام سلام أوسع في الشرق الأوسط.

وأكد نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، تفاؤل ترامب، قائلاً إنه "متفائل للغاية"، لكنه حذّر من أن الأمور قد تتغير بسرعة في المفاوضات.

وأوضح فانس في المقابلة لبرنامج "فوكس نيوز صنداي": "أعتقد أن تفاؤل الرئيس مبرر هنا. أشعر بتفاؤل أكبر حيال وضعنا الحالي مقارنةً بأي وقت مضى خلال الأشهر القليلة الماضية، ولكن لنكن واقعيين، فهذه الأمور قد تخرج عن مسارها في اللحظة الأخيرة".

 

ملامح الاتفاق

وتتمثل المبادئ الرئيسية للاتفاق المقترح من الإدارة الأمريكية، إطلاق سراح جميع الأسرى المتبقين خلال 48 ساعة من وقف إطلاق النار، ووقف إطلاق نار دائم، وانسحاب إسرائيلي تدريجي من قطاع غزة بأكمله، وإطلاق سراح نحو 250 سجينًا فلسطينيًا يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد لقتلهم إسرائيليين، ونحو 2000 فلسطيني معتقلين في غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

كذلك تنص على خطة لما بعد الحرب على آلية حكم في غزة بدون حماس، ويشمل ذلك مجلسًا دوليًا وعربيًا يضم ممثلًا عن السلطة الفلسطينية، وحكومة تكنوقراطية من فلسطينيين مستقلين في غزة، فضلا عن وجود قوة أمنية تضم فلسطينيين، بالإضافة إلى جنود من دول عربية وإسلامية، وتمويل من دول عربية وإسلامية للإدارة الجديدة في غزة، ولإعادة إعمار القطاع وتنميته، ومشاركة جزئية للسلطة الفلسطينية في آلية الحكم الجديدة في غزة.

وتنص الخطة على عملية نزع سلاح حماس ونزع سلاح غزة، والتي تشمل تدمير جميع الأسلحة الثقيلة والأنفاق المتبقية، والعفو عن أعضاء حماس الذين يرغبون في البقاء في غزة بشرط نزع السلاح، وتوفير ممر آمن للخروج من القطاع لأعضاء الحركة الذين لا يوافقون على ذلك.

وتنص الخطة على عدم ضم إسرائيل للضفة الغربية، ولا ضم أو احتلال لأجزاء من غزة، والتزام إسرائيلي بعدم مهاجمة قطر مجددًا في المستقبل، فضلا عن مسار مستقبلي موثوق لـ"الدولة الفلسطينية" بعد خضوع السلطة الفلسطينية لإصلاحات جوهرية.

 

خطوط عامة واضحة

ويقول أحمد فؤاد أنور، أستاذ الدراسات العبرية بجامعة الإسكندرية، إن الخطوط العريضة بشأن الخطة الأمريكية تبدو جيدة إلى حد ما، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، موضحا أن الخطة تقضي بوقف تهجير الفلسطينيين بل وإعادة إعمار القطاع المدمر جراء الحرب المستمرة لعامين، كذلك لا تتحدث عن وقف إطلاق نار مؤقت، بل عن إنهاء شامل للحرب.

وأكد "أنور"، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هذا التوجه بدأ فعليًا من داخل الحكومة الإسرائيلية، حيث يوجد من يوافق على إنهاء الحرب، وفي المقابل، هناك من يهدد بإسقاط الحكومة إذا تم اتخاذ مثل هذا القرار، مثل المتطرف بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي، وعلى الطرف الآخر، أعلن وزير الخارجية في الاحتلال جدعون ساعر، وهو زعيم أحد الأحزاب، عن تأييده لإنهاء الحرب.

ولفت إلى أن هناك أيضًا حملة إعلانية ممولة في الصحف الإسرائيلية تعارض القبول بالخطة، ما يدل على أن النقاش حول إنهاء الحرب قد انطلق بالفعل، وإذا كانت هناك إرادة أمريكية حقيقية، فلا يمكن لأي طرف إيقافها أو التنصل منها.

وشدد على أن المشكلة الأساسية لدى الاحتلال تكمن في عدم وجود حسم عسكري ضد حركة حماس، فإسرائيل حاولت أن تروج لفكرة أن الضغط العسكري حقق نتائج، لكن على أرض الواقع، مسألة نزع سلاح المقاومة تبقى العقدة الأهم في المعادلة، مضيفا أنه على الأرجح، فإن النموذج الأقرب قد يكون شبيهًا بالتجربة اللبنانية، وهي وجود حكومة أو إدارة مدنية، مع بقاء سلاح المقاومة، وحديث دائم عن نزع السلاح، لكنه يبقى مجرد أمل أو شعار، إذ لا يمكن تنفيذ ذلك عبر أطراف خارجية، أو عبر ما يُشبه "قوات عربية أو إسلامية".

وأشار إلى أن ملامح المبادرة المطروحة، تم الكشف عن بعض تفاصيلها، مثل منع التهجير، تشكيل إدارة فلسطينية، عدم ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، إعادة الإعمار، وجود قوة أمنية، وغيرها، مضيفا أن كل طرف من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي سيطالب بتعديلات، وستستمر المفاوضات لحسم أسماء الأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم في إطار تبادل الأسرى، وكذلك مصير بعض المجموعات المسلحة، كالميليشيات المحلية، سيكون أيضًا موضوع تفاوض.

وأضاف أن هناك أرضية مشتركة يمكن البناء عليها، خاصة في ظل قدرة الولايات المتحدة على الضغط على الحكومة الإسرائيلية، التي تدرك بدورها أن معركة برية طويلة في غزة ستكون مكلفة للغاية، وأن المجتمع الدولي بات غاضبًا، مشيرا إلى أن هناك تطورات لافتة، مثل إعلان عدة دول أوروبية - إيطاليا، إسبانيا، إرسال قطع بحرية لحماية قوارب المساعدات التي أبحرت باتجاه غزة، في خطوة غير مسبوقة، ما يدل على تغير في المزاج الدولي.

وأكد أن كل هذه المؤشرات تدل على تحول في إدارة الموقف من قِبل الإدارة الأمريكية، ما يجعل فرض رؤية لإنهاء الحرب أمرًا ممكنًا، مع العلم أن التفاصيل لا تزال قيد التفاوض، وكل طرف يسعى لتحسين شروطه وانتزاع مكاسب.

وِشدد على أن هناك فرصة حقيقية لإنهاء هذه الحرب والعدوان على غزة، فيما تم تأجيل بعض القضايا الكبرى، لكن الأساس الذي بات واضحًا هو: إنهاء الحرب، تبادل الأسرى دفعة واحدة، إطلاق عملية إعادة الإعمار، والتعامل مع القضية الفلسطينية ككل، وليس فقط في غزة، وهذه أرضية مناسبة يمكن البناء عليها.

 

ترقب لموقف الاحتلال بعد مباحثات نتنياهو وترامب

ومن جانبه يقول أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن الخطة التي نُشرت، المكونة من 21 بندًا، ما زالت تحمل الكثير من الغموض وتحتاج إلى توضيح، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية تصر على المضي قدمًا في هذه الخطة، حيث التقى ترامب، الأسبوع الماضي، بعدة قيادات عربية وإسلامية وناقش معها تفاصيل المبادرة، فيما قدمت المجموعة العربية بعض التعديلات، واليوم يعتبر يومًا حاسمًا في مناقشة هذه الخطة في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الخطة تحتوي على عدد من المحاور وبها الكثير من الإشكاليات، التي تحتاج إلى حسم، حيث تنص على إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين خلال 48 ساعة، وهو ما تعتبره حركة حماس أمرًا صعب التنفيذ خلال هذه المدة القصيرة، مضيفا أن الخطة تتحدث عن إدارة فلسطينية "منقوصة" لقطاع غزة، مع إشراف دولي، وقد يُطرح دور لتعاون عربي أو حتى دولي.

وأوضح الرقب أنه ذُكرت بعض الدول كمقترح، لكن بغض النظر عن هذه التفاصيل، فمن الحكمة في ظل هذا الوضع المعقد والكارثي ضد الشعب الفلسطيني أن تعلن حركة حماس موافقتها على الخطة، لأن من سيُفشل هذه الخطة فعليًا في الغالب إن حدث ذلك، سيكون الطرف الإسرائيلي، مؤكدا أنه يجب التعامل مع هذه الفرصة بذكاء، لا أن نكون نحن سببًا في إفشالها، خاصةً في ظل الدماء التي تُسفك يوميًا في غزة، والشعب الذي يُقتل لمجرد دفاعه عن كرامته ووجوده وتمسكه بأرضه.

وأكد أن حركة حماس تدرك جيدًا حجم المتغيرات، وتعلم أنها بحاجة إلى اتخاذ موقف أكثر وضوحًا وثباتًا، مشددًا على أهمية تجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة، وخاصة أنه أمام حماس خيارات عديدة، لكنها جميعًا صعبة، وعليها أن تختار أقلها ضررًا.

ولفت إلى أنه يمكن للمجموعة العربية والإسلامية التي التقت مع المسؤولين الأمريكيين أن تستكمل هذه المبادرة، وربما تتولى مسؤولية إدارة القطاع في وقت لاحق بعد وقف الحرب، مشيرا إلى أنه على حماس أن تدرس احتمالية تسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية، أو على الأقل قبول مبدأ "وحدانية السلاح"، وهذه قرارات مؤلمة، لكنها قد تكون الأقل سوءًا في هذا الظرف المعقد في غزة والمنطقة عمومًا.

وأكد أيمن الرقب أن ترامب إذا أراد يمكنه أن يفعل يضغط على إدارة الاحتلال الإسرائيلي، للقبول بالخطة وعدم إفشالها كما حصل في مرات سابقة، مشيرا إلى أن هناك تجربة سابقة في يوليو الماضي، وكانت الآمال معلقة في أن تنجح واشنطن في وقف الحرب الإسرائيلية على إيران، خصوصًا بعد زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية حينها، لكن تلك الآمال ذهبت أدراج الرياح وتوسعت العمليات العسكرية.

وشدد على أن كل شيء يتوقف على اللقاء المرتقب بين ترامب ونتنياهو، الليلة في البيت الأبيض، فرئيس الوزراء الإسرائيلي قد يُلغي الخطة أو يقنع ترامب بأهمية استمرار الحرب على غزة، بحجة أنهم باتوا قريبين من تحقيق النصر، كما حدث في وقت سابق، مضيفا أن جزء كبير من الإدارة الأمريكية الحالية يميل إلى دعم الاحتلال بشكل واضح، ولا يُستبعد أن ينجح نتنياهو في التأثير عليهم.

وأكد أنه رغم ذلك يملك ترامب أدوات ضغط حقيقية؛ فإسرائيل لا تستطيع الاستمرار من دون الدعم الأمريكي، المسألة الآن ليست في الأدوات، بل في وجود الإرادة والرغبة الحقيقية في إنهاء الحرب، وهذا ما سيتضح في الساعات القليلة القادمة.